موظفو القطاع العام يخسرون جزءاً من رواتبهم..

تتزايد مستويات تضخم الأسعار على مدار العام، حتى باتت ككرة ثلج تكبر بلا رادع. فالتضخم استمر بالارتفاع في لبنان خلال العام الجاري، مسجلاً مستويات قياسية، على الرغم من استقرار سعر صرف الدولار من دون تغيير خلال النصف الثاني من العام. وقد تجاوز مستوى التضخم حدود 260 في المئة على أساس سنوي هذا العام.

وبظل تزايد مستويات التضخم، وغياب أي سياسة تصحيح شاملة للرواتب، خارج إطار الحوافز والمساعدات الجزئية.. تستمر المداخيل بالتآكل، وسط انهيار تدريجي للقدرة الشرائية لدى عموم الموظفين، لاسيما موظفي القطاع العام.

وتمثلت آخر الضربات التي تلقتها رواتب القطاع العام، بتغيير سعر دولار منصة صيرفة. إذ انعكس على الموظفين والمتقاعدين انخفاضاً في قيمة رواتبهم المقوّمة بالليرة، والتي يتقاضونها من المصارف بالدولار على أساس منصة صيرفة.

تآكل الرواتب

قد يستغرب كُثر تأثر الموظفين والمتقاعدين سلباً برفع دولار منصة صيرفة، إلا أن قيمة الارتفاع بلغت 4000 ليرة من 85500 ليرة إلى 89500 ليرة. وعليه، تتراوح قيمة خسارة الموظفين من رواتبهم بين 5 في المئة و15 في المئة. ونظراً إلى تدنّي قيمة الرواتب وتدهور القدرة الشرائية، تأثر الموظفون والمتقاعدون بخسارة تلك النسب من رواتبهم.

وإذا أخذنا مثالاً أحد العسكريين المتقاعدين، الذي يتقاضى 15 مليون ليرة أو ما يعادل 175 دولاراً على أساس سعر صيرفة السابق 85500 ليرة للدولار، وبعد اقتطاع المصرف قيمة عمولته والبالغة قرابة 5 دولارات، يصبح الراتب نحو 170 دولاراً. وبالنظر إلى أن الأسواق تتعامل بسعر صرف عند 90000 ليرة، تصبح القدرة الشرائية للموظف نحو15 مليوناً و300 ألف ليرة. أي أن مدخوله كان يزيد بشكل طفيف في ظل سعر صيرفة السابق. ما يعني أن الموظف لم يكن يستفيد فعلاً من دولارات صيرفة مؤخراً كما السابق، لكنه بالحد الأدنى لم يكن يخسر من راتبه.

أما في ظل سعر صرفة الجديد 89500 ليرة للدولار، فيصبح راتب الموظف نفسه 162 دولاراً، أي نحو 14 مليوناً و580 ألف ليرة، أي بخسارة ما كان يحققه من صيرفة سابقاً إلى جانب خسارته من راتبه الأساسي أيضاً، فالراتب الأساسي يبلغ 15 مليون ليرة.

مع الإشارة إلى أنه كلما ارتفع الراتب ارتفعت قيمة خسارة الموظف، في حال سحب راتبه بالدولار الأميركي. ويقول أحد العسكريين المتقاعدين أنه بات يخسر نحو 20 دولاراً من قيمة راتبه، ويستدرك بالقول “قد تُعتبر 20 دولاراً مبلغاً زهيداً بالنسبة للبعض، لكنها تعني لي سد حاجيات عائلتي على مدار يومين من الشهر. وهو مبلغ جيد بالنسبة إلي”. ويتابع “كنا ننتظر تعديل معاشاتنا وزيادتها لتأمين معيشة لائقة لمتقاعدي الجيش، إلا أننا نخضع لعمليات خفض غير مبرّر من المعاشات”.

الزيادات على مراحل

بعد انهيار العملة الوطنية، وفقدان الرواتب أكثر من 95 في المئة من قيمتها، لجأت الحكومة إلى زيادات عدة للقطاع العام، غير أن كل تلك الزيادات لم تعوّض أكثر من 15 في المئة من قيمة الرواتب بالمقارنة مع ما كانت عليه قبل الأزمة.

بعد إقرار الحكومة زيادة غير مشروطة على رواتب القطاع العام، بدءاً من شهر تشرين الأول 2022، أعطت الحكومة مساعدة مؤقتة تعادل 4 أضعاف الراتب الأساس، بدءاً من شهر أيار 2023 بحد أدنى 8 ملايين ليرة، في حين أعطت المتقاعدين والعسكريين 3 أضعاف الراتب الاساس. وكانت الزيادة تلك مشروطة لموظفي الإدارة العامة بحضور الموظف 14 يوماً في الشهر إلى عمله.

ما يعني أن رواتب موظفي القطاع العام بلغت نحو 7 أضعاف قيمتها الأساسية لكنها في الوقت عينه تتراوح بين 145 دولاراً و400 دولار، يُقتطع منها ضريبة الدخل. وتبدأ الحوافز المنتظرة من مليون و600 ألف ليرة عن كل يوم حضور فعلي لموظفي الفئة الخامسة والأجراء ومقدّمي الخدمات الفنية، وترتفع 200 ألف ليرة مع كل فئة وظيفية لتصل إلى مليونين و400 ألف ليرة لموظفي الفئة الأولى، ومليونين و800 ألف ليرة لرؤساء الهيئات الرقابية عن كل يوم حضور.

وقد دخل المرسوم الذي ينص على الحوافز في سجالات، بسبب تمييزه بين القطاعات الوظيفية واستثنائه المتقاعدين، بانتظار البت بمصيره ومصير المتقاعدين والعاملين، الذين تتآكل قيمة مداخيلهم وتتدهور معها قدرتهم المعيشية.

عزة الحاج حسن – المدن

Follow Us: 

Leave A Reply