لا 24 ولا 14 … وإلى ذروة التأزم

مع نهاية الأسبوع الجديد يصادف مرور 13 شهراً على استقالة حكومة الرئيس #حسان ‏دياب من دون أي مؤشرات جدية ثابتة وواعدة بان حكومة جديدة ستكون قد ولدت قبل ‏هذا الموعد. ذلك أن ازمة تأليف الحكومة اتخذت مجدداً في الأيام الأخيرة طابعاً شديد ‏الالتباس ينذر بانزلاقها إلى ذروة التأزم بما يصعب معه التكهن سلفاً ومسبقاً بما سيكون ‏عليه المشهد السياسي بدءاً من اليوم تحديداً. فإذا كان بعض الأوساط السياسية يتحدث عن ‏الساعات المقبلة كموعد مفصلي لاستشراف معالم الأزمة واحتمالات تعويم الجهود ‏والوساطات، فإن المناخ المتشائم الذي لفّ مسار التاليف بدا كافياً لعدم توقع أي اختراق ‏جدي في الجدار المسدود الذي بلغته الجولات المكوكية الأخيرة التي واكبت وساطة اللواء ‏عباس ابرهيم وجعلتها تصطدم تقريباً بدوامة مقفلة. وتبعا لذلك فإن المعطيات التي ‏تجمعت في الساعات الثماني والأربعين الأخيرة، أشارت إلى عدم تجاوز العقبات ‏المستعصية التي حالت دون استيلاد تركيبة الـ 24 وزيرا التي تدور حولها المفاوضات ‏والوساطات والمماحكات والتي بلغت حدود الاختناق عند وزارتين فقط كانتا عنوان السعي ‏المكشوف لحصول العهد على الثلث المعطل. وانطلاقا من ذلك فإن ما ساور الرئيس ‏المكلف نجيب ميقاتي من اتجاه إلى طرح تركيبة الـ 14 وزيرا الذين بعضهم من الأقطاب، ‏كما كشفت ذلك “النهار” السبت الماضي، بدا بمثابة انعكاس خطير لبلوغ محاولات الاختراق ‏حافة اليأس لأن هذه التركيبة أيضا محفوفة بالاخفاق ولن تتحقق حولها التسوية السياسية. ‏لذا فإن دوامة الدوران في الحلقة المفرغة ظلت وحدها تهيمن على المشهد الحكومي في ‏انتظار ما سيتبين من تطورات في الساعات والأيام الطالعة علما أن كل السيناريوات بدت ‏مفتوحة امام هذا الانسداد. وتحدثت معلومات عن تزخيم جديد لوساطة إبرهيم خصوصا ‏لجهة معالجة عقدة الثلث المعطل وأن اليومين المقبلين سيشهدان محاولات جديدة ربما ‏يدخل معها وسطاء اخرون على الخط‎.‎

إيران وفرنسا

ولم يكن ينقص المشهد الحكومي المأزوم سوى تعاقب مؤشرات ارتباط هذا التأزم أيضا ‏بمعطيات إقليمية وتحديداً سورية وإيرانية، اذ بعد الالتباسات الواسعة التي اثارتها اول ‏زيارة “تطبيعية” لوفد حكومي #لبناني إلى دمشق السبت الماضي انبرت طهران بدورها ‏إلى إظهار نفوذها وسعيها إلى لعب الدور المكشوف في الاستحقاق الحكومي‎.‎

وفي هذا السياق جاء ما نقل عن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي من تأكيده في اتصال مع ‏نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أن “إيران تدعم تأليف حكومة لبنانية قوية قادرة على ‏توفير حقوق الشعب اللبناني.” وأشار رئيسي إلى أن “الشعب اللبناني يعاني من العقوبات ‏الاقتصادية وبإمكان فرنسا أن تلعب دوراً في رفع هذه العقوبات، معتبراً أن “بذل الجهود ‏من قبل إيران وفرنسا وحزب الله لتأليف حكومة لبنانية قوية يمكن أن يكون لصالح لبنان”. ‏وأضاف: “لن نتردد بتقديم كل أنواع المساعدات الانسانية للبنانيين ومستعدون للتعاون مع ‏فرنسا لتنمية لبنان‎.”‎

ونقلت مراسلة “النهار” رندة تقي الدين عن مصدر فرنسي رفيع أن إيران لا تعطل #تشكيل ‏الحكومة في لبنان وذلك بعد الاتصال الهاتفي الذي جرى بين الرئيس ماكرون والرئيس ‏الإيراني. وقال ان الرئيس ماكرون كان اثار موضوع تشكيل الحكومة ولبنان مع وزيري ‏خارجية إيران والسعودية عندما التقاهما في العراق. واشار المصدر إلى اقتناع باريس ان ‏ايران لا تعطل تشكيل الحكومة وليس هناك مطالب ايرانية بالنسبة للحكومة بل ان من ‏يعطلها هو جبران باسيل الذي يريد كل شيء له، وباريس تطالب حزب الله بالضغط على ‏حلفائه العونيين، ولكن الحزب لا يريد خلافا معهم. وقال ان باريس تقول باستمرار لميقاتي ‏انه يجب تشكيل الحكومة وهي ضرورة وباريس لم تقل للرئيس ميقاتي او لسلفه سعد ‏الحريري انه يجب عليك ان تكون رئيس حكومة وقد اختار ميقاتي ان يكون رئيس الحكومة، ‏وهذا خياره الشخصي على عكس ما يتردد في بيروت ان باريس اختارته وانها تنصحه بعدم ‏الاعتذار. كل هذا مجرد إشاعات ولكن ما هو صحيح ان باريس تصر عليه الآن ان يشكل ‏الحكومةً‎.‎

اجتماع رباعي

أما في ملف استجرار الغاز والكهرباء فعُلم أن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ‏ريمون غجر سيتوجه غدا إلى عمّان على ان يُعقد اجتماع رباعي مصري أردني سوري لبناني ‏الأربعاء في العاصمة الأردنية للبدء بوضع خطة استجرار الغاز موضع التنفيذ والاطلاع تقنياً ‏على مسار الانابيب. وكانت وكالة “رويترز” أفادت أن “الأردن سيستضيف اجتماعاً لوزراء ‏الطاقة في مصر وسوريا ولبنان الأسبوع المقبل لمناقشة تصدير الغاز إلى لبنان عبر ‏سوريا‎”.

وظلل الالتباس زيارة الوفد الوزاري اللبناني لدمشق السبت خصوصا انها محاصرة ‏بمجموعة قضايا ملتبسة لجهة الجانب التفاوضي المتعلق باستجرار الغاز من مصر والكهرباء ‏من الاْردن إلى لبنان عبر الأراضي السورية او لجهة الاخذ بالاعتبار الموقف الأميركي لجهة ‏العقوبات، ثم ان الجانب اللبناني لا يقف على ارض ثابتة مع حكومة تصريف اعمال ‏خصوصا مع عدم ارسال الوفد بتفويض واضح من مجلس الوزراء. ومع ذلك حاولت دمشق ‏توظيف الخطوة بإظهار جانب دعائي إيجابي اذ اعلنت انها وافقت على طلب لبنان تمرير ‏الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية. وقال وزير الخارجية السورية فيصل ‏المقداد “إنّ سوريا إيجابية في هذا اللقاء وترحّب بأيّ مبادرة ولن تقف عائقا أمام أي اتفاقية ‏تخدم لبنان‎”.‎

خطاب جعجع

وسط هذا المناخ اتسم الخطاب الذي القاه رئيس حزب “القوات اللبنانية” #سمير ‏جعجع لمناسبة إحياء ا#لقداس السنوي في ذكرى “#شهداء المقاومة اللبنانية” بمجموعة ‏دلالات بارزة إذ تضمن اعنف حملاته على تحالف العهد “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”. ‏وتوجه مباشرة إلى الطائفة الشيعية هذه المرة كما انه فتح معركة الانتخابات الرئاسية ‏المبكرة اسوة بالانتخابات النيابية المبكرة وطرح عبرها معايير “القوات” ومواصفاتها ‏للرئيس المقبل. واعتبر جعج انه “عهد الانهيار الشّامل، تديره مجموعة حاكمة تنازلت عن ‏سلطة وسيادة الدّولة، وضربت مؤسّساتها، وحولتها إلى دولة فاشلة مارقة، يحكمها ‏فاسدون، فاشلون، لصوص، خونة مجرمون. ونحن مقتنعون بالممارسة والتّجربة، أنّ لا ‏خلاص ولا تقدّم مع هذه الزّمرة الحاكمة، التي يشكّل نواتها الصّلبة الثّنائيّ حزب الله والتيار ‏الوطنيّ الحرّ. هذا ما توصّلنا إليه باكراً، وحذّرنا منه تكراراً”. وسأل:” ألا يعرف حزب الله أنّه ‏يتحمل الجزء الأساسيّ من مسؤوليّة الأزمة الاقتصاديّة والماليّة المدمّرة بعدما تسبّب في ‏قطع علاقات لبنان مع محيطه العربيّ وإدخاله في صراعات ومحاور إقليميّة لا طائل منها ‏ولا ناقة للبنان فيها ولا جمل… إنّ حزب الله هو نقطة انطلاق أزماتنا الحاليّة جميعاً. هذه ‏الأزمات التي يعاني منها الشيعة اللّبنانيون، كما بقيّة اللبنانيين. ولكن،

وانطلاقا من الواقع ‏التّعدّديّ اللّبنانيّ، تقع على إخواننا الشّيعة بالدّرجة الأولى مسؤوليّة تصحيح هذا الخلل ‏الفاضح الحاصل باسمهم، ووجود دويلة قضت تقريباً على الدّولة، ممّا أدّى بنا جميعا إلى ‏الواقع الأليم والمرّ الذي نعيشه‎”.‎

وقال “مثلما ندعو إلى انتخابات نيابيّة مبكرة ندعو إلى انتخابات رئاسيّة مبكرة. وأوّل الغيث، ‏ونقولها علناً، إنّنا نرفض الرّئيس الخانع والخاضع والمساوم على الأساسيّات والثّوابت. ‏نرفض الرئيس الضّعيف. كما نرفض الرئيس القويّ بتغليب مصالحه ومصالح أتباعه وأزلامه ‏في الدّولة، على حساب الدّولة وكلّ اللّبنانيين. لا نريد الرئيس القويّ الذي يفتعل الأزمات، ‏ويسيّب الدّولة ويفقر اللّبنانييّن. في كل الأحوال، هكذا رئيس، رئيس قويّ بالشّكل والكلام، ‏ضعيف وضعيف جدا بالفعل. لقد أتت نتائج رئاسة الرئيس ميشال عون كارثيّة، وكارثيّة جدّا ‏علينا جميعا كلبنانييّن، وبالأخصّ كمسيحييّن. وإذا كان البعض يعيب علينا مشاركتنا في ‏انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهوريّة، فإنّنا فعلا نأسف أشدّ الأسف أن تنقلب خطوة ‏كانت مشبعة بكلّ نوايانا الحسنة، وذات مرام وطنيّة ومسيحيّة هامّة جدّا، أن تنقلب مأساة ‏لم يعرف لبنان لها مثيلاً‎ “.‎

النهار

Leave A Reply