الإثنين, ديسمبر 9
Banner

شكري يعاين جبهتي الجنوب والرئاسة… و”لن يتورّط”

يتسلم وزير الخارجية المصري سامح شكري راية الموفدين الى بيروت اليوم بعد نظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه لمعاينة أكثر من ملف يهمّ اللبنانيين مع تصاعد أزماتهم في وقت لا يغيب فيه قلق مختلف الأفرقاء من أخطار جبهة الجنوب المربوطة بحرب غزة منذ أربعة أشهر. وكان الرئيس نبيه بري أول من تبلغ بزيارة شكري من سفير دولته في لبنان علاء موسى واستبشر خيراً بهذا الزائر انطلاقاً من موقع مصر في المجموعة “الخماسية” زائد مواكبتها للاتصالات المفتوحة التي تشارك فيها المخابرات المصرية في ترتيب الهدنة المنتظرة بين إسرائيل و”حماس” في غزة.

وقبل الدخول في الملف الرئاسي سيغوص رئيس الديبلوماسية المصرية مع الرئيسين بري ونجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب في الموضوع الفلسطيني ومعاينة ما رست عليه آخر الاتصالات وخصوصاً مع الحكومة الإسرائيلية التي لم تقدّم بعد جواباً نهائياً على ما تم الاتفاق عليه في اجتماع باريس الذي جمع المسؤولين عن أجهزة الاستخبارات المصرية والأميركية والقطرية والإسرائيلية ووضعوا مسوّدة لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي لم تعمل تل أبيب على إطلاق عجلة تطبيقه في وقت تشدّد فيه “حماس” على عدم الوقوع في أي فخاخ جديدة. وثمة من يربط زيارة شكري بمواكبة ما تقوم به أميركا عبر وزير خارجيتها أنتوني بلينكن بعدما ثبت للمعنيين أن ثمة ربطاً حقيقياً بين جبهتي غزة وجنوب لبنان حيث يتبيّن أن من غير السهل تطبيق الهدنة على الأرض واقتصارها على غزة، لأنه في حال البقاء على سخونة المواجهات في الجنوب فإن استمرار اشتعالها كفيل بعدم عودة أي من المستوطنين الى منازلهم في شمال إسرائيل في معادلة سلبية مشتركة يتقاسمها مع “حزب الله”.

وسيطرح شكري المواضيع نفسها التي ناقشها من سبقه من موفدين حيث ستسيطر جبهة الجنوب على هذه المحادثات مع حرص المصريين على ممارسة سياسة تقوم على التوازن بين اللبنانيين. ويقول وزير لبناني سابق عاين سياسة القاهرة ويعرف جيداً طبيعة شكري ومراسه الديبلوماسي إنه ملمّ جداً وخبير بتشعبات القوى السياسية اللبنانية حيث لم تقحم القاهرة في الانقسامات الداخلية على غرار ما فعلته باريس والدوحة في شكل لا يشبه تعاطيهما مع الكتل النيابية في مقاربة الاستحاق الرئاسي ولو أن شخصية ناشطة في السفارة المصرية في بيروت أجرت قبل أكثر من سنة سلسلة من الاتصالات على شكل استطلاع مع أكثر الكتل النيابية وتردّد أنها تعمل على تزكية اسم قائد الجيش العماد جوزف عون من دون أن تحمل لواء اسمه على غرار ما فعلته باريس في البدايات في تبنّيها المرشح سليمان فرنجيه، ليعلن الموفد جان – إيف لودريان في ما بعد أن موقف بلاده لن يخرج في النهاية عن إطار رؤية “الخماسية”. ولم يخف في آخر محطتين له في بيروت أن الإليزيه بات يميل الى طرح اسم ثالث.

ولم تُحسب القاهرة على هذا الطرف اللبناني أو ذاك أي بمعنى أن حساباتها تختلف عما تعمل عليه عواصم أخرى في “الخماسية” مع تسليمها كلها بأن واشنطن تبقى صاحبة الكلمة الأقوى في المجموعة في اللحظة التي تحين فيها ساعة “الجد الرئاسية” مع ملاحظة أن ما يعنيها في لبنان أولاً وقبل انتخاباته بدرجات ما سترسو عليه الأمور على الحدود وتطبيق الـ1701 الى طمأنة المستوطنين الإسرائيليين.

هذا ما سيظهره شكري على أساس تأكيد بلاده عمق تواصلها التاريخي مع لبنان ووقوفها الى جانبه في توقيت لا يصبّ في مصلحة أي جهة في المنطقة نتيجة جملة من الأحداث والتوترات في المنطقة من غزة الى البحر الأحمر وانعكاسها كلها على طبيعة مصر واقتصادها الذي يشهد في الآونة الأخيرة جملة من الصعوبات والتحديات. وعند سؤال أي مسؤول مصري يردّ بأن القاهرة لن تقصّر في الوقوف الى جانب لبنان ومواصلة مساعيها مع أعضاء “الخماسية” لاجتراح قواسم مشتركة بين الكتل النيابية التي تبقى المسؤولة الأولى من وجهة نظر القاهرة في إتمام الاستحقاق الرئاسي. وإن كانت علاقة مصر مع مختلف الأفرقاء اللبنانيين من دون تمييز جهة على أخرى فإن علاقاتها مع المكوّن السنّي تبقى لها خصوصياتها وهي على تواصل مع عدد من النواب في بيروت والمناطق.

وتراجعت هذه العلاقة في السنوات الأخيرة نتيجة جملة من الاعتبارات. قبل 1970 السنة التي تُوفي فيها جمال عبد الناصر كان سفيره في بيروت عبد الحميد غالب اللاعب الديبلوماسي الأول في الملعب السياسي اللبناني والقادر على تحريك تظاهرة في قلب بيروت. اختلفت أدوار الدول في لبنان وتقدم بعضها وتراجعت أخرى وحلت أخرى وبقي لبنان واستحقاقاته الدستورية والنيابية محل تأثير الخارج من جراء فقدان إرادات لبنانية حقيقية.

رضوان عقيل – النهار

Leave A Reply