المشاورات الحكومية بين المنجَز والمرتقب

مجد بو مجاهد – النهار

إلى أيّ مدى أحرزت اللقاءات الأخيرة بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلّف نجيب ميقاتي تقدّماً في المشاورات الحكوميّة، من شأنه أن يساهم في تقريب موعد تصاعد الدخان الأبيض وتجاوز ما تبقّى من مراحل قبل التأليف؟ وماذا عن المسافة التي اجتازها المكوّنان في الرحلة باتجاه السرايا خلال اللقاءات المكوكيّة التي عُقدت على مدى الأسبوع الجاري؟ تنطلق المعطيات التي استقتها “النهار” من مصادر مواكبة عن كثب لمجريات التشكيل من نقطة أساسية مفادها التأكيد على التقدم الحاصل والتفاهم شبه النهائي على كيفية توزيع الحقائب الوزارية على الطوائف والمذاهب. ويرتقب أن تباشر الجهات المعنية بالتأليف بمهمة التشاور في عملية إسقاط الاسماء على المسوّدة الحكوميّة، في وقت تشير الأجواء إلى أن ثمّة رغبة في تسريع المسار والوصول إلى الخواتيم في مهلة سريعة.

ويتردّد في أرجاء مقرّبة من محيط المشاورات بأنّه إذا لم يستجدّ أيّ عوائق خارجة عن إطار المألوف خلال الأسابيع المقبلة، يرتقب أن تقطع الرحلة الحكوميّة أشواطاً إضافية تنقلها إلى محطّة قريبة من السرايا. لكن، لا يمكن إغفال مجموعة من العقد التي طرأت من خارج حلقة الجهات المعنية مباشرة بالتأليف لناحية كيفية توزيع عدد من الحقائب، بما يطرح علامات استفهام جديّة حول القدرة على تحقيق مزيد من التقدّم الحكومي الأسبوع المقبل. وتفيد المعلومات بأنّ التفاصيل التي حصل التوافق حولها حكومياً حتى الآن بين الرئاساتين الأولى والثالثة، مرتبطة بالاتفاق على توزيع الحقائب السيادية على المذاهب انطلاقاً من إسناد حقيبة الداخلية إلى شخصية سنية، وحقيبة المال إلى شخص من الطائفة الشيعية، فيما تذهب وزارتا الخارجية والدفاع إلى وجوه مسيحية.

ماذا عن نتيجة المشاورات التي حصلت حول توزيع الحقائب الخدماتية؟ تؤكد المعطيات أن المداورة حصلت بطريقة نالت توافق ورضا مكوّنات التأليف على أساس متوازن، وفق المصطلح الذي تستخدمه المصادر المطلعة لفحوى الاجتماعات الأخيرة. وانطلق توزيع الوزارات الخدماتية والعادية على المذاهب انطلاقاً من فكرة قائمة على ضرورة عدم شعور أي مكوّن بأنّه مغبون أو حصل على ما يفوق الممكن. ويبقى الدخول في مرحلة تنقيح الأسماء على طريقة اختيار من هو ملائم لهذه الحقيبة أو تلك، فيما يمكن أن تنتج التعديلات في عملية التسمية تغييرات في كيفية توزيع بعض الحقائب على المذاهب. ولا يلغي ذلك التقدّم السريع الذي توصّل إليه المعنيون حكومياً.

في غضون ذلك، تؤكد معطيات “النهار” أن رئيس الجمهورية يفضّل الاستعاضة عن اسم يوسف الخليل في وزارة المال، الذي كان ورد في المسوّدة الحكومية للرئيس سعد الحريري قبل اعتذاره. وقد ناقش رئيس الجمهورية الموضوع مع أكثر من جهة معنية، عبر الانطلاق من موقف قائم على أنه مدير العمليات المالية في مصرف لبنان وليس من المناسب، وفق مقاربته، أن تسند وزارة المال إلى شخصية تضطلع بوظيفة مماثلة فيما من مهمّات الحكومة العتيدة تنفيذ التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان، من دون أن يعني ذلك، في تأكيد المقربين من رئيس الجمهورية، بأنّ مقاربة بعبدا تنطلق من مسألة شخصية مع خليل بل من تحبيذ أن تسند الوزارة إلى شخصية غير مرتبطة بوظيفة متعلقة بمصرف لبنان. وثمة تضارب في الأجواء حول ما إذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري لم يبدِ سلبية تجاه مقاربة رئيس الجمهورية في هذا الاتجاه أو العكس.

هل تعني هذه الصورة بأن ولادة الحكومة باتت قريبة؟ لا يمكن الجزم بما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في الأيام المقبلة، وإذا كانت المسألة تتطلب المزيد من الوقت غير المتوقع خصوصاً أن عملية إسقاط الأسماء على الحقائب ليست بالمسألة السهلة. لكن المعايير التي ستتّبع الأسبوع المقبل في التسمية تقوم على اختيار أسماء محل توافق بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، خصوصاً في ما يتعلّق بالوزارات الأساسية. وعُلم أن اختيار وزارة الداخلية سيحصل على أساس توافق كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف على اسم شخصية سنية لتوليها، فيما سيحصل اختيار شخصية مسيحية لتولي حقيبة العدل بالتوافق بين الرئيسين. وإذا كان مسار التشكيل يرتبط بايجابيات ملحوظة على مقلبي الجهتين المعنيّتين بالتأليف، فإنّ أسئلة لا تزال تطرح حول مسار بعض العقد المستجدّة التي طرأت وإذا كانت ستجد طريقها إلى الحلّ.

Leave A Reply