يوم المرأة العالمي والهيمنة الذكورية

أخشى أن يتحول «يوم المرأة العالمي» إلى مناسبة، للإحتفال بهيمنة الذكورية على مقدرات هذا الكوكب المؤنث بالإسم فقط، والذي يبقى تحت رحمة ذكور، سياسيين ورجال أعمال وعلماء ومثقفين، وبعضهم متحالف مع شياطين الحروب.

ويبدو أن التوصل إلى المساواة الكاملة بين طرفي المجتمع البشري «لا يزال على بعد سنوات ضوئية»، على ما إعترف به الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريـش، في الكلمة التي وجهها إلى المجتمع الدولي لمناسبة يوم المرأة العالمي، رغم التقدم الحاصل بوجود المرأة في مواقع القرار في كثير من بلدان العالم، حيث إستطاعت نساء رائدات من تجاوز الحواجز النمطية، والعقبات النفسية، وتحقيق بعض التقدم في العقود الأخيرة.

والمضي قدماً في تحسين أوضاع المرأة، ودعم مسيرتها في مسار المساواة، يبقى مسؤولية مشتركة بين المجتمعات، التي تعترف بالمرأة ليس كشريكة في بناء الأمم وحسب، بل هي النصف الثاني للمجتمع، الذي لا تقوم قائمة له، بدون التفاعل مع المرأة، وتعزيز دورها على مختلف المستويات.

المرأة العربية بشكل عام، واللبنانية بشكل خاص، إستطاعت تخطي الكثير من القواعد التقليدية، والعادات القديمة، وإستعادت العديد من الحريات التي كانت محرومة منها طوال عقود مريرة من الزمن، ولكنها مازالت تحتاج إلى الكثير للحصول على الإعترافات القانونية والإجتماعية لدورها الفاعل في خدمة الوطن.

ورغم أن المرأة في لبنان كانت السبّاقة في الحصول على حقوقها السياسية والإجتماعية ، مثل الإنتماء للأحزاب السياسية أو ترؤس الجمعيات الاهلية، وحق المشاركة في الإنتخابات، ترشيحاً وإقتراعاً، إلا أنها مازالت محرومة من ضمانات الحد من الهيمنة الذكورية على مقدرات المجتمع، حيث رفض النواب تخصيص المرأة بكوتا محددة من المقاعد النيابية، حوالي ٣٠ بالمئة، كما إقترحها الرئيس ميشال سليمان إبان وجوده في قصر بعبدا. والأحزاب السياسية والكتل النيابية الفاعلة لا تُقيم وزناً لمبدأ المناصفة في المقاعد الوزارية في الحكومات المتعاقبة. يُضاف إلى ذلك أن عدد المرشحات للمجالس النيابية والبلدية ما زال محدوداً، ولا يحظى بالتشجيع المطلوب من الأوساط السياسية والحزبية، وعدد النساء العضوات في مجلس النواب لا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.

طريق المساواة بين طرفي المجتمع مازال طويلاً، ويتطلب جهوداً كبيرة، وقيادات نسائية شجاعة، تتابع مسيرة الرائدات اللواتي حرّرن المرأة اللبنانية والعربية من قيود القرون الوسطى.

فهل يأتي الزمن الذي يصبح فيه يوم المرأة، عيد المساواة بين طرفي المجتمع!

د. فاديا كيروز

Leave A Reply