النازحون الفلسطينيون من سوريا: قصص مريرة وظلم جاحف

تحقيق فاطمة شعيتو ومحمد أبو سالم 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قصص مريرة وظلم جاحف، يسابق البعض ليخطف حلمه من كبد الزمن المهترئ، فيا لمرارة الكلمات، وفوضوية الحياة، بعضنا يتنعّم بخيراتها، وبعضنا يتلاشى في جحيم أوجاعها.

في يومنا هذا نبحث عن ميزان لعدالة البشر، عن بقايا ضمائر ربما ما زالت راسبة في حنايا وجداننا، الأمل بالحياة البسيطة والعيش الكريم هو ما يطمح اليه كل بشري يسعى الى أن يسدّ رمق عوزه بكسرة من التفاؤل والطمأنينة..

فنقف اليوم حائرين أمام معاناة اللاجئين الفلسطينيين الذين شردتهم الحياة واغتصبت حقهم في العيش في وطن يحضنهم ويرعاهم، فنراهم في أوضاع صعبة وكأن الظلمة قد ابتلعت دربهم الى النور ومنعتهم من التماس الغد الواعد، طلاب علم في دربهم الى المستقبل لكن الهوية فلسطيني، فلما ارتبط البؤس والحرمان والتمييز بإسمها ؟

موقع صوت الفرح وإهتماماً منه في تسليط الضوء على المعاناة التي يتكبدها اللاجئ الفلسطيني النازح من سوريا إلى مخيمات لبنان، إلتقينا ببعض القيادات الفلسطينية في منطقة صور للوقوف على حقيقة ما يجري:

يجيب الحاج أبو سامر موسى، عضو قيادة لبنان، مسؤول في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بأنه :

لا بد أولا أن ننظر الى وضع المخيّمات أساساً، حيث أنّها أقيمت على مساحة محدّدة وكانت نسبة اللاجئيين الفلسطينيين قليلة جدا وتكاثرت مع مرور الزمن فأصبح المخيم يضيق بأهله أيضا.

ومع توتر الوضع في سوريا، لجأ أهلنا الى المخيمات في لبنان وهي مكتظة خصوصا في صور مما سبّب أزمة معيشية خانقة، وهذا يعود للوضع اللبناني الذي يقيّد العمل الفلسطيني في لبنان ومستوى مزاولتهم لبعض المهن التي قد تدرّ عليه بالمال الوفير.

وأقول أنّ الدولة اللبنانية أيضا تتحمل مسؤولية في موضوع حياة الفلسطيني المقيم عندها من خلال السماح له بمزاولة العمل ممّا يجعله قادراً على استقبال زائرين في أوضاع أمنية او غير أمنية.

أمّا في ما يتعلّق بالطلاب النازحين، فحالياً يُعمل بقانون داخل الأونروا يسمح للطلاب السوريين بمواصلة علمهم والدخول الى مناهج الأونروا، على الرغم من صعوبة المنهج بالنسبة لهم، لذلك تمّ وضع الية لهؤلاء الطلاب مع استحداث برامج تقوية، ويبقى معيار الشهادات هو معيار التفوق.

من جهة ثانية قامت الفصائل الفلسطينية كافة بوضع خطة حول كيفية معالجة مأساة الفلسطينيين في المخيّمات على كافة الجوانب، ففي صور أُعطيت بعض المساعدات العينية لهم على اعتبار أن جميعهم في حالة غير ارتياح على الصعيد المادي. هذا ويتمّ الضغط على الأونروا من أجل المتابعة بتقديم مساعدات انسانية للنازحين. وإن ما قدمه الصليب الأحمر عبر اللجان الشعبية في المخيمات هو حصيلة ما تم الإتفاق عليه في بيروت مع الفصائل والمؤسسات، وفي الأيام المقبلة ستشهد منطقة صور توزيع بعض المساعدات العينية.

فعلى الرغم من انّ الأونروا قد اُنشأت من أجل رعاية وخدمة المهجّرين الفلسطينيين، الاّ أننا نعاني من تقلص دورها وخدماتها، حيث أصبح موقفها ينسجم مع الموقف السياسي العام، وهي تعمل وفقاً لأجندة الدولة المانحة على المستوى الدولي. فالمجتمع الدولي يسعى بالتعاون مع الصهاينة الى شطب دور الأونروا التي نحن بحاجة لها حتّى في أسوأ حالاتها فهي تشكّل عنوان اللجوء للشعب الفلسطيني.

وختم الحاج أبو سامر متمنياً بإسم حركة الجهاد في فلسطين أن يعود الأمن والأمان إلى دمشق، وأن ينعم أبناء سوريا بالطمأنينة كما كانت بلاد الشام سابقاً مرتعاً آمناً لكل العرب والمسلمين، لأن ما قدمته سوريا للقضية الفلسطينية والقضايا العربية لم تقدمه أي دولة أخرى.

ويضيف جهاد طه عضو القيادة السياسية لحركة المقاومة الإسلامية_ حماس في لبنان:

انّ دورنا في حركة المقاومة الاسلامية في حماس بإمكانياتنا البسيطة، فكان القيام بكل ما يستلزم لتأمين مأوى لهؤلاء النازحين وتقديم المعونات التموينية عبر القسم الاجتماعي لدينا، الاّ أنه هناك مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأونروا والأمم المتحدة حيث لا يوجد مثل الاغاثة المطلوبة حتى هذه اللحظة فكلّ ما تمّ تأمينه هو مجرّد فتات لا أكثر. لذلك نحن نحاكي الأونروا بأن هذا الشعب لديه ميزانية خاصة، ولا بدّ أن تتقدّم بمساعدتهم وتأمين جميع مستلزمات وحاجيات الشعب.

ونحن نحمّل جزءا من المسؤولية الى الجهات الرسمية اللبنانية لأن ما تقدّمه عبر وزاراتها للّاجئين السوريين، يجب أن يقدّم للاجئين الفلسطينيين اسوةً بهم. وكذلك بالنسبة للطبابة فيجب أن يكون لهم الحق في المعالجة كما غيرهم. وفي الوقت نفسه نحن نقدّر ما قدّمته العديد من المؤسسات اللبنانية من مساعدات وهو موقف يُقدَّر من قبلنا، وكذلك بالنسبة للصليب الأحمر الذي كانت له لفتة تجاه الفلسطينيين.

فاليوم يوجد اكثر من عشرة الاف نازح فلسطيني في لبنان يجب ان تؤمن جميع حاجياتهم، لأنه لا يجوز فعل ذلك لا من الناحية الأخلاقية، ولا من الناحية الشرعية، ولا من ناحية القوانين الدولية التي كُرّست لإغاثة هؤلاء النازحين السوريين فالمجتمع الدولي أيضا لديه ما يقدّمه عبر الدول المانحة.

لذلك نحن ناشدنا كافة المؤسسات الدولية والدول المانحة لتقديم العون للفلسطينيين داخل المخيمات أو خارجها.

وتظهر الأزمة في عدم مبالاة أحد لهذا الأمر باستثناء بعض المساعدات المقدمة من حزب الله والصليب الاحمر التي تمّ توزيعها على مخيمات صور.

فهؤلاء النازحين هم ضيوف مؤقتين يجب اعفائهم من الضرائب الواقعة على عاتقهم، فهم مجبورون على الاقامة هنا ومستضافون عند اهلهم وليس في مخيمات جديدة.

بدوره مسؤول اللجنة الشعبية في مخيم البص أبو إيهاب سالم قال:

إستلمنا في مخيم البص مساعدات عبارة عن حصص غذائية قدمها الأخوة في حزب الله، وأيضاً الصليب الأحمر الدولي قدم مواد تنظيف وبطانيات وأدوات مطبخ لكنها غير صالحة، لذا كان عليهم إحترام النازحين من سوريا وتقدير معاناتهم، كما طالب أبو إيهاب الأونروا تأمين السكن لإيواء النازحين.

وللبحث عميقاّ في هذه القضية، تطرأنا الى وجهة نظر السيد فوزي كساب مدير مكتب الأونروا حيث يضيف معلّقاً بخصوص النازحين الفلسطينيين من سوريا الى لبنان، أن آخر احصائية تشير الى أن النازحين وصلوا الى273 عائلة تتوزع في مخيّمات صور وضواحيها، و أول ما قمنا به هو التنسيق مع الجمعيات الفاعلة واللجان الشعبية والأهلية في منطقة صور أي القيام بإجتماعات تنسيقية من أجل النظر في كيفية مساعدة هؤلاء.

فقمنا بجمع المعلومات عن هذه العائلات ليكون لدينا أدقّ التفاصيل عنهم، وبالتالي تحليل ما تحتاجه كل عائلة.

ثم قمنا بإعطائهم تسهيلات لتلقي الخدمات الطبية والصحية بعيادات الأونروا، ثم تم بالتنسيق مع بعض الجمعيات الداعمة على كيفية تلقي العلاج بالمستشفيات، لذلك الى الان لا يوجد لدينا مشكلة في طبابتهم في المستشفيات.

كان هناك هم أخر هو مع بداية العام الدراسي وهو حاجة الطلاب للدخول الى المدارس، لكن المعروف ان المنهج السوري يختلف عن المنهج اللبناني، لذلك تم عقد عدة اجتماعات بين خبراء في الاونروا بالإستعانة مع خبراء تعليم في سوريا من أجل تأقلم هؤلاء الطلاب مع النظام التعليمي الجديد، ويتم إعطائهم حصص ترفيهية بهدف تسهيل اندماجهم. وفي المرحلة التالية، يتم تهيئة الطلبة لتكثيف الحصص التعليمية وتخفيف الحصص الترفيهية.

أما بالنسبة لطلاب الشهادات، فإن الاونروا تتابع هذا الامر عن طريق اللواء عباس ابراهيم مسؤول أمن العام اللبناني، وهناك أناس تتابع أوضاعهم أيضاً مع وزارة التربية.

في ما يتعلق بالإغاثة، هناك مجموعة عمل تتشاركه عدة جهات، فيتم إعطاء كل جهة مهام لمساعدة منطقة معينة لتصل الخدمة للجميع. فمثلاً يقوم الصليب الأحمر بتقديم المساعدات في منطقة معينة والاونروا في منطقة أخرى، في حين ان الناس تطالب بالمساعدة من الطرفين.

وفي نهاية الحديث أشار السيد كساب الى أن الأونروا لا تتهرب من التزاماتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين أينما كانوا، ولكن مطلوب التعاون بين الجميع لتقديم أقصى ما يمكن.

ختاماً، لا بدّ من القول أنه مهما كانت الحقائق، فإنّ المطلوب أولا وأخيراً تأمين كل المستلزمات الضرورية لتلبية ما يحتاجه النازحون من كافة النواحي، لعيش حياة كريمة بعيداً عن اية معاناة يمكن أن تواجههم أو أي حرمان ممكن أن يعترضهم، فكلّ ما يطلبونه هو الحسّ الانساني لا أكثر، والتمني بعودتهم الى منازلهم في سوريا آملين النجاح في تحقيق حلمهم الأكبر ألا وهو العودة الى بلدهم الأم فلسطين.

Leave A Reply