مسلسل التلاعب بالأدوية والفيتامينات تابع… عقاقير ولاصقات طبيّة منتهية الصلاحيّة

لا تزال قضية تزوير تاريخ صلاحية الفيتامينات الطبية لنمو الأطفال التي تكشّفت الى العلن منذ نحو أسبوع تقريبا، تشغل الرأي العام اللبناني، لان هذه المسألة تهدد حياة حديثي الولادة. وقد تم عمدا تغيير تاريخ صلاحية المكملين “FRESH MULTI PLUS و FRESH ZINC”، لكن الأخطر من كل ما تقدم هو ضرر هذه المنتجات على الصحة العامة، خصوصا بعد ان أصبح الغش مستشريا، ومن أبرز أوجه المهلكات في مختلف المجالات الحياتية الأساسية. على المقلب الآخر، ظهرت في الآونة الأخيرة عمليات احتيال مماثلة، أشعلت الجدل وأثارت تساؤلات كثيرة حول امان وسلامة المنتجات الطبية، التي من المفترض انها سليمة كونها تُصرف حصرا في الصيدليات.

التزوير “يستفحل” ويتمدّد!

الى جانب ذلك، اضحت هذه الكارثة الخطرة مترامية الاطراف، وتستحق الانتباه والتصدي لها من قبل المجتمع المحلي، في ظل غياب الجهات المعنية وتقاعس الوزارة المعنية عن ملاحقة المخالفين، لا سيما وان صيادلة يسوقون منذ سنوات لمنتجات فيتامينية معينة للأطفال منتهية الصلاحية، وبالرغم من ذلك تم عرضها للبيع والتغاضي عن الفاعلين، والضرر الناتج من استهلاكها. بالإضافة الى بلاسم ومستحضرات جلدية غير صالحة للاستعمال يتم الترويج لها وبيعها بسعر منخفض”.

في سياق متصل، علمت “الديار” ان صيدليات تعمد الى بيع ضمادات طبية مخصصة لمعالجة “العقر” او ما يعرف بـ “قرح الفراش” او “قرح الضغط” غير صالحة للاستعمال، لان هذه الأنواع من اللصقات تحتوي على مكونات معينة، وتستخدم كعلاج لكبار السن الذين يلازمون الفراش بشكل دائم، اما بسبب المرض او التقدم بالعمر او الإعاقة. وعلمت أيضا ان بعض الصيدليات تبيع دواء “هيستاميد” منتهي الصلاحية، علما ان هذا العقار كان مقطوعا منذ حوالى السنة تقريبا”.

“الصحة” قلقة… ماذا عن المواطن؟

وفي هذا المجال، قال مصدر في وزارة الصحة لـ “الديار”: “يثير موضوع الأدوية المنتهية الصلاحية، والتي يتم بيعها للمواطنين بعد إزالة تواريخ الصلاحية قلقا متزايدا، لأنها قد تفقد فعاليتها وتصبح ضارة بدلاً من أن تكون مفيدة، كما يمكن أن تتسبب بآثار جانبية جسيمة”.

أضاف: “تزداد هذه المشكلة تعقيدا عند اجتثاث تواريخ الصلاحية المطبوعة على العبوات وإعادة بيعها على انها صالحة، وهذا يضع السقيم في خطر كبير دون علمه، بحيث يمكن أن تتحلل المواد الكيميائية في تلك الادوية وبالتالي تخسر نشاطها. اما في حالة اللصقات الطبية، فيمكن أن تتولّد عدة مشكلات عند استخدامها بعد انتهاء صلاحيتها، منها:

1- زوال الفعالية: قد تفقد اللصقات الطبية قدرتها على تقديم الدواء بشكل فعال للجسم بعد انتهاء اهليتها.

2- اشتداد الحساسية: يؤدي استخدامها الى تصاعد خطر حدوث تهيج الجلد بسبب التفاعلات الكيميائية، التي قد تنشأ بسبب تلف المكونات.

3- الفيروسات والبكتيريا: ينتج من الضمادات غير الصالحة الإصابة بالعدوى، بسبب فساد اللصقة وعدم قابليتها على توفير الحماية المطلوبة.

4- عوارض غير معلومة: قد تحدث آثار غير معروفة عند تضميد الجراج او التقرحات باللصقات الطبية فاقدة الجدارة، نظرا لتغير عناصر الدواء وتأثيره في الجسم”.

وشدد المصدرعلى “ضرورة التحقق من كفاءة أي دواء قبل تناوله او حتى شرائه، واعادته ان لزم الامر وتقديم شكوى بحق المنتهكين، بما في ذلك اللصقات الطبية، كما يجب أن تتقيّد الصيدليات بالقوانين واللوائح الصحية الصادرة عن النقابة والوزارة المعنية فيما يتعلق ببيع الأدوية، وتقديم المعلومات اللازمة للمرضى حول الأرْياق وكيفية استخدامها بشكل صحيح. ونصح المصدر المواطن بالانتباه والتثبّت من سلامة العلاجات التي يبتاعها، وأن يستشير الطبيب أو الصيدلي في حال كانت هناك أي شكوك أو استفسارات بشأن البلاسم التي يتناولها”.

“الاسيتون” لإزالة التواريخ!

في موازاة ذلك، كشف موظف في احدى الصيدليات لـ “الديار” عن “ان العبث بالمنتجات الطبية يجري عن طريق استخدام مزيل طلاء الاظافر لمسح التاريخ المطبوع على الملصق او العبوة الخارجية وحتى من الداخل، اما إذا كان محفورا، فساعتئذ لا يمكن محوه بأي طريقة”. واشار الى “ان التاريخ في بعض الأحيان يكون من الصعب قراءته او رؤيته بشكل واضح، لذلك فان التلاعب بالتاريخ المطبوع على علبة الدواء من الخارج يكون سهلا، وأحيانا أخرى تستخدم الولاعة لاستئصال آثار “ستيكرات” او ملصقات السعر بشكل نهائي”.

بعد الفيتامينات المزورة… هيستاميد!

بالموازاة، قال طبيب متخصص بالصحة العامة لـ “الديار” ان “بعض الصيدليات تقوم ببيع عقار (Histamed) منتهي الصلاحية وتاريخ بعض العبوات يعود الى العام 2022، وهو يوصف لعلاج أعراض الحساسية والتهاب الجيوب الأنفية وحساسية الجلد والطفح الجلدي والحكة للمرضى. ونبّه من ضرر استهلاك هذا الدواء في حال انقضت الفترة الزمنية لحفظه سواء كان شرابا او اقراص، لان المادة الفعالة فيه قد تتحلل وتفقد فعاليتها”، مؤكدا “ان المكونات الأخرى في الدواء قد تفسد أيضا، مما يؤدي إلى تغيرات في تركيبة المستحضر وزيادة خطر حصول آثار جانبية غير مرغوب فيها. لذلك، ينبغي على الصيدلي صاحب الضمير والمهني، سحب الدواء بعد انتهاء مدة تخزينه والتخلص منه بشكل صحيح حسب توجيهات وزارة الصحة”.

وقال الطبيب “خلال الأسابيع الماضية تعرضت عائلة لتسمم شديد بعد تناولها دواء “هيستاميد”، ليتبين لاحقا انه منتهي الصلاحية، وهذا أدى إلى دخولها المستشفى لتلقي العلاج اللازم”. مشيرا الى “وجود عشرات الصيدليات التي تبيع أدوية مزورة بشهادات صحية غير صحيحة”. وطلب من المواطنين “التأكد من تاريخ الصلاحية الموجود على الظرف او العبوة من الداخل قبل الاستخدام”.

وتطرق الى “الفيتامينات بعد انتهاء صلاحيتها، لان تناولها لا يوفر الفوائد المعتادة للجسم، لا بل على العكس قد تصبح مصدرا للتلوث والتسمم الغذائي، حيث يمكن أن تنمو بكتيريا وفطريات ضارة على هذه المنتجات غير الصالحة للاستهلاك. فوق ذلك، قد يعاني الأطفال الذين يأخذونها من صعوبات صحية تشمل الغثيان والإسهال والانتفاخ واضطرابات في الجهاز الهضمي والحساسية المفرطة”.

وحمّل الطبيب “نقابة الصيادلة ووزارة الصحة مسؤولية ما يحدث في قطاع الادوية والشركات المستوردة”، معتبرا “ان تفشي هذه الظاهرة يعود الى التقصير والضعف في نظام الرقابة وتنظيم ومساءلة الصيدليات، مما يجعل من الصعب اكتشاف ومعاقبة المخالفين”. وكشف عن “تورط بعض الصيادلة ومسؤولين في النقابة ووزارة الصحة في قضايا فساد، الامر الذي يؤدي إلى تجاهل التجاوزات وحماية المتورطين”.

وختم مشيرا الى “النقص في التوعية بحقوق المرضى والمسائل القانونية المتعلقة بتمادي الصيدليات، مما يعيق تقديم الشكاوى من قبل المواطنين أو المطالبة بحقوقهم”.

ندى عبد الرزاق – الديار

Leave A Reply