موسم الحرائق عاد: صفر تخطيط ووقاية

لبنان يحترق، مجدداً. صور ومشاهد متواصلة عن ألسنة النيران تلتهب الأحراش اللبنانية في مختلف ‏المناطق، جنوباً وشمالاً وشرقاً. كأنه مكتوب على اللبنانيين الانتقال من مأساة إلى أخرى، ومن ‏مستوى كارثي إلى آخر في “تطوّر” اجتماعي سياسي بيئي دائم منذ عام. في تشرين الأول 2019، اندلعت ‏الحرائق في أنحاء البلد، فيتكرّر المشهد اليوم لتؤكد فيه الدولة اللبنانية أنّها غير قادرة على استباق الأحداث السنوية والحرائق الموسمية، وتغيب عن جدول أعمالها أمور التخطيط والوقاية، وأنّه ليس فيها من إدارة للكوارث. قبل عام، خرجت إلى العلن فضيحة كبرى تبيّن بموجبها أنّ الدولة اللبنانية باعت ‏طائرات مكافحة الحرائق خردة لعدم التمكّن من صيانتها والكلفة المالية الباهظة المترتبّة عن هذه العملية.

في المقابل ‏خرج اليوم نبأ غريب، في ظلّ الأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها لبنان، عن شراء ‏شركة طيران الشرق الأوسط طائرة آيرباص. كما بشّرت الشركة اللبنانيين بأنّ 6 طائرات أخرى ‏من طراز ‏A321neo‏ في طريقها للانضمام إلى الأسطول اللبناني بغضون ستة أشهر. كم ‏بلغت كلفة هذه الصفقة؟ هل كان بالإمكان تأجيلها؟ هل من المجدي توسيع الأسطول الجوي ‏المدني اللبناني في زمن ركود حركة الملاحة نتيجة الظروف الصحية والاقتصادية؟ من أي ‏مسرب في الخزينة تم تمويل هذه الصفقة؟ أسئلة كثيرة تطرح بينما تستمرّ مأساة اللبنانيين ‏المترنّحين بين الحوادث اليومية والكوارث الطبيعية. ‏إلا أنّ رئيس الجمهورية، ميشال عون ، دعا الأجهزة المعنية للبقاء “على كامل الجهوزية لمكافحة الحرائق ‏التي اندلعت نتيجة الطقس الحار والعمل على إخمادها”.

حرائق جبل لبنان

شاركت طوافات الجيش اللبناني اليوم في إطفاء الحرائق في المتن الأعلى، حيث واصلت فرق الدفاع المدني بمساعدة الأهالي العمل على إخماد ما تبقى من ألسنة اللهب، التي أتت على مساحات شاسعة من أشجار الصنوبر المثمر. فهدّد الحريق في هذه المنطقة لقمة عيش الأهالي الذين يعتمدون على الصنوبر كمدخول مالي سنوي. وفي جبل لبنان أيضاً، أكد رئيس بلدية شارون أنّ الدفاع المدني وأبناء البلدة تمكّنوا من السيطرة على الحريق في الوادي المحاذي للبلدة، سائلاً “لكن متى السيطرة على الفاعلين”؟

كما عملت فرق الإطفاء في الدفاع المدني على إخماد حريق أتى على مساحات من الأشجار الحرجية والأعشاب اليابسة وأكوام من النفايات والإطارات غير الصالحة في بلونة-كسروان.

ولا يزل العمل مستمراً لإخماد الحريق الذي اندلع أمس في المنطقة الفاصلة بين باتر ونيحا وجزين، حيث تمت السيطرة على جزء كبير منه بالقرب من المنازل المأهولة، بجهود الطوافات العسكرية وفرق الدفاع المدني والأهالي.

حرائق الشمال

وفي عكار، استمرّت اليوم عمليات محاصرة النيران التي اندلعت في أحراش بلدات سفينة القيطع وجديدة القيطع وبزال، في حريق مستمرّ منذ أكثر من 36 ساعة. وقد عملت الطوافات العسكرية منذ الصباح الباكر على المشاركة في عمليات الإطفاء. مع العلم أنّ المنطقة تشهد سلسلة من الحرائق الأخرى في محلة كاف ‏الشومر في منطقة عيون السمك.‏ وأكد رئيس بلدية بزال، حاتم عثمان، على أنّ “طوافات الجيش أسهمت مساهمة كبيرة منذ ‏الأمس إلى جانب عناصر الدفاع المدني والأهالي بالسيطرة على القسم الأكبر من الحريق الذي ‏نأمل أن يتم إخماده خلال الساعات القليلة المقبلة”.‏ كما توجّه رئيس اتحاد بلديات جرد القيطع، عبد الإله زكريا، بالشكر لفرق الإنقاذ و‏الجيش “الذين ساهموا بشكل كبير في عملية ‏إطفاء الحريق”. كما أفاد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى تجدد الحريق بين بلدات عيات وعين يعقوب والشقدوف في عكار، نتيجة هبوب هواء أعاد تنشيط النار في بؤر تعذر الوصول إليها ليلاً. 

وفي الكورة، أفيد عن إخماد الحريق الذين اندلع في بلدة اميون وكان قرب المنازل وأتى على بعض أشجار الصنوبر والزيتون، في حين لا يزال الحريق الذي اندلع في وادي فيع مشتعلاً لصعوبة وصول سيارات الإطفاء الى تلك المنطقة الوعرة.

والبقاع أيضاً

وبقاعاً، وبعد السيطرة على الحريق الذي شب في بلدة عيتنيت تبينّ أنّ ألسنة النيران التهمت قرابة 30 دونماً من الأشجار المثمرة والحور والزيتون. وكانت فرق صحية عديدة شاركت في عملية محاصرة الحريق من البلدات المجاورة، منها مشغرة وصغبين وباب مارع، ما حال دون تمدّد الحريق إلى أحراش البلدة والحؤول دون وقوع كارثة بيئية كبرى كانت ستطاول المنطقة الحرشية في المنطقة. وشدّدت بلدية عيتنيت على أن “الحريق مفتعل إذ أشعلت النيران عن سابق تصميم عند الرابعة والنصف صباح اليوم، ولولا تنبّه المارة وإبلاغ الأهالي لكان الحريق حاصر المنازل وأتى على مساحات واسعة من البلدة والمحيط”.

افتعال إسرائيلي

وجنوباً، اندلع حريق هائل في مزرعة فشكول في حاصبيا، امتد إلى أحراش معمرة وبساتين الزيتون في اتجاه مزرعة زبدين في الأطراف الغربية لمزارع شبعا. وحضرت دورية تابعة للعدو الاسرائيلي مؤلفة من 7 آليات على طريق موقع ثكنة زبدين، وعملت على إشعال النار غرب الطريق المذكورة، حيث سمع صوت انفجار لغم أرضي وعدة طلقات نارية، وما زالت النيران مشتعلة حتى وقت كتابة هذا التقرير.

Comments are closed.