برّي على رأيه: “المشكلة عند الموارنة”

عندما تتوقف عقارب قنوات الاتصالات بين الكتل النيابية في انتظار ما سترسو عليه مهمة الموفد القطري جاسم آل ثاني وقبله الفرنسي جان – إيف لودريان في شأن إمكان التوصل الى تسوية تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية من دون تلمّس الجهود المطلوبة من أفرقاء الداخل، فهذا يعني ان لبنان أصبح في موقع القاصر حيث لا يقدر أهله على اجراء انتخاباتهم ولو على صورة الحد الادنى من المحطات الانتخابية السابقة قبل الطائف وبعده وإنْ لم يكن الخارج بعيدا عنها. ورغم الحساسية الموجودة بين الدوحة وباريس حيال التعاطي مع ملف لبنان، يؤكد الطرفان أن لا مشكلة بينهما ما دام الهدف واحدا وهو المساهمة في انتخاب رئيس للبنان تحت مظلة “المجموعة الخماسية” التي لم تحدث خرقاً بعد في جدار الازمة. ويُنقل عن ديبلوماسي فرنسي ان ما تقوم به قطر يشكل استكمالا للدور الذي تلعبه بلاده منذ دخولها في محاولات التقريب بين اللبنانيين، وان مهمة لودريان لم تنتهِ على عكس ما يروّجه البعض وسيحضر الى بيروت في الوقت المناسب. ومن الملاحظات على اداء الموفد القطري وما يقوم به، ليس من باب الاعتراض على دوره، الا ان ثمة من يلاحظ انه يختلف عن الفريق السياسي الذي أدار ملف انتخابات الرئاسة عام 2008 وأدت آنذاك الى انتخاب الرئيس ميشال سليمان، وان الفريق السابق في الدوحة رئيس الدولة ووزير خارجيتها آنذاك كانا اكثر الماماً بتشعبات لبنان من القيادة الحالية. مع التذكير بان القيادة القطرية السابقة نجحت في بلورة “تفاهم الدوحة” الشهير الذي جمع الافرقاء على نقاط مشتركة. ووصل الامر بها الى التدخل في التقسيمات الانتخابية في الاشرفية وتثبيت الثلث المعطل في الحكومة. وتعرف قطر اليوم ان ليس في الامكان ولادة “دوحة 2” لجملة من الاسباب، واذا كانت تتحدث مع الجميع من طهران الى “حزب الله”، الا ان ثمة من يذكّر بان علاقاتها مع دمشق لم تستوِ بعد، الامر الذي قد يعقّد مهمتها في بيروت. ويستغرب مراقبون اليوم كل الكلام الذي يتم تناقله عن اعطاء سلة من الاغراءات للوزير السابق سليمان فرنجيه لقاء ثمن سحب ترشيحه، فضلاً عن حجز حقيبتين له في اول حكومة في العهد ومدّ مؤسسات “تيار المرده” الاجتماعية بمساعدات مالية. ولذلك لا ينتهي مسلسل التأويلات من هنا وهناك على وقْع هذه المراوحة وانتظار الافرقاء شريط كل الوساطات ولو مع ارتفاع الاصوات من مختلف الاطراف عن اخطار النزوح السوري الذي بات يهدد معظم المناطق ويوميات اللبنانيين في مختلف القطاعات. وفي انتظار ما ستحمل الدوحة وباريس ومن خلفهما “الخماسية” تزداد الامور تعقيداً وخصوصاً بعدما سحب الرئيس نبيه بري يديه من دعوته لعقد طاولة حوار تجمع ممثلي الكتل النيابية، ولم يعد يريد الحديث عن مبادرته او الاسهاب في شرح فوائد السير في تطبيق هذه الخطوة التي تساعد في انتخاب رئيس. واذا كان البعض يُظهر صاحب الدعوة في موقع الخاسر او تسجيل هدف في مرماه الحواري، فيقول بري ان الخاسر هنا جميع اللبنانيين الذين ينتظرون اتمام هذا الاستحقاق، ولا سيما في ظل التحديات الهائلة التي تواجه البلد، “لكن اذا كانت هناك جهات لا تساعد في انتخاب رئيس ماذا نفعل؟ انا ما يهمني البلد ولا اعمل بهدف تسجيل نقاط في شباك أحد”.

وفي انتظار ما ستخلص اليه مساعي الموفد القطري يقول رئيس المجلس انه مع المبادرة التي تقوم بها الدوحة، ويستغرب كل ما يتردد من كلام غير دقيق ولا اساس له من الصحة حول المهمة التي تقوم بها وان كثيرين ينسجون اخبارا يتبين انها ليست صحيحة. وفي لحظة عدم ازاحة الجدران المرفوعة بين الكتل لا يريد بري الحديث أكثر وينتظر ما ستحققه الاتصالات التي تقوم بها “المجموعة الخماسية”، ولا سيما من طرف الدوحة وباريس في انتظار ما سيعود به الموفد الفرنسي. وحينما قال بري ان “المشكلة الرئاسية هي عند الموارنة”، أي انها تقع في جزء كبير منها على عاتقهم، ثارت ثائرة الكثيرين لدى هذا المكون وعند المتضادين في ما بينهم واطلقوا الردود عليه، وهو لا يريد الآن التعليق على هذه النقطة بل يكرر انه مع كل ما يساهم في التقريب بين الكتل. ويبقى ما يتوقف عنده هو ان ثمة معارضين للحوار يعطلون أعمال التشريع في البرلمان.

وفي غضون ذلك، يطرح مصير موازنة 2024 التي أصبحت في رحاب ساحة النجمة حيث تؤكد أكثر من كتلة انها لا تريد مناقشة مندرجاتها وما تتضمنه بحجة ان اولوية المجلس يجب ان تنصب اولا على انتخاب رئيس للجمهورية، واذا لم تتم مناقشتها فمن حق الحكومة بحسب الدستور ان تصدرها بمرسوم لتسيير النفقات المالية. ويستغرب بري بعض التصريحات “غير البريئة” التي ترافق عمل شركة “توتال” الفرنسيه في البلوك 9 في بحر الجنوب، وان صخوراً يصعب اختراقها وان كل هذه المعطيات لا تشجع على استخراج الغاز. ويردّ رئيس المجلس بأن هذا الكلام غير دقيق ولا يستند الى أسس علمية والى حقيقة أعمال الحفر الجارية بل على العكس تصله تقارير ايجابية ستصدر في شكل رسمي من “توتال” قبل نهاية الشهر الجاري. وهل تعجّل الآمال في استخراج الغاز من بحر الجنوب في انتخاب الرئيس؟ يرد بري: “بغضّ النظر عن هذا الملف، المطلوب انتخاب رئيس بدل كل هذا الغرق في الشغور اذا أردنا العمل على انتظام المؤسسات في البلد”.

رضوان عقيل – النهار

Leave A Reply