«صندوق النقد» يناشد «مجموعة العشرين» حماية الدول الأكثر فقراً من «ضربة مدمرة»

ناشدت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا الأربعاء، دول العالم الأغنى بذل مزيد من الجهود لمساعدة الدول الأفقر على تحمّل «الضربة المزدوجة المدمّرة» التي سددها الوباء والأضرار الاقتصادية الناجمة عنه. وحذّرت من «تعمّق الهوة» بين الأغنياء والفقراء، داعية دول مجموعة العشرين للقيام بخطوات عاجلة لمنع تخلّف الدول النامية أكثر عن الركب فيما يتعلّق بالوصول إلى اللقاحات وإعادة بناء ثرواتها.

وفي مدونة نشرت قبيل اجتماع وزراء مالية دول المجموعة ومسؤولي المصارف المركزية الأسبوع الجاري، قالت جورجييفا إن «السرعة عامل أساسي» فيما التكلفة صغيرة نسبيا. وأفادت: «تواجه الدولة الأفقر ضربة مزدوجة مدمّرة»، إذ تخسر في المعركة ضد الفيروس، وتضيّع فرصا استثمارية مهمة من شأنها أن تؤسس لنموها اقتصاديا. وتابعت «هي لحظة مفصلية تستدعي تحرّكا عاجلا من قبل دول مجموعة العشرين وصناع السياسات حول العالم».

وبينما يتوقع أن تحقق الولايات المتحدة أسرع نمو منذ 1984 وتكتسب دول مثل الصين وتلك في منطقة اليورو زخما، تجد الدول النامية نفسها في الصفوف الخلفية جرّاء «تدهور التعافي ثنائي المسار ويأتي ذلك مدفوعا بتفاوتات في توافر اللقاحات ومعدّلات الإصابة والقدرة على تقديم الدعم للسياسات»، حسب جورجييفا.

وأكدت أن على دول مجموعة العشرين بذل مزيد من الجهود لتقديم لقاحات للدول الأفقر بما يشمل مشاركة الجرعات وتسريع الإعفاء من الديون ودعم هدف تطعيم 40 في المائة على الأقل من السكان في كل بلد بحلول نهاية العام 2021، و60 في المائة على الأقل بحلول النصف الأول من 2022.

وفي ظل تلقي بالغ واحد من كل مائة شخص كامل جرعات اللقاحات في أفريقيا جنوب الصحراء، مقارنة بـ30 في المائة في الدول المتقدّمة، فإن هذه البلدان تواجه خطرا متزايدا مع ظهور نسخ متحورة للفيروس.

وقال صندوق النقد في تقديرات إن الدول الأقل دخلا ستحتاج لتخصيص نحو 200 مليار دولار على مدى خمس سنوات لمكافحة الوباء فحسب، و250 مليار دولار إضافي لإجراء إصلاحات اقتصادية تتيح لها اللحاق بركب الدول الأغنى.

لكن جورجييفا قالت إنه لا يمكن لهذه الدول القيام بذلك وحدها، مشيرة إلى أن على الدول الأغنى «مضاعفة جهودها، خصوصا فيما يتعلّق بالتمويل بشروط ميسرة والتعامل مع الديون».

واقترحت هذه المؤسسة المالية الدولية ومقرها واشنطن مبادرة مشتركة بقيمة 50 مليار دولار مع منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية لتوسيع الوصول إلى اللقاحات، وهو أمر «يبدّل قواعد اللعبة عالميا» وينقذ مئات الآلاف ويسرّع التعافي، بحسب جورجييفا.

وفي المناطق التي يواصل فيها عدد الإصابات ارتفاعه، قالت مديرة صندوق النقد إن مواصلة منح الأعمال التجارية والعائلات الدعم المالي أمر «بالغ الأهمية»، فيما يمكن بعد السيطرة على الوباء تحويل هذه الأموال إلى برامج لتدريب العمال «للمساعدة في مداواة الجراح الناجمة عن الأزمة»، التي أثرّت خصوصا على النساء.

وأكدت أن صندوق النقد يراقب ارتفاع الأسعار، خصوصا في الولايات المتحدة، لكن مع زيادة زخم التعافي «سيكون من الضروري تجنّب ردود الفعل المبالغ فيها للازدياد الانتقالي للتضخم».

وفي سياق ذي صلة بالأزمة، دعا وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، ليو زينمين، دول العالم للسير على المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة الـ17، والتي زادت «كورونا» من تحديات تحقيقها.

جاء ذلك خلال إطلاقه لتقرير أممي رئيسي جديد، على هامش المنتدى السياسي رفيع المستوى، يشير إلى أنه يجب على البلدان اتخاذ خطوات «حاسمة» بشأن طريق الخروج من الجائحة، خلال الأشهر الـ18 القادمة. ويعد المنتدى السياسي رفيع المستوى المعني بالتنمية المستدامة، منصة الأمم المتحدة الأساسية لمتابعة ومراجعة خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة الـ17.

وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، يُظهر تقرير أهداف التنمية المستدامة 2021 الخسائر التي تسببت بها جائحة (كوفيد – 19) في خطة عام 2030. وقال ليو خلال إطلاقه التقرير: «لقد أوقفت الجائحة، أو عكست، سنوات أو حتى عدة عقود من التقدم الإنمائي… وارتفع الفقر المدقع العالمي للمرة الأولى منذ عام 1998… وهددت الاضطرابات في الخدمات الصحية الأساسية سنوات من التقدم في تحسين صحة الأم والطفل، وزيادة تغطية التحصين، والحد من الأمراض المعدية وغير المعدية… ولا يزال حوالي 90 بالمائة من البلدان تبلغ عن تعطل واحد أو أكثر في الخدمات الصحية الأساسية».

وأشار التقرير إلى أنه بالإضافة إلى ما يقرب من أربعة ملايين حالة وفاة بسبب فيروس «كورونا»، فقد تم دفع ما بين 119 إلى 124 مليون شخص نحو الفقر والجوع المزمن، وفُقد ما يعادل 255 مليون شخص وظيفة بدوام كامل.

وأوضح ليو أن «الفئات الأشد فقراً وضعفاً ما زالت معرضة بشكل أكبر للإصابة بالفيروس وقد تحملت العبء الأكبر من التداعيات الاقتصادية… وبينما يجري التعافي الاقتصادي، بقيادة الصين والولايات المتحدة، في العديد من البلدان الأخرى، من غير المتوقع أن يعود النمو الاقتصادي إلى مستويات ما قبل الجائحة قبل 2022 أو 2023».

Leave A Reply