صندوق النقد: المدفوعات دون الإصلاحات لن تحلّ مشكلات لبنان

ذو الفقار قبيسي – اللواء

الطريقة التي ستعتمدها الحكومة في توزيع الـ٨٦٠ مليون دولار حصة لبنان من حقوق السحب الخاصة من صندوق النقد الدولي، سيكون لها تأثير على موقف الصندوق تجاه طلب لبنان الحصول من الصندوق في المفاوضات المستقبلية المحتملة. علما ان من الآمال التي عبّر عنها مسؤولو المؤسسة الدولية، لا سيما المديرة العامة كريستالينا جورجيفا:

أولا: أن يترافق الحصول على هذا المبلغ مع تأليف حكومة على وجه السرعة توقف الشلل السياسي الحالي.

ثانيا: أن تباشر الحكومة المرتقبة بالإجراءات الإصلاحية التي تمنع الهبوط المتواصل الى نقطة الصفر باتجاه حماية حقوق الإنسان وسيادة القانون التي تكفل محاسبة جميع المؤسسات وأن تضمن للشعب اللبناني الحرية والأمن والاستثمار المجدي لمواصلة النمو، والمعالجة المباشرة للمشكلة الجوهرية المتعلقة بضعف الحوكمة من خلال تعزيز مكافحة الفساد وتحسين أداء وظائف الدولة ولا سيما إدارة الشركات المملوكة منها مع التركيز بصورة خاصة على قطاع الطاقة باعتباره أهم مجال للتحرك.

ثالثا: تنفيذ استراتيجية للمالية العامة تجمع بين إعادة الهيكلة العميقة للدين العام وإجراء إصلاحات لإستعادة مصداقية البلاد. مع الاهتمام بالانفاق الاجتماعي كجزء من هذه الاستراتيجية.

رابعا: أن تجدد الحكومة المرتقبة التزامها القوي بعملة وطنية شفافة تحتفظ بقيمتها لوقف موجات التضخم، وإصلاح شبكة الكهرباء وتوفير امدادات كهربائية يمكن الاعتماد عليها بأسعار معقولة لمؤسسات الأعمال والأسر والتعليم وصيانة شبكات المياه والصرف الصحي.

خامسا: السير في تدقيق حسابات مصرف لبنان حتى النهاية على أن تترافق مع المهمة نفسها تدقيق حسابات مؤسسة الكهرباء.

سادسا: إجراء عملية إعادة هيكلة شاملة للقطاع المالي والاعتراف مقدّما بخسائر المصارف الخاصة ومصرف لبنان، ولكن على نحو يوفر الحماية الخاصة لصغار المودعين. مع نظام موثوق للنقد، يرتكز على توحيد أسعار الصرف.

سابعا: تسريع وتيرة التصديق على نظام المرافئ والموانئ اللبنانية بما يشكّل الأساس لتنظيم وإدارة مرفأ جديد أكثر شفافية.

وأخيرا من حيث تدرك هذه التوقعات والآمال ضرورة استخدام جزء من مبلغ الـ٨٦٠ مليون دولار في زيادة الاحتياطيات التي استنزفت لدى مصرف لبنان، فانها تعطي أهمية قصوى لاستخدام الجزء الآخر بصورة مسؤولة وحكيمة في تلبية الاحتياجات العاجلة الكثيرة للشعب اللبناني. وهنا تحديدا بيت القصيد حول كيفية تفسير كلمة «الشعب اللبناني» لدى نظام التناتش والتحاصص الذي يختصر الشعب بمواليه ومحازبيه وأنصاره وناخبيه بما لا يشكّل أكثر من ١٠% من مجموع الشعب اللبناني الذين لهم العطاءات والمكرمات والقبوات، فيما الـ٩٠% الباقين لن يكون لهم سوى «الفتات»!

وأمام هذه الآمال التي توقع الصندوق تحقيقها من الدولة اللبنانية والتي لا من طبعها أو طبيعتها تحقيق أي منها، لن يكون لدى مسؤولي الصندوق سوى الانطباعات السلبية في أي مفاوضات مقبلة بشأن الحصول على قروض.

حتى أن مسؤولي الصندوق عند الإعلان عن المبلغ المخصصص حرصوا على تذكير الدولة اللبنانية بأن حقوق السحب الخاصة مهما بلغت لن تحل مشكلات لبنان الهيكلية والتنظيمية الأطول أجلا. وان البداية الصحيحة لأي حل هي تأليف حكومة تتمتع بالصلاحيات اللازمة للإصلاح ولتنشيط «اقتصاد لبنان المعطّل»!

Leave A Reply