هوكشتاين يريد ضمانات من “حزب الله” أولاً و”خطر الانفجار وارد”

خيّمت زيارة الموفد الاميركي آموس هوكشتاين الى بيروت وما حملته من رسائل على المشهد العام في البلد ربطاً بالتطورات العسكرية الخطيرة بين اسرائيل و”حزب الله”، مع خشية من ان تتدحرج الى مواجهة كبرى بعد مرور 150 يوماً على اختبار قوات الطرفين اللذين كانا يتحضران على مدار السنوات الاخيرة لهذه المعارك وقبل عاصفة “7 أكتوبر” التي خاضتها “حماس” وشغلت العالم بوقائعها والارتدادات التي ستخلّفها على مستقبل المنطقة.

تحدث الرجل عن وقف لإطلاق النار وضرورة التوصل الى تحقيق هذا الامر الذي يبدأ بهدنة، ثم البحث لاحقاً في القرار 1701 الذي تثبت مندرجاته ان الجميع في حاجة للرجوع اليه اذا تمت ترجمة كلام هوكشتاين وما سمعه من المسؤولين اللبنانيين وفي مقدمهم الرئيس نبيه بري. وتحضر الاسئلة في ضوء ما خلص اليه: لماذا لا يصار الى التوجه دفعة واحدة الى وقف إطلاق النار والبدء سريعا بتطبيق مضمون القرار الاممي تحسباً لوقوع خلافات في مراحل لاحقة؟ ولم يقلل الموفد الاميركي في لقاءاته من خطر حدوث “الانفجار الوارد” في الجنوب اذا لم تؤدِّ الاتصالات الجارية الى الحصول على ضمانات فعلية على الحدود بين لبنان واسرائيل، وسط تشديده على تثبيت الـ 1701 وتحذيره من اصحاب “الرؤوس الحامية”، في إشارة الى “حزب الله”، مع مفارقة ان الاخير لا يعترض على التواصل غير المباشر لكنه لا يعتبره في اطار الوسيط العادل بين طرفي النزاع بل يضع بلاده في خانة الشريك والداعم الاول لاسرائيل في عدوانها على قطاع غزة وقتلها الفلسطينيين، فضلاً عن اعمالها الحربية في الجنوب. ولا يمكن فصل حرب غزة عن الجنوب في وقت لا يبرز تقدم كبير في المفاوضات الدائرة في القاهرة.

واذا كان تعويل لبنان على هدنة في غزة وامكان انسحابها على الجنوب، فماذا لو بقي المشهد الفلسطيني على حاله؟ الامر الذي يدفع مسؤولاً في “حماس” الى القول: “قد نشهد رمضان ساخناً جراء التعنت الاسرائيلي”. ويبقى اول ما يهم هوكشتاين هو كيفية التوصل الى ارساء مناخات هادئة على الحدود غير قابلة للانفجار في وقت لم يؤكد امام اي من الشخصيات اللبنانية التي التقاها ان اسرائيل لن تقدِم على ضربة كبيرة للحزب لن يكون لبنان بعيداً عن آثارها اذا استمرت الامور على هذه الحال. وما يقوله هوكشتاين في طيات كلامه هو انه لا يؤيد ربط الحزب جبهة الجنوب بحرب غزة، وان الاسرائيلي كان ولا يزال يعتبر المقاومة خطراً قائماً في الاساس، وما يهمه أيضا هو حصوله على تأكيد من الحزب بعدم قيامه بأي اخطاء تهدد اسرائيل التي لم تتمكن الى اليوم من طمأنة المستوطنين الذين لن يعودوا الى منازلهم في الشمال قبل حصولهم على ضمانات من لبنان او بالاحرى من “حزب الله” الذي لا يزال هوكشتاين يطمح الى إبعاد وحداته العسكرية عن الحدود مسافة لا تقل عن 8 كيلومترات عن “الخط الازرق”. ولم تختلف رسائل هوكشتاين وتحذيراته عن مضمون الورقة الفرنسية التي قدمتها باريس الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزارة الخارجية وقال اصحابها انهم على تنسيق في مضمونها مع الادارة الاميركية. ويعمل الموفد الأميركي اولاً على وقف إطلاق النار في الجنوب وتهيئة الظروف المناسبة لعودة المستوطنين في الشمال والجنوبيين الى بلداتهم الحدودية ثم الخوض في ما بعد في ماهية الـ 1701 وصولا الى المرحلة التي سيدخل فيها وسيطا في حسم تثبيت النقاط البرية العالقة بين لبنان واسرائيل، مع امكان اتمام هذا الملف الذي تعترضه عقبات عدة على غرار تجربة ترسيم الحدود البحرية التي لم يعترض عليها الحزب آنذاك، ولا يمانع تكرارها في البر حيث لا تنفك ادارة البيت الابيض عن التأكيد انها لا تريد حربا في الجنوب. وتقول مصادر واكبت محطات الموفد الاميركي من كثب انه حمل “طروحات جدية يمكن البناء عليها والعمل على تسييلها اذا حصلت الهدنة في غزة حيث من المفترض ان تنسحب آثارها الايجابية على جنوب لبنان”.

ومن الامور التي جرى التوقف عندها في لقاءات هوكشتاين انه لم يعطِ الملف الرئاسي إلا كلاما عابرا لا اكثر، ولم يأتِ على دور “المجموعة الخماسية” رغم اهمية هذا الاستحقاق للبلد ومؤسساته التي تشهد كل يوم مزيدا من الازمات والتعقيدات.

رضوان عقيل – النهار

Leave A Reply