جعفر حسين وحسن .. ارتقيتم .. ليزهِر الأقُحوانُ فِي صَحراءِ قَلوبنا

ثلاثُ ليالٍ مَضَت بعدما أغلقتُ أزرارَ الأكفان ..
ودّعتُ الأجسادَ الطاهرة،
نثرتُ الوردَ الأحمر
وكتبتُ أسماءَهم واللقب ..

ثلاثةُ أقمارٍ من أمل، ارتقوا ليُزهِرَ الأقحوان على شاطئنا ..
وفي صحراء قلوبنا ..

ثلاثُ ليالٍ وصورهم ما غادرت قلبي وعقلي،
وفّقني الله وشَرَّفني أن رافقتهم في السّاعات الأخيرة ..

حسن حسين وجعفر
أصبحتم دستوراً حقيقياً للحياة، وطريقاً مستقيماً للأيام التي نُمتَحنُ فيها،
وبينكم أيقنتُ أن لا شيء يستحق ..
إلا تقوى الله والورع ..

أما أنا .. أتْعَبَتْني أفكاري، وقساوة الأيام على الأحباب بعدكم ..
أيّها الراحلون …

جعفر .. أيّها الأبُ الحنون لثلاثة أطفال ، كنتَ تلاعبهم وكانت وجوههم تُنير طريقك،
والآن وجهك ينير السّماوات والأرض ..

حسين .. أيّها الكربلائي الحنون، تركتَ لنا حبَّ الإمام الحسين عليه السلام وخدمته أمانةً في أعناقنا .. وتركتَ غصّة أمّك على الفراق .. لكنّها مرفوعة الجبين ..

أمّا أنت يا حسن .. ثالثُ الأقمار والدُ القمرين حسين وآدم ، كنتَ ترسم لهما مستقبلاً جميلاً، لا أدري كنت تعدّد الأحلام على أصابع يدي ولدك آدم الصغيرتين أو أنّك تَعدّ الأيّام المتبقيّة لك معه، فكان ما كان و رسمتَ لنا خيوط الشمس حيث أنت في العلياء ..

لكلِّ شابٍ حكايةٌ وابتسامة،
لكلِّ سعيدٍ منهم قِصّة ودمعة،
حياتهم فيها الكثير من الحبّ والضِّحكات، ولكلّ عائلة من عوائلهم الكثير من المواقف والحكايات والدّعاء والدّموع ..

أما دموعي وحكايتي معكم مختلفة ..
كان لي الحظّ الأوفر أنّي رسمتُ معكم آخر الحكايات، وآخر النظرات، وآخر الإبتسامات وآخر آخر اللحظات ..

*شممتُ رائحةَ المسك تفوح، لا أُبالغ في القول أنّي شممتُ رائحة الجنان* ..
شعرتُ بالملائكة تساعدنا.. تقف معنا، ريحٌ تهب من حين إلى حين ..
*بين الأجساد الطاهرة .. كنا نشعر بالنسيم الناعم اللطيف، وطيفهم الرقيق كان حولنا يبارك لنا* ..

أخوتي ..
حسن حسين وجعفر
سامحوني إن قصّرت، واعذروني ومن معي من إخوة تشاركنا الأجر .. إن لم نطيل الوقوف معكم..

استودعناكم الله في عالمٍ يخلو من الألم حيث الراحة الأبديّة والنعيم، وعدنا أدراجنا إلى عالمٍ مليء بالظلم والقهر والتعب والبلاء ..

هنيئاً لكم ما حصلتم هنيئاً للأهل الذين أفاضوا علينا شباباً لا تهاب الموت، صَبَّرهم الله على فِراقكم، برداً وسلاماً على قلوبِهم ..

عزاؤنا أنّكم لبستم ثوب العرس الأبيض، وتركتم لنا وسام الفخر والإعتزاز، وسِرتم في قافلة مولاكم الحسين (ع) .
حشركم الله مع محمّد وآل محمد
في أمان الله، وبأمانة موسى بن جعفر الذي استضافكم يوم شهادته منه الأمان وبه الأمان.

صور في ٩/٢/٢٠٢٤
بقلم الشيخ ربيع قبيسي

Leave A Reply