الاحتلال يُحاصر المصلّين في «الأقصى»: عشرات الإصابات في الرأس والعيون

اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مساء أمس باحات المسجد الأقصى واعتدت على المصلين فيه، ما أدى إلى وقوع عشرات الإصابات خلال المواجهات بحسب ما أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني، في وقت تشهد فيه القدس المحتلة حالة من الغليان الشديد جراء تشديد الاحتلال قيوده ومساعي طرد عائلات فلسطينية من حي الشيخ جراح.

وأفاد شهود عيان بأن قوات كبيرة من شرطة الاحتلال اقتحمت باحات المسجد الأقصى المبارك وأطلقت قنابل الصوت والغاز المسيل للدموع باتجاه المصلين واعتقلت عددا منهم فيما أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أن 53 شخصا أصيبوا جراء اعتداء القوات الإسرائيلية موضحا أن معظم الاصابات بالرأس وعدد منها إصابات بالغة بالعيون.

وكانت المواجهات بين قوات الاحتلال والمصلين انطلقت في باب السلسلة، وهو أحد أبواب الحرم القدسي، وانتقل الأمر إلى داخل باحات المسجد بعدما اقتحمتها قوات الاحتلال، في حين حاولت جموع غفيرة من المصلين إبعاد تلك القوات عن المكان.

وأدى 70 ألف مصل صلاة الجمعة الرابعة من شهر رمضان المبارك في المسجد الأقصى رغم إجراءات الإغلاق فيما نظّم آلاف الفلسطينيين عقب الصلاة وقفة ومسيرات في ساحات المسجد.

وكانت سلطات الاحتلال الإسرائيلي نشرت آلافا من أفراد الشرطة وما يعرف بحرس الحدود في مدينة القدس، ومحيط البلدة القديمة، وأبواب المسجد الأقصى، استعدادا للجمعة الأخيرة في شهر رمضان.

وأغلقت شرطة الاحتلال الشوارع المحيطة بالبلدة القديمة، ومنعت السيارات من دخولها، في حين بدأ تدفق الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى من مختلف أنحاء القدس ومن داخل الخط الأخضر.

وتأتي الجمعة الأخيرة في رمضان وسط أجواء من التوتر الشديد التي تعيشها المدينة على خلفية مساعي الاحتلال لطرد عائلات من حي الشيخ جراح، حيث شهدت الليلة الماضية مواجهات عنيفة بين قطعان المستوطنين وقوات الاحتلال من جانب، وبين سكان الحي ومتضامنين معهم من جانب آخر.

وطالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مساء، بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي لبحث «الممارسات الإسرائيلية» في القدس الشرقية.

وحمل عباس في كلمة له بثها التلفزيون الرسمي الحكومة الإسرائيلية، مسؤولية التصعيد الذي تشهده مدينة القدس الشرقية، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا).

وقال إن «بطش وإرهاب المستوطنين لن يزيدنا إلا إصرارا على التمسك بحقوقنا المشروعة في إنهاء الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال».

وكشف عباس أنه وجه سفير فلسطين في الأمم المتحدة لطلب عقد جلسة عاجلة لمجلس الأمن الدولي لتنفيذ قراراته المتعلقة بالقدس وأراضي دولة فلسطين المحتلة.

وطالب الرئيس الفلسطيني المجتمع الدولي «في ظل هذه التطورات الخطيرة» بتحمل مسؤولياته الكاملة «لوقف العدوان على أهلنا وشعبنا ومقدساتنا، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا الذي يدافع عن حقوقه المشروعة ووجوده في أرض وطنه».

وحيا عباس «أبناء شعبنا العظيم في القدس وفي كل مكان، ووقفتهم الشجاعة في الدفاع عن القدس، عاصمتنا الأبدية بكافة أحيائها، ودفاعهم عن مقدساتنا الإسلامية والمسيحية، وعن المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والشيخ جراح بشكل خاص».

في سياق متصل، طالبت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، مجلس الأمن الدولي ومنظمة «اليونسكو» بتحمل مسؤولياتهما «تجاه ما يجري في المسجد الأقصى من اعتداءات من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي».

وقالت الوزارة في بيان لها، مساء، إن «الاعتداء الهمجي المتواصل ضد القدس وإحيائها ومهاجمة المقدسين والمصلين، يكشف الوجه الحقيقي لإسرائيل كدولة احتلال وتمييز عنصري وإرهاب منظم وقمع للحريات ومبادئ حقوق الإنسان، وفي مقدمتها حريته في العبادة والصلاة والوصول إلى الأماكن المقدسة بحرية».

وأدانت الخارجية الفلسطينية اقتحام الشرطة الإسرائيلية باحات المسجد الأقصى ، و«الاعتداء» على المصلين «بوحشية»، معتبرة أنها «جريمة وانتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الإنساني الدولي».

من جهتها، طالبت الأمم المتحدة إسرائيلَ بالوقف الفوري لجميع عمليات الطرد من حي الشيخ جراح في القدس.

واعتبرت الأمم المتحدة – في بيان – أن قرار الطرد، في حال اتخاذه، سيعد انتهاكا إسرائيليا للقانون الدولي، وأكدت أن القدس الشرقية ما تزال جزءًا من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

ووفقًا لقرارات مجلس الأمن الدولي، فإن جميع الإجراءات التشريعية والإدارية التي اتخذتها إسرائيل تعد ملغية وباطلة، حسب ما جاء في بيان الأمم المتحدة.

وقالت الخارجية الأميركية: «قلقون للغاية بشأن التوترات المتصاعدة في القدس الشرقية».

وأضافت: «من الضروري لجميع الأطراف ضمان الهدوء والتصرف بمسؤولية لتهدئة التوترات وتجنب المواجهات».

وتابعت: «نشعر بقلق بالغ إزاء احتمال إخلاء عائلات فلسطينية في حي الشيخ الجراح».

بدوره، قال وزير الخارجية التركي إنه اتفق مع نظيره الفلسطيني – في المؤتمر الصحفي المشترك في أنقرة – على نقل قضية القدس إلى منظمة التعاون الإسلامي العالمية.

وبين أوغلو أن تركيا مستعدة دائما لتقديم كل أنواع الدعم السياسي والمالي والتقني من أجل إنجاح الانتخابات الفلسطينية لتجري وفق المقاييس الدولية.

ودانت الرئاسة التركية الهجوم على المسجد الأقصى بالقنابل الصوتية، مؤكدة أنه لا يمكن المساس بالمقدسات.

وقالت الرئاسة في بيان صادر عن دائرة الاتصال إنها تتابع بقلق سياسة العنف والاحتلال التي تمارسها إسرائيل بحق الفلسطينيين.

وكانت المحكمة المركزية الإسرائيلية بالقدس المحتلة قضت في وقت سابق من العام الجاري بإخلاء 4 منازل يسكنها فلسطينيون لديهم عقود معطاة من السلطات الأردنية التي كانت تدير القدس الشرقية بين عامي 1948 و1967، تثبت ملكيتهم للعقارات في الحيّ.

وأثار قرار المحكمة غضب الفلسطينيين الذين طعنوا فيه، وأدّت احتجاجاتهم في كثير من الأحيان إلى صدامات مع شرطة الاحتلال التي اعتدت بالضرب على المحتجين.

وشهد الحي ليل أمس الأول مواجهات جديدة بين فلسطينيين وقوات الشرطة الإسرائيلية، بعد اعتداء مستوطنين على فلسطينيين كانوا يحتجون على قرارات المحاكم الإسرائيلية.

وأصيب أمس عشرات الفلسطينيين، أغلبهم بحالات اختناق بسبب الغازات المدمعة التي أطلقها جيش الاحتلال لتفريق مسيرات مختلفة في الضفة الغربية رفضا للتوسع الاستيطاني، وتضامنا مع أهالي الشيخ جراح بالقدس.

وفي عمان قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن ترحيل أهالي الشيخ جراح في القدس من منازلهم جريمة يجب أن يمنع العالم حدوثها.

وأضاف الصفدي – في سلسلة تغريدات على حسابه في تويتر أمس – أن الفلسطينيين المهددين بالترحيل هم المالكون الشرعيون لبيوتهم، كما تثبت وثائق سلّمها الأردن للجانب الفلسطيني.

واعتبر الصفدي أن استمرار إسرائيل في ممارساتها اللاشرعية، وخطواتها الاستفزازية في القدس المحتلة، وانتهاك حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك حق أهالي الشيخ جراح في بيوتهم؛ لعب خطير بالنار.

ورحب الصفدي ببيان ألمانيا فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا الداعي إلى وقف سياسة الاستيطان اللاشرعية في الضفة الغربية المحتلة، مؤكدًا ضرورة إطلاق تحرك دولي فوري لمنع ترحيل الفلسطينيين من منازلهم في حي الشيخ جراح.

Leave A Reply