قناعة ماكرون في شأن لبنان: “سننجح”

على رغم الصعوبات والتعقيدات التي تحول دون انتخاب رئيس جديد للجمهورية، فان من التقى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في الأيام الأخيرة لاحظ في كلامه عن لبنان بعض التناقض. فهو من جهة اكد في خطابه امام السفراء الفرنسيين في العالم ان على ايران ان توقف تدخلاتها وزعزعة استقرار لبنان، ومن جهة أخرى يعرب أمام محاوريه عن قناعته “بأننا في النهاية سننجح في التوصل الى انتخاب رئيس في لبنان”، وكان كلامه مهماً في هذا الخطاب الذي استمر ساعتين. وعندما خاطب مبعوثه الخاص الى لبنان الوزير السابق جان – ايف لودريان شاكرا إياه على المهمة التي كلفه القيام بها في لبنان استخدم كلمات لافتة لمن سمعها بانتباه حين تكلم عن سيزيف Sysiphe من الاساطير اليونانية إذ كان يتسلق صخرة على جبل وينزلق منها مرات عدة للتغلب على ما حُكم به. وتوجه ماكرون الى لودريان قائلا له: “السيد الوزير، ينبغي تصوّر انك سيزيف سعيد سيجد طريقا سياسيا”، راغبا في تشبيهه بسيزيف الذي يدرك صعوبة المهمة ولديه في الوقت نفسه امل بإمكان النجاح في مهمته.

ان تفاؤل ماكرون بالتوصل الى انتخاب رئيس للبنان رغم التدخل الإيراني يعكسه بعض المقربين منه إذ يرون ان احتمال انتخاب رئيس قريبا في لبنان وارد على ان يتوصل الافرقاء الى الاتفاق على مرشح تسوية وسطي غير منتمٍ لاي من الفريقين المسيحي المعارض و”حزب الله” و”امل”. كما ان هؤلاء يعتقدون ان سيناريو انتخاب مرشح الحزب النائب السابق سليمان فرنجيه ما زال واردا اذا اعطى الحزب رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل المراكز التي يطالب بها، وان باسيل يعرف ان ترشحه للرئاسة هذه المرة غير وارد لكنه يريد الحصول من الحزب على بعض المكاسب، لذا قد يكون سيناريو انتخاب فرنجيه ما زال واردا. والمقربون من ماكرون ليس لديهم مرشح وما يهمهم هو ان يصار الى انتخاب رئيس في لبنان كي يتمكن من تشكيل حكومة تنفذ الإصلاحات كي يتم انقاذ البلد.

الى ذلك، يؤكد ماكرون لمقربيه ولمن يريد الاستماع اليه عن لبنان انه عازم على الاستمرار في العمل على الملف اللبناني وانه لن يتخلى عن الاهتمام بهذا البلد كما قاله مرات عدة والآن اكثر من أي وقت، علما ان البعض يعتقد ان المهمة الفرنسية شبه مستحيلة، إلا ان رأي ماكرون مختلف وانه سيتمكن من دفع الأفرقاء الى التوصل الى انتخاب رئيس.

في هذا الاطار، عُلم ان لودريان سيصل الى بيروت في 11 أيلول قبل أسبوع من الموعد الذي ذُكر في الاعلام اللبناني، وسيلتقي جميع رؤساء الأحزاب مجددا ويتباحث معهم في شأن الاستحقاق الرئاسي. في غضون ذلك، أُفيد ان المستشار الرئاسي الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط باتريك دوريل هو على تواصل مع المبعوث الاميركي آموس هوكشتاين الذي وضعه في صورة لقاءاته الاخيرة في لبنان وإسرائيل.

وينبغي أيضا تذكير اللبنانيين الذين كثيرا ما اتهموا الرئيس ماكرون بأنه “مساير” للمسؤولين الإيرانيين بالنسبة الى لبنان بان هذا الاتهام خاطىء في قراءة السياسة الفرنسي . ان موقف ماكرون هو الاستياء الشديد من القيادات اللبنانية التي تمنع انتخاب رئيس لكنه مقتنع بانه في النهاية القريبة قد يصل الافرقاء عبر الجهود الفرنسية وشركاء فرنسا العرب الى انتخاب رئيس قبل الكارثة الكبرى.

رندة تقي الدين – النهار

Leave A Reply