الاحتكار والتهريب ينهكان اللبنانيين… المطلوب مكافحة السوق الافتراضي لسعر الدولار وضبط أسواق السلع ‏والخدمات

بدأت الفوضى تطل برأسها. فوضى متنقلة تجوب البلاد من الشمال إلى الجنوب دون أي ضوابط أو موانع. فوضى ‏تهدّد مختلف اللبنانيين، وقد تصيبهم بشظاياها عند الانتظار أمام محطة المحروقات، أو بالقرب من الأفران، وستكون ‏خارج إطار السيطرة في حال استمرت على ما هي عليه دون استدراك الأمر وتشكيل الحكومة، وستتوسع رقعتها أكثر‎.‎

في السياق، ما من حكومة حتى الحين. ولا زالت المطالب السياسية الفئوية الضيّقة تتحكّم بمسار التأليف، بغض النظر ‏عما قد حصل في البلاد من تفلّت‎.‎

‎ ‎لم تُحل كافة العقد بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي، وهي لا زالت تدور حول ‏الحقائب السيادية والأساسية، وكل إيجابية تُشاع تكاد تكون مجرّد تبرّؤ من المسؤوليات لا أكثر‎. ‎

عدم تحديد موعد للرئيس المكلف في قصر بعبدا يشير إلى أن المراوحة مستمرة وقد تطول، في حين أن الاتصالات ‏والمشاروات قائمة لردم الهوّة التي كانت قد بدأت تتسع بين الرئيسين. وفي هذا الصدد، دخل المدير العام للأمن العام، ‏عباس ابراهيم، على خط المفاوضات، بعد أن عاد رئيس مجلس النواب لتشغيل محركاته الحكومية مع الحديث عن ‏زيارة معاونه، علي حسن خليل، ميقاتي، علّه يخرج أرنباً جديداً من جيبه، ويتم الإفراج عن التأليف‎.‎

عضو تكتّل الوسط المستقل، النائب علي درويش، لفت إلى أن، “هناك مسافة تفصل عن تشكيل الحكومة، إذ بعض ‏النقاط لم تُحل بعد، وهي عرضة للبحث بين الرئيسين، أما اختراقها وحلّها فيعني الوصول إلى خط النهاية‎”.‎

وفي حديثٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية، أشار درويش إلى أن، “التوصيف الأنسب لعملية تشكيل الحكومة هو ‏‏”الإيجابية بحذر”، فميقاتي لا زال يسعى لتشكيل الحكومة، أمّا خيار الاعتذار فهو غير وارد حتى الساعة، خصوصاً ‏وأنّ المرحلة التي يمر بها لبنان صعبة‎”.‎

وختم درويش حديثه لافتاً إلى أن، “متغيّرات تحصل يومياً، وهذه المتغيّرات سلبية، ولا يمكن إحداث أي خرق إلّا ‏عبر تشكيل الحكومة‎”.‎

من جهته، رحّب عضو تكتّل “لبنان القوي”، إدغار معلوف، بكل شخص يقوم بأي مبادرة لفكفكة العقد وتسهيل تشكيل ‏الحكومة، إلّا أنّه أكّد أنّ، “القرار النهائي هو لدى الرئيسين عون وميقاتي‎”.‎

وفي حديثٍ لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، رأى معلوف أنّ في الجو إيجابية، متمنياً تشكيل الحكومة في أسرع وقت‎.‎

أمّا وفي الملفات الحياتية، فإنّ مداهمات وزير الصحة حمد حسن لمستودعات الأدوية مستمرة، وقد كشف حسن عن ‏وجود أكثر من 6,800 حبة من دواء مفقود كان جرحى انفجار التليل قبل أسبوعين بأمسّ الحاجة لها. أمّا طوابير ‏البنزين، فحدِّث ولا حرج، وهي أيضاً بدورها مستمرة أمام المحطات، ولم تختفِ رغم سريان قرار وزارة المالية بدعم ‏عملية الاستيراد‎. ‎

الخبير الاقتصادي جاسم عجاقة لفت إلى أنّ، “هدف التاجر تحقيق الأرباح، وذلك يتم إمّا عبر الإبداع وجذب المستهلكين ‏لشراء منتجاته والاستفادة من خدماته، أو عبر الاحتكار للبيع بأسعار خيالية. أما ما يحدث في لبنان من أزمات فقدان ‏للسلع فهو بسبب ظاهرة الاحتكار التي تتبعها أيضاً ظاهرة التهريب، والهدف البيع بأسعار أعلى وتحقيق أرباح أكثر‎”.‎

وفي حديثٍ لجريدة “الأنباء” الإلكترونية، لفت عجاقة إلى أنّ، “بعض التجار في لبنان يقومون بعمليّتَي التهريب ‏والاحتكار، خصوصاً لجهة المحروقات، بهدف جني أرباح أكثر، وهذه العمليات لن تتوقف حتى لو تمّ رفع الدعم، لأنّ ‏التجار سيستمرون في تحقيق الأرباح عبر رفع الأسعار في الأسواق السوداء، أو في الأسواق السورية، والاستفادة من ‏فرق السعر مقارنةً بالأسعار الرسمية في لبنان. فمجرد رفع الدعم عند انتهاء مبلغ الـ225 مليون دولار، وارتفاع ‏الأسعار في لبنان، سيتم رفع أسعار المنتجات في سوريا‎”.‎

واعتبر عجاقة أنّه، “لا يمكن الحد من أزمة فقدان السلع في لبنان إذا ما لم تتم مكافحة الاحتكار، وذلك عبر طريقتين: ‏مكافحة السوق الافتراضي، أي التطبيقات التي تحدد سعر صرف الدولار، وضبط أسواق السلع والخدمات‎”.‎

وأضاف: “إذا ما لم تقم القوى الأمنية بالضرب بيد من حديد لجهة الاحتكار والتهريب، فإنّنا سنتوجّه إلى مشكلة”، ‏وهنا، استذكر عجاقة قولاً للاقتصادي الهندي، شين: “المجاعة لا تأتي فقط جرّاء نقص المواد الغذائية، بل إثر آليات ‏السوق لإيصال هذه المواد إلى المواطنين‎”.

الأنباء

Leave A Reply