لبنان يحتلّ المركز الثالث بعد مصر والمغرب في التحويلات

اميمة شمس الدين – الديار

اذا كان للازمة الاقتصادية و المالية في لبنان تداعيات سلبية كبيرة و كثيرة على كل الاصعدة ومختلف المجالات فربما تكون الهجرة التي تسبت بها هذه الازمة او ساهمت في ازديادها لها مفعول ايجابي لجهة التحويلات بالعملات الصعبة التي يرسلها المغتربون الى اهاليهم والتي تغذي الاقتصاد و تساعد هؤلاء الاهالي على الصمود في وجه هذه الازمة الصعبة التي يعيشها لبنان واللبنانيون

وقد قَدَّرَ تقرير للبنك الدولي حجم تحويلات المغتربين الوافدة إلى لبنان بـ6.4 مليارات دولار في العام 2022 ليحلّ بذلك في المركز الثالث إقليميّاً مسبوقاً فقط من مصر (28.3 مليار دولار) والمغرب (11.2 مليار دولار).

إضافةً إلى ذلك، فقد تَبَوَّأَ لبنان المركز الأوّل في المنطقة والمرتبة الثالثة عالميّاً (بعد طاجيكستان وتونغا حيث بلغت نسبة هذه التحاويل إليهما 51% و44% من الناتج المحلّي الإجمالي بالتتالي) حيال مساهمة تحويلات المغتربين في الناتج المحلّي الإجمالي، والتي بلغت 35.7% في العام 2022 (53.8% في العام 2021)، متبوعاً من الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة (21.8% من الناتج المحلي الإجمالي) والأردن (10.2% من الناتج المحلي الإجمالي).

هل ينعكس ارتفاع نسبة هذه التحويلات على الوضع الاقتصادي وعلى ميزان المدفوعات و الاهم على سعر صرف الدولار عن هذه الاسئلة يجيب الخبير الاقتصادي الدكتور بيار الخوري الذي قال في حديث للديار:

صحيح انه يمكننا ان نحتسب التحويلات كنسبة من الناتج المحلي الاجمالي لكن يجب ان نكون على وعي تام بان التحويلات لا تُحسب ضمن حسابات الناتج موضحاً ان الناتج هو ما يتم انتاجه محلياً في لبنان ويُعرف بالناتج المحلي اللبناني.

ووفق الخوري كل ما يأتي من خارج الاقتصاد لا تقابله صادرات في السلع والخدمات يُعتبر حساب تحاويل حساب رأسمالي وليس له علاقة بالناتج موضحاً ان الحديث عن نسبة ٣٥٪؜ من الناتج لا يعني ان التحويلات تساهم في ٣٥٪؜ من الناتج مؤكداً ان لا علاقة للتحويلات بالناتج ولكن يمكن تنسيبهما لبعضهما كما يمكن تنسيب اي متغيرين نجد ان هناك افادة تحليلية من تنسيبهما.

ورداً على سؤال حول تأثير هذه التحويلات في ميزان المدفوعات وسعر صرف الدولار اجاب الخوري مؤكداً على تأثيرها وقال كلما ارتفع حجم التحويلات ومردود الصادرات مقابل حجم الايرادات والتحويل الى الخارج كلما توازن اكثر الطلب على العملة الاجنبية لكن في الوضع الحالي في لبنان لا يمكن الركون الى هذه المعادلة لاننا لا نعرف ما الذي يدخل الى البلد ويخرج منه.

ووفق تعبير الخوري التحليل اعمى بالنسبة للبنان بعد سقوط القطاع المصرفي الذي لم يعد الشريان الاساسي التي تتحرك الاموال من خلاله ولا حتى شركات تحويل الاموال و هناك لاعب ثالث يقول الخوري هو لاعب السوق السوداء في لبنان ومن لبنان الى الخارج و من الخارج الى لبنان او ما يُعرف بطريقة اخرى بالاموال غير المصرح عنها من اي جهة كانت ان كانت اموالاً تتهرب من الضرائب او اموالاً تُمول السياسة او تمول المنظمات من كل الانواع او اموال جريمة منظمة مشيراً الى ان هذا الامر يصعب حصره بحيث لا توجد احصاءات عنه.

و اذ اكد الخوري ان التوازن في سوق الصرف لا يخضع فقط للتحويلات بالعملات الاجنبية اضافةً الى مردود الصادرات ومردود الموسم السياحي اشار الى انه كلما زادت ارقام التحويلات تحسنت آفاق ميزان المدفوعات.

ورأى ان الخطر الاساسي الذي يواجه لبنان اليوم يكمن في وجود اقتصاد منكمش يترافق مع تحويلات مرتفعة وهذا الامر يؤدي الى خلق طلب لا يمكن تلبيته من خلال الاقتصاد المحلي وهذا ما يسمى طلب فائض على العرض وخطورته كبيرة في ظل غياب السياسة النقدية في ان يتحول الى تضخم.

ووفق الخوري عادةً عندما يكون هناك فائض طلب على العرض يجب ان تتدخل السياسة النقدية من خلال ادواتها التي هي بشكل اساسي التداول بسندات الخزينة لكبح السيولة وهذا العامل مفقود اليوم في لبنان وكذلك النظام المصرفي مفقود وللاسف عناصر السياسة النقدية مفقودة وكل السياسة النقدية مختصرة على صيرفة وهي لا تعتبر سياسة بل اجراء يدور حوله مئة سؤال وسؤال.

Leave A Reply