“متبرعات صغيرات وجميلات” تحت الطلب.. “سماسرة البويضات” بالدول العربية

“نحتاج متبرعات دون الـ30 عاما، في حال رغبت بذلك نطلب منك أن تزودينا بمعلومات عن الطول، الوزن، لون الشعر، لون العيون، التحصيل الدراسي، البلد، فصيلة الدم”.. هذا واحد من منشورات سماسرة البويضات في الدول العربية، الذين اتخذوا من مواقع التواصل الاجتماعي ساحة للاتجار بنساء وفتيات مستغلين حاجتهن المادية.

وفي المقابل هناك من يعرض بويضات “متبرعات صغيرات وجميلات وسليمات من الأمراض”، وبين هذا وذاك هناك من يتفاعل على صفحات السماسرة، متحمساً لبيع بويضات زوجته بحجة الأوضاع الاقتصادية.

حين تصبح الأمومة حلماً صعب المنال، يصبح الحصول على بويضات أو رحم للإيجار، شعاع الأمل الوحيد للعديد من النساء، لكن خلف ستار الأمل، عالم مظلم من الاستغلال والاتجار بالبشر، إذ تجبر بعض النساء والفتيات على بيع بويضاتهن تحت وطأة الفقر، بينما تُغرَى أخريات بمبالغ مالية من قبل سماسرة يستغلون ضعفهن وحاجتهن.

رحلة البويضات من بيعها في غرف مظلمة إلى زرعها في رحم امرأة أخرى، تمر في دهاليز غير قانونية وأخلاقية، وبداية مع أحد الحسابات على موقع “فيسبوك” الذي اتخذ من اسم “تبرع بويضات وايجار رحم” تواصل موقع “الحرة” معه، إذ ادعيت أنني امرأة عقيمة من لبنان أقيم خارج البلد، أبلغ من العمر 47 سنة، وأني أهدف إلى الإنجاب عبر تقنية وهب البويضات.

سارع من يدير الحساب إلى الإجابة، ليتبين أنه مصري، عرض الحديث معي عبر تطبيق “تلغرام” وهو ما حصل، ليؤكد خلال الاتصال أن لديه متبرعات صغيرات جاهزات، لكن يجب إرسال صورة لي لاختيار أقربهن من حيث الملامح إلى ملامحي، كون البويضة تحمل جينات وراثية، مما يعني أنها ستترك آثاراً معينة على جنيني.

وعن تكلفة العملية أجاب “لكل متبرعة قناعة مادية مختلفة، إلا أن المعدل العام يُقارب 10,000 دولار”، شارحاً “يتطلب إنهاء العملية إقامة أسبوع في مصر، أما نسبة نجاحها فتتوقف على نتائج التحليلات التي نجريها للمتبرعة، التي تخضع لدورة تنشيطية للبويضات، وفحوص للتأكد من خلوها من أي أمراض تناسلية أو جنسية”.

وشدد على أن المراكز الطبية في مصر تخالف القانون بإجراء هكذا عمليات، لذلك تخشى من المخاطر التي قد تُواجهها مقتصرة الأمر على الأشخاص الموثوق بهم، وأنه كوسيط نال ثقة بعضها، طالباً أن ننهي العملية بسرّية، ليختم عارضاً خدمات إضافية كتأمين أرحام للإيجار وكبد وكلى للبيع.

أحلام محرّمة

تقوم تقنية وهب البويضات بحسب “اختصاصي العقم وأطفال الأنابيب ووهب البويضات في بيروت” الدكتور نجيب داغر، على تبرع شابة ببعض بويضاتها إلى امرأة أخرى، ليتم تخصيبها بالحيوانات المنوية لزوجها، والحصول على واحد أو أكثر من الأجنة لزرعها في رحمها.

وفي منشور على “فيسبوك” يشرح داغر أن قرار اللجوء إلى تقنية طفل الأنبوب “باستعمال بويضات من واهبة صغيرة وسليمة وحلوة”، صعب جداً لكنه الحل الوحيد عند النساء المتقدمات بالعمر أو عند البنات الصغيرات المصابات بفشل مبكر بالمبيض وارتفاع بهرمون (FSH) وانخفاض بمخزون البويضات أي انخفاض بهرمون( (AMH”.

انخفاض وظيفة المبيض، مشكلة يمكن أن تحدث بحسب داغر “في أي عمر، لكنها أكثر شيوعاً لدى من تجاوزن الـ 39 عاماً. وحتى النساء اللواتي توقفت لديهن الدورة الشهرية، يمكنهن الحمل بهذه التقنية لأنه كما ثبت، أن الرحم لا يشيخ مع تقدم العمر، بل فقط المبيض، مما يؤدي إلى انخفاض نوعية وكمية البويضات”.

وعلى عكس أوروبا التي تحدد حداً أقصى لعمر المتلقية بـ 50 سنة، فإنه يمكن إجراء هذه العملية في لبنان كما يقول داغر “طالما أن صحتها جيدة حتى وإن انقطع الطمث لديها”.

وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي بمثابة ساحة افتراضية للباحثات عن الحلم “المحرّم”، وتحت اسم علي حسن، تمّ نشر إعلان على “فيسبوك” عن ذلك، وعندما تواصل موقع “الحرة” مع صاحب الإعلان، كشف أنه من العراق وأن زوجته تعاني من العقم وترغب في الإنجاب.

كانت إجابات علي مُقتضبة، وتوحي بخوفه من التورّط في هذا الأمر، خاصة عند سؤاله عن إمكانية إجراء العملية في العراق، حيث تُعتبر غير قانونية، فأجاب “نعم.. احتمال”.

وفي المقابل الآخر هناك من يعرض بويضات زوجته للبيع جاعلاً منها سلعة على مواقع التواصل الاجتماعي، منهم صلاح الذي سارع لعرض بويضات زوجته من خلال التعليق على منشور على فيسبوك يطلب متبرعة لبويضة وإيجار رحم، مع تحديد الحد الأقصى للعمر بـ 35 عاماً.

وتواصل موقع “الحرة” مع صلاح عبر الماسنجر، ليكتشف أنه عراقي الجنسية، وزوجته عشرينية، وأنه يطلب مبلغ 10,000 دولار ثمنا لكل بويضة. وعندما أصرّيت على التحدث مع زوجته للتأكد من موافقتها على بيع بويضاتها، شدد صلاح على موافقتها مدعياً أنها مقيمة لدى عائلتها كونها حامل في الشهر السابع.

تحدث صلاح بلهجة الحسم، كأنه الآمر الناهي الذي يمتلك الحق المطلق ببويضات زوجته، وعند سؤاله عن سبب إقدامه على ذلك، تحجج بالظروف المادية الصعبة التي يمر بها، معلناً استعداده لإرسال زوجته إلى أي دولة لإجراء العملية.

ربما تكون هذه البداية لصلاح في طريق الاتجار بالبويضات، بل وربما يتطور الأمر ليشمل كل أشكال الاتجار بالبشر. ففي حال عثوره على من ترغب بالإنجاب عبر هذه التقنية، وحصل على المبلغ المادي الكبير، فإن ذلك سيحفزه على الربح السريع والبحث عن نساء أخريات ليوسع نطاق سمسرته.

متبرعات تحت الطلب

ويعتبر لبنان، بحسب مستشارة العقم عند الرجال والنساء الدكتورة جيسيكا عازوري “البلد الوحيد ضمن البلدان العربية الذي يقوم بإجراء هدا النوع من العمليات بالعلن منذ عام 2012 وذلك بعد تعديل البند 8 من المادة 30 من قانون الآداب الطبية، ولهذا هو مقصد للسيدات اللواتي لا فرصة لديهن للإنجاب إلا من خلال هذه التقنية، لاسيما من العراق وسوريا ومصر، وكذلك الإمارات والسعودية”.

وتشرح عازوري لموقع “الحرة” أن من يلجأن إلى هذه التقنية هن “النساء اللواتي يُعانين من عجز في وظيفة المبيض منذ الولادة مما يُعيق إنتاج البويضات، أو من خضعن إلى علاج كيميائي أدى إلى فشل المبيض في إنتاج البويضات، وثالثاً فشل المبيض بإنتاج البويضات مع تقدم العمر من دون أن يلجأن إلى تقنية تجميد البويضات قبل الوصول إلى هذه المرحلة”.

وفي لبنان جميع المتبرعات ببويضاتهن لدى داغر يحملن الجنسية اللبنانية بناءً على طلبات المتلقيات، أما في مدريد وقبرص الشمالية، حيث يجري داغر عمليات مشابهة، فإن المتبرعات يحملن الجنسية الإسبانية والتركية على التوالي، ويشرح: “يقصد مركزي في قبرص إماراتيات وسعوديات بسبب منع دولتهن لهن من القدوم إلى لبنان”.

وفي موقعه الإلكتروني يشير إلى أن لديه “متبرعات دون قائمة انتظار، ويجب على المرضى من الخارج إرسال صورة للزوجة لمطابقتها مع المتبرعة المناسبة لها التي لديها نفس المواصفات الجسدية ونفس فصيلة الدم”.

ويشدد “لدينا قاعدة بيانات واسعة جداً من المتبرعات الشابات المختارات مسبقاً (18 – 27 عاماً) اللواتي اجتزن فحوصات طبية محددة، منها فحص للأمراض النسائية، واختبارات لفصيلة الدم، والإيدز (HIV)، والتهاب الكبد، والتلاسيميا، بالإضافة إلى التاريخ الطبي لاستبعاد أي مشكلة وراثية وجينية (…) وكذلك التقييم النفسي واختبار مستوى الذكاء”.

كما يشدد على أنه “لا يمكنكم رؤية المتبرعات. يمكنكم فقط معرفة المواصفات الجسدية لهن أي العرق والعمر والوزن والطول ولون البشرة والعين الشعر ونوعه. ومن الناحية القانونية المرأة التي تنجب الطفل هي الأم”.

إضافة إلى ذلك لدى داغر مجموعة مغلقة على فيسبوك باسم “غروب التبرع بالبويضات أو وهب البويضات والأجنة الكاملة”، تضم 262 عضواً.

وفي حديثه لموقع “الحرة” أكد داغر أن ” لديه عددا كبيرا من الواهبات العشرينيات بين مطلقات وطالبات جامعيات، مما يُتيح اختيار المتبرعة المناسبة لكل متلقية، مع العلم أننا نضع حدوداً للتبرع إذ لا يتجاوز ست إلى سبع مرات من كل متبرعة، وذلك مرة كل شهرين لإراحتها”.

وعن أسعار عملية وهب البويضات يقول “تختلف حسب رغبة المتلقية فيما إن كانت تمانع مشاركة متلقية أخرى لبويضات المتبرعة أو توافق على مقاسمتها مما يُقلّل من تكلفة العملية”، مؤكداً على أن القانون اللبناني يمنع دفع أي مبالغ مالية للمتبرعة، وبالتالي “هي تقوم بذلك بدافع إنساني أي من باب الرغبة في مساعدة الآخرين، ولا تحصل سوى على “مبلغ صغير” وبعض المميزات كفحوصات مجانية وعلاج مجاني إلى الأبد”.

ويفصّل أن تكلفة العملية تشمل “أدوية تحفيز البويضات التي تُعدّ باهظة الثمن، إذ تبلغ تكلفتها حوالي 1200 دولار، وكذلك فحص دم المتبرعة للتأكد من سلامتها وصلاحيتها للتبرع، وعملية سحب البويضات وتلقيحها بالحيوانات المنوية لزوج المتلقية، وكذلك زرع الأجنة في رحم المتلقية”.

وعن خطوات عملية الوهب بالنسبة للمتلقية المقيمة خارج لبنان يجيب داغر عن ذلك من خلال منشور عبر “فيسبوك” بالقول “تبدأ الزوجة بعلاج تحضيري لرحمها في بلدها، ثم تسافر مع زوجها إلى لبنان لمدة 10 أيام، يُقدم الزوج خلالها عينة من حيواناته المنوية في يوم سحب البويضات من المتبرعة لتلقيحها ثم يتم زرع الأجنة الناتجة في رحم الزوجة بعد 3-5 أيام من التلقيح، لتسافر بعد 3 أيام من زرع الأجنة في الرحم، وبعد أسبوعين تجري فحص دم للحمل”.

في مهب السرقة

تختلف رغبات النساء بشأن هوية المتبرعة، منهن من يفضلن بحسب عازوري “أن تكون من عائلتهن، بينما تفضل أخريات أن يكون وهب البويضات سرّياً، أي لا تعلم كل من الواهبة والمتلقية الطرف الآخر، وأيا يكن يجب أن تتوفر في المتبرعة عدة شروط، وهي: ألا يتجاوز عمرها الـ 30 سنة، ولديها مخزون جيد من البويضات، وأن تجتاز فحوص الدم للتأكد من صحتها، وألا تعاني من تشوهات خلقية، وأن تتوافق زمرة دمها مع المتلقية”.

وفي لبنان، تتلقى المتبرعة، كما تؤكد عازوري “أجراً مادياً لا يتخطى الـ 700 دولار، مقابل تنقلاتها والوقت الذي تمضيه، حيث يتطلب الأمر منها نحو13 الى 14 زيارة إلى المركز الطبي على مدى أسبوعين والانتظار لساعات، بالتالي تعتبر كأنها في دوام عمل جزئي”، وتشدد “غالبية المتبرعات ببويضاتهن يقمن بذلك بدافع مادي فلن يتبرعن كرمى لعيني الطبيب، ويمكنهن القيام بهذا الإجراء مرة واحدة شهرياً”.

وعن تكلفة وهب البويضات وتلقيحها وزرعها أجابت “تختلف من امرأة إلى أخرى، ومع ذلك يمكن القول إنها تقارب الـ5000 دولار، وفي مركزنا نقوم بنحو خمسين عملية شهرياً من هذا النوع مع زيادة نسبة الوعي بهذه التقنية وخروجها من دائرة التابو (المحرمات)”.

وتنبه عازوري أنه “يجب أن تكون كلفة وهب البويضات أكبر من كلفة عملية أطفال الأنابيب، كونها عبارة عن عملية أطفال الأنابيب يضاف إليها وجود متبرعة ببويضاتها، يجب دفع بدل مادي لها وثمن حقن لتقوية مبيضها تتراوح ما بين 800 إلى 1000 دولار”.

وتشدد على أن “المراكز التي تجري هذه العملية مقابل ألف وألفي دولار يعني أنه لا يوجد متبرعة، بل يتم إما استخدام بويضات سيدة قامت بتجميدها، أو بويضات مريضة تقوم بعملية أطفال الأنابيب حيث يأخذ منها الطبيب بويضات إضافية من دون علمها، وهذه سرقة موصوفة، لذلك على من تريد أن تخطو هذه الخطوة التأكد من وجود عدد كبير من الموظفين في مختبرات المركز مما يحول دون تجرؤ الطبيب على ارتكاب أي مخالفات”.

وتضيف “لا ينحصر دور الأم المتلقية في حمل الجنين، فهي تلعب دوراً هاماً في تطوره، فعلى الرغم من أنه يحمل الحمض النووي للواهبة والملقّح، إلا أن شكل الخلايا وعملها لا يتوقف فقط على المادة الوراثية، بل يتأثر أيضاً من المكان التي تنمو فيه”.

مدى قانونية الوهب

نقل داغر شهادة إحدى مرضاه متحفظاً عن ذكر اسمها، من خلال منشور على فيسبوك جاء فيها “ليس الأمر سهلاً أبداً في البداية عندما يخبركم الطبيب أن الحل الوحيد هو استخدام بويضات امرأة أخرى (..) لتصبحي حاملا كأي حمل ثم تلدين الطفل الذي يصبح طفلك قانوناٌ وبيولوجياً”.

وأضاف “ستكون هناك دموع وإحساس بالدمار والخيبة، وهذه ردة فعل طبيعية وصحيحة تماماً، سيسبب لك الخبر الشعور بالإرهاق والحزن الشديد… ولكن بمجرد الاقتناع بالفكرة وايجابياتها التي لا تحصى والبدء بتفعيل الأمور، تبدأ الإثارة والحماس والأمل حقاً”.

ويصف “بالتأكيد لا تزال لديك مخاوف وصراع أفكار، ماذا أفعل؟! هل جننت؟! معقول أنني قبلت بالفكرة؟! لكنني أتذكر الضياع الذي عشته قبل أن يطمئنني الطبيب أن المتبرعة المناسبة لي والتي تشبهني موجودة عنده ومما زادني إثارة وفضولا لمعرفة مواصفاتها وصفاتها وهل هي أجمل مني. بدأت المخاوف تتلاشى تدريجياً وأصبحت منتشيه بالفكرة أني سأصبح أماً قريباً مع الإبقاء على كل الاحتمالات”!

وفي وقت يعتبر داغر أن عملية وهب البويضات في لبنان “قانونية 100%”، تؤكد عازوري عدم وجود قانون مفصل ينظمها رغم محاولاتها الحثيثة لذلك، ومنها صياغة مشروع قانون قدمته الجمعية اللبنانية للخصوبة إلى مجلس النواب من دون أن يقرّ ولا حتى كمرسوم من قبل الحكومة، لكن اعتمدته نقابة الأطباء وبات مرجعاً لضمان حقوق جميع أطراف عملية وهب وتلقي البويضات.

وتواصل موقع “الحرة” مع نقيب أطباء لبنان في بيروت البروفيسور يوسف بخاش، لمعرفة فيما إن كانت النقابة تنظم وتشرف على عمليات وهب البويضات، إلا أنه لم يجب على الأسئلة التي وصلته.

والمراكز التي تعتمد المرجع الذي وضعته عازوري، تفرض على الزوج والزوجة التوقيع على وثيقة، تنص على أن المرأة المتلقية للبويضة المخصبة هي الأم الشرعية ولديها كامل الحقوق والواجبات على الجنين الذي يمكن أن يولد من خلال هذه التقنية.

وكذلك يؤكد رئيس مؤسسة JUSTICIA في بيروت، العميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ، المحامي الدكتور بول مرقص أنه “في لبنان لا يوجد قانون ينظّم تقنية وهب البويضات، إذ إن بعض الأزواج يختارون إجراء هذه العملية بدول فيها قوانين واضحة تحمي حقوقهما وحقوق المتبرعين بالبويضات، فالمشكلة في لبنان تكمن في حال حصول طلاق بين الزوجين، نظراً إلى أن الطفل لا يكون بيولوجياً طفل الأم، لذلك يجب وضع أطر قانونية تضمن حق الأم والطفل والواهبة وتضع ضوابط أخلاقية على عملية وهب البويضات”.

ويعود غياب القوانين المنظمة بشكل أساسي، بحسب ما يقوله مرقص لموقع “الحرة” “إلى الخلاف بين الطوائف بشأن هذا الموضوع، فالقانون رقم 240 لعام 2012، (تعديل بعض أحكام القانون 288 تاريخ 22/2/1994) (الآداب الطبية) نصّ في البند السادس من المادة 30 منه على أنه: يجوز اجراء عملية التلقيح الاصطناعي أو الحمل بواسطة تقنيات الخصوبة المساعدة للزوجين وبموافقتهما الخطية مع مراعاة القوانين المرعية الاجراء لدى المحاكم المدنية والشرعية والمذهبية والروحية والمدنية”.

وكانت هذه المادة قبل التعديل عام 2012 تنصّ على أنه “لا يجوز إجراء عملية التلقيح الاصطناعي أو الحمل بواسطة تقنيات الخصوبة المساعدة إلّا بين الزوجين وبموافقتهما الخطية”.

هذا التعديل ألغى، بحسب مرقص “مبدأ المنع وأجاز اللجوء إلى وهب البويضات إلا أن الأمر يبقى رهن موافقة الزوجين ومع مراعاة القوانين المرعية في المحاكم المدنية والشرعية، فعلى سبيل المثال فإن المذهب الشيعي في لبنان يجيز اللجوء إلى وهب البويضات، وقد الأسس اللازمة لذلك، إلا أن ذلك يعتبر من المحرمات لدى المذهب السنّي، مما يجعل تنظيمه أصعب في القانون اللبناني” مشدداً على أن “بيع الأعضاء أمر ممنوع في القانون اللبناني والأخلاق الطبية”.

بين التحريم والتنظيم

وعن رأي الطوائف الدينية في لبنان بعملية وهب البويضات، فإن “دار الإفتاء” تحرّمها كما يقول رئيس دائرة الفتاوى، الشيخ وسيم مزوق كونها “تؤدي إلى خلط الأنساب بين الأم البيولوجية والأم الحاضنة، وفيما يتعلق بتجميد البويضات فإن هناك رأيين أولهما حرمة ذلك من باب الخشية من سوء أمانة حفظها، والثاني جوازها إن كانت الجهة التي تحفظها محل ثقة”.

إقدام نساء على وهب وتلقي بويضات يعني ارتكابهن، بحسب ما يقوله الشيخ مزوق لموقع “الحرة” “مخالفة شرعية تنافي كليات الشريعة الخمس التي أمرت بحفظ الدين والنفس والعقل والأنساب والمال”.

وعلى عكس المذهب السنّي، يؤكد قاضي محكمة الضاحية الجنوبية الشرعية الجعفرية، الشيخ موسى السموري “جواز وهب البويضات كعملية، لكن الإشكال يقع بين العلماء في تحديد نسب الجنين أي فيما إن كانت والدته هي الواهبة للبويضة أو المتلقية لها، لكن حين تسجيله في الدوائر الرسمية ينسب إلى المرأة التي حملت به”.

أما الكنيسة الكاثوليكية فلا تشجع جميع أنواع الإخصاب الاصطناعي، كما يقول رئيس المركز الكاثوليكي للإعلام، الأب عبدو أبو كسم لموقع “الحرة” “فهي تعتبر أن الأطفال عطية الله، عدا عن الخشية من بعض الممارسات المُصاحبة لمثل هذه العمليات كعمليات الاتجار كما يصل إلى مسامعنا والمشاكل المستقبلية، ورغم ذلك تعتبر الكنيسة إقدام أبناؤها على ذلك حرية شخصية ومن باب الرغبة في تكوين عائلة”.

وتواصل موقع “الحرة” مع عضو لجنة الصحة النيابية، الدكتور عبد الرحمن البزري، الذي أكد أنه لم يسمع مسبقاً عن عمليات وهب بويضات في لبنان، مبدياً تعجبه من ذلك ومؤكداً أنه سيطرح القضية على اللجنة النيابية خلال اجتماعها يوم الإثنين المقبل.

أما رئيس “الهيئة الوطنية الصحية”، الدكتور إسماعيل سكرية فيؤكد “وجود تجارة للبويضات في لبنان، مستشهداً بتحذيراته السابقة بشأن ما سماه تجارة الأجنة وعولمة الأنساب”، ومشدداً على “غياب الرقابة والفوضى المسيطرة، إذ يتم شراء البويضات لاسيما من طالبات جامعيات”، مشيراً إلى وجود نساء يطلبن إنجاب أطفال لهم خصائص معينة، مثل الشعر الأشقر والعينين الزرقاوين.

ويحذّر سكرية في حديث مع موقع “الحرة” من هذه الظاهرة التي تتم “من دون أي ضوابط قانونية نتيجة عدم جدية المجالس النيابية المتعاقبة في معالجتها، وغياب أي تحرك رسمي من قبل الجهات المعنية، مما يفتح الباب على مصراعيه أمام استغلال النساء والفتيات”.

أسرار شبارو – الحرة

Follow Us: 

Leave A Reply