من أين المفرّ للعملة الوطنية؟!

لم تعد المسألة أن يبقى رياض سلامة في الحاكمية أم لا يبقى، بل أصبحت المشكلة : هل يتولى النائب الأول صلاحية الحاكم، كما ينص قانون النقد والتسليف، ويعاونه في تحمُّل المسؤولية نواب الحاكم الآخرون، أم يصرُّ الأربعة على الإستقالة، تجنباً لتحمُّل مسؤولية التداعيات المتصاعدة سوءاً، التي ستعقب خروج سلامة من البرج العاجي الذي مكث فيه طوال ثلاثين عاماً.

يبدو أن وراء الأكمة ما وراءها، حيث ترفض الحكومة، ومعها المنظومة الحاكمة تلبية مطالب نواب الحاكم الأربعة بإتخاذ الخطوات التشريعية والقانونية، لتغطية القرارات التي ستتخذها الإدارة المؤقتة للمركزي، في تأمين رواتب القطاع العام، وبعض النفقات الضرورية، مثل فاتورة الدواء الشهرية، وإستيراد القمح، وغيرها، وذلك من خلال مد اليد إلى ما تبقَّى من أموال المودعين في الإحتياطي الإلزامي، والمقدر حالياً بحوالي ١٣ مليار دولار فقط.

يُضاف إلى ذلك أن الرئيس نبيه برّي لا يريد أن يتحمل فريقه السياسي، الذي يتولى إيضاً وزارة المالية، مسؤولية ومضاعفات الإرتطام الكبير المتوقع، في حال إستمر الشغور الرئاسي، وبقي الشلل الحكومي على حاله، وما يرافقه من تجميد للمساعدات المالية والتسهيلات الخارجية، التي باتت مشروطة بوجود حكومة كاملة الصلاحيات الدستورية، وقادرة على تحقيق الإصلاحات المطلوبة في القطاعين المالي والإداري، بما في ذلك وقف العجز في الكهرباء، وتخفيض تعداد موظفي القطاع العام بمعدل الثلث تقريباً.

وفي السياق نفسه، تتضارب المعلومات حول التباين، أو الخلاف، الحاصل بين نواب الحاكم الأربعة من موضوع الإستقالة، التي يوصف النائب الأول بأنه من المتحمسين لها، في حين أن إثنين ،على الأقل، من زملائه الآخرين يرفضون الإستقالة، ويعتبرونها تهرباً من المسؤولية التي أناطها بهم قانون النقد والتسليف، لا سيما وأن أزمات البلد المتفاقمة، تتطلب حضوراً قوياً للبنك المركزي لضبط الضغط الذي ستتعرض له العملة الوطنية، ولجم الإرتفاع المتوقع في سعر الدولار، في مضاربات قد يكون مؤيدو سلامة والمستفيدون من وجوده في الحاكمية هم اللاعبين الاوائل بالدولار الأسود.

أما المشكلة الأكبر فتبقى في حالة إنعدام الوزن التي تُهيمن على الدولة، وما تسببه من ضياع وتخبط على مستوى القرار التنفيذي، بعد الإهتراء المتزايد الذي يأكل من فعالية حكومة تصريف الأعمال، المنقسمة على نفسها من جهة، والممنوعة من تعيين حاكم جديد من جهة ثانية.

العجز أمامكم والإنقسامات من خلفكم..، فأين المفرّ للعملة الوطنية؟

صلاح سلام – اللواء

Leave A Reply