العين الدولية ترصد جهوزية الحكومة للايـفاء بتعهداتها… وتحذير من المحاصصات

يُنتظر هذا الاسبوع أن تتبلور أكثر فأكثر وجهة العمل الحكومي، وتحديد الملفات الأكثر ضرورة وإلحاحاً، والمسارات التي ستسلكها المعالجات، لتلبّي ما يتوق اليه اللبنانيون من خطوات علاجية سريعة وملموسة، تعيد إليهم اطمئنانهم المفقود. فيما عاد ملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، ليتقدّم الى صدارة المشهد الداخلي، كنقطة تجاذب سياسية – قضائية مفتوحة على شتى الاحتمالات.

والجديد في هذا الملف، مبادرة محكمة الاستئناف الى ردّ دعاوى كفّ يد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار المقدمة من النواب نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر، وذلك لعدم اختصاصها النّوعي. والمعلوم ان هذا القرار كان متوقعاً، خصوصاً انّ سابقة من هذا النوع حصلت في العام 2007، أكدت في حينه محكمة الاسئتناف في بيروت عدم اختصاصها النّوعي لرد المحقق العدلي.

معركة مفتوحة

على ان قرار محكمة الاستئناف برد دعاوى ردّ المحقق العدلي، يتيح للقاضي البيطار ان يستكمل تحقيقاته واستجواباته في انفجار المرفأ، من دون ان تستبعد مصادر مواكبة لملف التحقيقات ان يشهد التحقيق تزخيماً، وربما خطوات قضائية نوعيّة قد تتخذ خلال الفترة الفاصلة من الآن وحتى بدء عقد الانعقاد الثاني للمجلس النيابي الذي يبدأ اعتباراً من يوم الثلاثاء 19 تشرين الاول الجاري، اي بعد نحو اسبوعين.

وقالت المصادر انّ التحقيق العدلي في سباق مع مهلة الاسبوعين، لقطع الطريق على النواب المدعى عليهم الذين يتسلحون بنص المادة 40 من الدستور التي لا تجيز أثناء دور الانعقاد اتخاذ اجراءات جزائية نحو اي عضو من اعضاء مجلس النواب او القاء القبض عليه اذا اقترف جرماً جزائياً الا بإذن المجلس، ما خلا حالة التلبّس بالجرم (الجرم المشهود).

ويُشار في هذا السياق الى ان الامانة العامة لمجلس النواب رفضت الشهر الماضي مذكرات تبليغ أرسلها القاضي البيطار لاستجواب النوّاب المشنوق والخليل وزعيتر كوزراء سابقين، على اعتبار ان ذلك ليس من صلاحية القضاء العدلي بل من صلاحية المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.

وعلى ما تؤكد مصادر قضائية لـ»الجمهورية» انّ البديهي، وبعد قرار محكمة الاستئناف، ان يتابع المحقق العدلي تحقيقاته ويحدّد جلسات استجواب جديدة للمدعى عليهم من دون اي عائق قانوني، الا إذا برز تطوّر نوعي في الايام المقبلة، تَمثّلَ في اتخاذ محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي رندى الكفوري قراراً بوَقف المحقق العدلي عن السير في التحقيق، ربطاً بدعوى الوزير السابق يوسف فنيانوس بنقل ملف التحقيق من يد القاضي البيطار للارتياب المشروع، علماً انّ فنيانوس كان قد تقدّمَ بالأمس بدعوى جديدة امام محكمة التمييز ضد القاضي البيطار، متهماً إيّاه بتزوير ادعائه على القاضي غسان الخوري.

وفي هذا السياق، تحدثت معلومات عن أنّ الوزراء السابقين نهاد المشنوق وعلي حسن خليل وغازي زعيتر قد يبادرون، بعد قرار محكمة الاستنئناف في بيروت بردّ دعاواهم، الى تقديم دعاوى الى محكمة التمييز لنقل الملف من يد القاضي البيطار، وذلك لعلّة الارتياب المشروع.

جرعات دعم

حكومياً، يتواكب انطلاق العمل الحكومي، بجرعات دولية متتالية للحكومة، ويتجلى ذلك في الحركة الديبلوماسية اللافتة في اتجاه السرايا الحكومية، وتأكيد الدعم للحكومة وضرورة مُسارعتها الى تطبيق الخطوات الاصلاحية المنتظرة منها. وتندرج في هذا السياق زيارة السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا الى السرايا ولقاؤها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. وكذلك مع ما أكدت عليه الامينة التنفيذية للجنة الامم المتحدة الاقتصادية والاجتماعيى لغرب آسيا «الاسكوا» رولا دوشتي في وزارة الخارجية، لناحية ان الوقت ليس في مصلحة لبنان ولا بد من اجراء اصلاحات عاجلة.

وبالتوازي مع ذلك، وصل منسق مؤتمر سيدر السفير بيار دوكان الى بيروت أمس، وباشَر في اجراء لقاءات ومحادثات تندرج في سياق استكمال ما تمّ بحثه في زيارة الرئيس ميقاتي الى باريس ولقائه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.

وكشفت مصادر مواكبة للزيارة ان جوهر زيارة دوكان الى بيروت هو المواكبة المباشرة وعن كثب لجهوزية الحكومة لتطبيق تعهداتها، وكذلك البحث في برنامج إصلاحات الحكومة الذي تحضّره للذهاب الى المفاوضات مع صندوق النقد الدولي على اساسه. وقالت المصادر ان في جعبة دوكان مطالب جديدة – قديمة تركز على المبادرة السريعة الى اصلاحات في القطاعات الحيوية التي يتصدرها قطاع الكهرباء، علما ان دوكان سبق له أن حدّد باب العلاجات للازمة في لبنان عبر الذهاب فوراً الى تطبيق البنود الاصلاحية الملحّة من خلال تعيين الهيئات الناظمة لقطاع الكهرباء والاتصالات والطيران المدني، الى جانب اصلاحات بنيوية في الادارة.

صندوق النقد

وفيما تقرر عقد جلسة لمجلس الوزراء بعد ظهر غد الاربعاء في السرايا الحكومية برئاسة رئيس الحكومة، جدّد الرئيس ميقاتي التأكيد على «أن الحكومة في صدد اتخاذ سلسلة من التدابير والاجراءات لتوفير الحد الادنى من مقومات الصمود للاسلاك العسكرية والامنية وسائر العاملين في القطاع العام، في انتظار أن تُفضي الورشة الحكومية الى وضع الملفات الاقتصادية والمالية والاجتماعية على سكة الحل الناجز».

وتوازياً، برز ما أعلنته وزارة المال أمس، لناحية استئنافها التواصل مع صندوق النقد الدولي. حول اعادة تعامل لبنان مع الصندوق واستراتيجية إعادة هيكلة الدين العام وترحيبها بمشاركة حَمَلة السندات في عملية إعادة الهيكلة. فيما اعلن متحدث باسم صندوق النقد الدولي أننا تلقينا رسالة من الرئيس نجيب ميقاتي عبّر فيها عن تطلّع السلطات اللبنانية بالحصول على برنامج تمويلي.

وكشفت متحدثة باسم صندوق النقد لوكالة «رويترز» انه من المتوقع ان يبدأ الصندوق محادثات تقنية مع لبنان في الايام المقبلة، مشيرة الى انّ «المباحثات ستدور حول سياسات واصلاحات من شأنها معالجة الازمة الاقتصادية والمالية في لبنان».

وأفيد في هذا السياق عن انّ لقاءات تقنية تمهيدية بدأت مع صندوق النقد عبر تقنية «زوم» تناولت الارقام والرؤى الاقتصادية وابواب الاصلاحات، وتتواكب هذه اللقاءات مع توجّهات لدى الجانب اللبناني في ان تبلغ المفاوضات مع صندوق النقد نهاياتها الايجابية في غضون فترة لا تتجاوز نهاية السنة الحالية.

فرصة جديدة

واذا كان ما يطالب به اللبنانيون الحكومة لناحية التسريع بخطوات الانقاذ، مشروعاً ومُبرراً بالنظر الى حجم الضغوطات الكابسة عليهم في كل مفاصل حياتهم، الّا أن الواقعية، على ما تؤكد مصادر سياسية مسؤولة لـ»الجمهورية»، توجِب التعاطي مع الحكومة كفرصة جدية لإعادة وضع البلد على سكّة النهوض والانتعاش.

والثابت في الاجواء الحكومية هو أن فرصة الانقاذ متاحة، والحكومة صادقة في توجّهاتها وعازمة على الإنجاز السريع، وهذا الامر يحتاج الى عناية شديدة خصوصاً انّ الحكومة لا تملك عصا سحرية، حيث يجب الا ننسى انّ الأزمة أعمق من ان تُقارَب هكذا بسحر ساحر، فحجم الخراب كبير على كامل المستويات، والمسار الحكومي يسير في الاتجاه الصحيح الذي سيُفضي بالتأكيد الى علاجات ملموسة في المدى المنظور.

جهوزية حكومية

وفي هذا السياق اكدت مصادر وزارية لـ»الجمهورية»: جهوزية الحكومة للانطلاق في ورشة العمل المنتظرة منها، وهي بالتأكيد تتطلّع الى كل دعم من الاصدقاء والاشقاء.

وقالت المصادر: انّ الاساس يبقى في أن ترفد بدعم داخلي يواكبها ويسهّل عليها مهمة وضع لبنان على سكة النهوض، خصوصاً انها تبلّغت جهوزية المجتمع الدولي لفتح باب المساعدات للبنان فيما لو اتخذت ما هو مُلح من خطوات اصلاحية، علماً ان خطة التعافي التي تحضّرها الحكومة لاعتمادها قاعدة تفاوض مع صندوق النقد الدولي ستلحَظ بشكل جوهري تلك الاصلاحات التي ستقود حتماً الى الانقاذ المنشود.

الا انّ المريب في نظر المصادر الوزارية، هو محاولات التشويش التي تعكف عليها بعض الغرف السياسية على عمل الحكومة، بسيناريوهات وروايات مختلقة لغاية وحيدة وهي محاولة قطع طريق الحكومة نحو الانفتاح على الاشقاء العرب وتصويرها وكأنها تحت حصار الاشقاء والاصدقاء، وهو أمر ستثبت الايّام كذبه، ولن ينال هؤلاء المشوّشون سوى الخيبة.

أتركوها تعمل

على انّ الشرط الاساس لنجاح الحكومة في مهمّتها، في رأي مرجع مسؤول، هو «الاستفادة من الجو الدولي الحاضِن للحكومة، وكذلك الرهان الداخلي عليها كفرصة إنقاذ، وهذا يتطلّب بالدرجة الأولى ان تترك الحكومة تعمل وفق أجندتها التي حددتها في بيانها الوزاري، ووفق مقتضيات مصلحة كلّ اللبنانيين، والمعايير الانقاذية والإصلاحية الصافية بعيداً عن المداخلات السياسية وما تَستبطِنه من شروط ومعايير شخصية وحسابات حزبية وسياسية كانت السبب في اشتعال الازمة وتعميقها».

وردا على سؤال عمّا يدفعه الى الدعوة لترك الحكومة تعمل، قال المرجع: هناك مع الاسف أصوات لا تريد للبلد أن ينهض من أزمته، فتراها تقصف على الحكومة بلا أي سبب، وتنعق بالخراب فقط، حيث تمارس النعي المسبَق لأي خطوة انقاذية او اصلاحية او غير ذلك، وقبل أن تُقدِم الحكومة عليها. على ان هذه الاصوات وعلى وقعها المزعج، فمهما ارتفعت وشَوّشت، لن يكون لها تأثير في العمل الحكومي. ولكن ما يخشى منه في موازاة هذه الاصوات، هو ان تكون بعض الجهات مصرّة على انتهاج مسارها السابق، ولم تتعلم من التجارب السابقة وما تسببت به من شلل وتعطيل للحكومة.

وردا على سؤال آخر، رفض المرجع تحديد من يقصده بكلامه، واكتفى بالقول: اتمنّى ان أكون مخطئاً، لكنني أشتمّ رائحة إصرار على محاصصات. فإن كان هذا الامر صحيحاً، فمعنى ذلك أنّه سيصيب في الحكومة مقتلاً».

«أمل»: الحكومة لم تنجز

وكان اللافت للانتباه ما اشارت اليه حركة «أمل»، في بيان لمكتبها السياسي أمس، حيث اعتبرت «أن الحكومة لم تنجز بعد أي خطوات تنفيذية تُشعِر المواطن ببدء الخروج من نفق الأزمة».

ودعتها إلى «شَق مسارات حلول مبنية على أساس الحاجات الملحة للمواطنين»، مشددة على «أولوية البدء بالمواضيع التي تُبعد القلق عن نفوس المواطنين، خصوصاً تأمين الكهرباء والمحروقات، ودعم قطاع النقل الذي يؤمّن انتقال الموظفين والأساتذة والطلاب وعموم المواطنين إلى أعمالهم، ووضع خطة سريعة لتفعيل النقل العام بما يُسهِم في تخفيف الاعباء عن المواطنين، من دون تغييب دعم فعلي للقطاع التربوي المهدد بضياع العام الدراسي في المراحل التعليمية كافة، نظراً للأعباء المالية المتفاقمة المترتبة على الأساتذة والطلاب والاهالي معاً».

كما طالبت الحركة الحكومة باتخاذ تدابير سريعة وحازمة لمنع تفلّت سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية، الأمر الذي عاد ليطلّ برأسه بسبب غياب المراقبة والمحاسبة الفعلية، مع ما يعنيه ذلك من عودة في ارتفاع أسعار المواد الأساسية والغذائية، ما يهدد بانفجار اجتماعي إن لم يتم تَدارُك الامور».

وفي جانب آخر، شددت «أمل» على ضرورة إجراء الإنتخابات النيابية وتأمين كل مستلزماتها التنفيذية واللوجستية ليتمكن اللبنانيون من ممارسة حقهم الديموقراطي في التعبير عن خياراتهم السياسية، وطالبت من جهة ثانية، بضرورة التزام التحقيق في جريمة انفجار مرفأ بيروت بالأصول الدستورية التي توصِل إلى الحقيقة وتحقيق العدالة بعيداً عن الإستنسابية».

«حزب الله» يهدّد؟!

الى ذلك توقّف المراقبون عند الموقف الصادر عن «حزب الله» الذي انطوى على تهديد مبطّن للحكومة، وطرحت تساؤلات حول ما أوجَب تصعيد الحزب في هذا التوقيت بالذات، وتخوّفت مصادر متابعة من أن يكون ذلك مقدمة لإعاقة عمل الحكومة.

موقف الحزب عبّر عنه رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» السيد هاشم صفي الدين، حيث قال: «دعمنا الحكومة الجديدة، ونريد أن نعطيها الفرصة الكافية من أجل أن تقدّم بداية حلول للمشاكل الملحة التي يعانيها اللبنانيون، وهي أمام استحقاقات كبيرة، كما هي أمام فرص كبيرة من خلال ما نراه اليوم على مستوى الزيارات واللقاءات وفتح الأبواب الخارجية. وبالتالي، يجب أن تُحسِن هذه الحكومة استثمار هذه الفرص والاستفادة منها، وإذا أخطأت وعادت إلى الاستغراق في التفاصيل المملة التي تقتل المبادرات ولا تأتي بالمبادرات الجديدة، فإنّ كل ما قمنا به سوف يذهب هباء منثوراً. لذا، فإنّ كل اللبنانيين كما نحن نراقب هذه الحكومة، ونتوقع منها أن تقوم بالخطوات الصحيحة والسليمة، ولكن إذا لا سمح الله تلكأت أو ضعفت أو توانت أو قصّرت أو تخاذلت، فسيكون هناك كلام آخر».

عطل مفاجىء

إلى ذلك، أصاب عطل مفاجئ أكثر من 32 منصة إلكترونية عالمية، وواجه ملايين من مستخدمي هذه المنصات مشكلات في الوصول إليها وفتحها.

وبحسب وكالات الأبناء العالمية، فقد رصد موقع Downdetector شكاوى كثيرة من كل أنحاء العالم تفيد بوجود أعطال.

وأبرز المواقع التي واجت أعطال مفاجئة هي: «فيسبوك»، «ماسنجر»، «واتساب»، «إنستغرام»، «غوغل»، «تيليغرام»، «تويتر»، «سناب شات»، «أمازون»، «تيك توك»، «كاندي كراش»…

وبدأ مستخدمو «الإنترنت» في الإبلاغ عن وجود شكاوى الأعطال في هذه المواقع مساء أمس، وخلال فتح موقع «فيسبوك»، يجد المستخدم رسالة تفيد بوجود عطل، ويجري حلها. وأما خلال محاولة فتح «واتساب» و»إنستغرام» فلا يجد سوى شاشة بيضاء مكتوب في أعلاها «Server Error».

محلياً، أشارت «أوجيرو» عبر حسابها على «تويتر»، الى أنّ «عطلاً تقنياً طرأ على عدد من المواقع الإلكترونية الكبرى وشبكة الإنترنت العالمية مما أثر على خدمة الإنترنت المحلية».

في حين أكد وزير الاتصالات جوني القرم عبر حسابه على «تويتر»: «أن توقف خدمة (الواتس آب) شأن لا علاقة لوزارة الإتصالات وللبنان به، وإنما الخدمة توقفت عالمياً».

الجمهورية

Leave A Reply