الجمعة, أكتوبر 4

باريس تحذر من واقع مأساوي… الانفراجات تتراجع والنكد يُراكم التعقيدات

كتبت “الجمهورية” تقول: الحمولة الزائدة من النكد السياسي التي تُثقل الملف الرئاسي، شَلّته الى حدّ انّه بات عاجزاً عن التقدّم ولو خطوة واحدة الى الامام، فلا قوة دفع محلية وَفّرت له «عكازاً» يستند إليه ويعينه على المشي، ولا قوة الدفع الخارجية استطاعت ان تؤمّن له كرسياً متحركاً يكرُج فيه نحو انتخاب رئيس للجمهورية. والنتيجة الطبيعية لهذا الواقع المشلول هي انّ طريق الانتخاب سينبت عليها العشب.

هذا هو واقع الحال الرئاسي، وكل آفاق تَبدّله مقفلة، وليس ما يبشّر بأنها قد تنفرج في المدى المنظور، بل على العكس إنّ المكوّنات المتصارعة على الحلبة الرئاسية تَتشارَك وتتضامن وتتكافل في قطع كل المسالك والمعابر التي تؤدي الى انتخاب رئيس للجمهورية، وفي شق الطريق امام البلد بصورة عامة، المؤدية الى مزيد من التوترات والانشقاق والكوارث. وضمن هذا السياق، تندرج اللعبة الدائرة حاليّاً على الحلبة الرئاسيّة، التي تَتنادَى فيها المعارضات والتناقضات لِدعمٍ، لم يحسم بعد بصورته النهائية، لترشيح الوزير السابق جهاد أزعور في مواجهة ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، وهي لعبة جاءت مفاعيلها سريعة بإشاعة جَو من التوتر السياسي المفتوح على كلّ شيء إلّا على انتخاب رئيس للجمهورية.

مَن أوحى بالحملة؟

وإذا كانت مصادر سياسية عاملة على الخطّ الرئاسي لا تشكّ لحظة في «أنّ أقصى المُراد من هذه اللعبة، ليس انتخاب رئيس للجمهورية، بل إقصاء فرنجية واسقاط ترشيحه، وهو ما لا تخفيه المعارضات»، الا انّ مصادر مسؤولة أبلغت الى «الجمهورية» قولها انه «قبل الحديث عمّا تريده أطراف هذه اللعبة – وهو أمر معلوم ولم يكن خافياً من الاساس، ومعلوم ايضاً انها لا تملك قدرة الحسم وتوجيه المسار وفق مشيئتها – ينبغي السؤال عَمّن أوحى بإطلاق هذه اللعبة التي لن تؤدي بالتأكيد الى انتخاب رئيس للجمهورية؟ وأي هدف يُراد تحقيقه منها في هذا التوقيت بالذات؟ وأيّ إرادة فرضَت على تناقضات، لا نقول مُخاصِمَة لبعضها البعض بل مُعادِية لبعضها البعض، الانخراط في هذه اللعبة ورَصفتها على خط المواجهة؟ واستكمالاً لذلك أيّ غرفة سوداء، أكانت من الداخل او من الخارج او من الداخل والخارج معاً، «كَبسَت زرّ» إطلاق حملة تبدو منظّمة على رئيس مجلس النواب نبيه بري واتهامه بإقفال المجلس النيابي، وماذا تتوخى منها»؟

سَمعنا إيجابيات… ولكن؟

هي لعبة تبدو انها في الوقت الضائع، ولكن بلا أفق، على حد تعبير المصادر عينها، إلا انها تعبّر عن حذر شديد منها، وتقول انه «لا يجب الاستهانة بما قد يترتّب عليها من تداعيات». ولا تنفي خشيتها من ان تكون هذه اللعبة معطوفة على ما يبدو انّه تراجُع في حركة الجهود والمساعي الخارجية، وخُفوتٌ في المناخات التفاؤلية التي أُشيعت في الاسابيع الاخيرة عن قرب انفراج رئاسي في لبنان. على أنّ اكثر ما تحيطه المصادر المسؤولة بعلامات استفهام هو «اننا في الحراكات الديبلوماسية الأخيرة سمعنا كلاما صريحا ومباشِرا وايجابيا جدا في مُجمَله أوحى وكأنّ انتخاب رئيس الجمهورية حاصِل في غضون ايام قليلة لا تتجاوز نهاية حزيران الماضي، وفجأة سكت هذا الكلام، وتوقفت الحراكات، ولم نلمس أي ترجمة لما قيل لنا، نخشى ان نكون قد عدنا الى المربّع الاول».

الايجابيات ما زالت موجودة

واذا كانت بعض القراءات السياسية تَرُدّ تراجع المناخات التفاؤلية الى ما تسمّيها «عوامل مؤخرة قد تكون طرأت على المشهد الاقليمي، وأصابت ما سُمّيت «انفراجات» بشيء من الارتجاج، او بمعنى أدَق بـ«التعَثر المؤقت» الذي يتطلب المعالجة والحسم قبل استئناف قطار الانفراجات مَساره»، الّا أنّ مصادر ديبلوماسية عربية أبلغت الى «الجمهورية» قولها «انّ المشهد العربي والاقليمي انتقل الى مرحلة جديدة، نقيضَة لِما كان سائدا من توترات على اكثر من صعيد، ولا شك انّ الملفات كثيرة والنقاش حولها مستمر، وثمة تعقيدات تراكمت منذ سنوات طويلة، تتطلّب جهداً لبَتّها. المشهد ايجابي بصورة عامة، وبالطبع له تأثيراته على مجمل المنطقة ولبنان جزء من هذه المنطقة، ويمكن للبنان أن يستفيد من هذه المناخات والايجابيات ويلاقيها بحسم التوافق الداخلي على رئيس الجمهورية، وهو ما اكدت عليه القمة العربية في جدة».

باريس: إمتعاض

الا انّ الاجواء الواردة من باريس تعكس مستوى عالياً من الإمتعاض لدى المستويات الرسمية الفرنسية، وابلغت مصادر ديبلوماسية موثوقة الى «الجمهورية» قولها: انّ باريس انتظرَت تجاوباً من القادة السياسيين في لبنان مع جهودها لإنهاء أزمته الرئاسية، لكنها تشعر بالاحباط مِن مَنحى التعقيد القائم، وعدم تفاعل السياسيين مع مصلحة لبنان ومع حاجته التي باتت اكثر من ملحّة للخروج ممّا هو فيه من مصاعب على كل المستويات».

ولفتت المصادر إلى «انّ موقف الإيليزيه من الملف اللبناني ثابت عند الحسم السريع لملف الرئاسة في لبنان، وفق المسار الذي تقاطعت حوله مع اصدقائها الدوليين، وهو ما تمّ تأكيده للقادة والشخصيات والسياسيين الذين زاروا العاصمة الفرنسية في الاسابيع الاخيرة، وآخرهم البطريرك الماروني بشارة الراعي. فلبنان كما تراه فرنسا امام لحظة تاريخية لانتخاب رئيس على وجه السرعة، والّا فإن الوضع القائم حالياً سينحدر بصورة دراماتيكية الى واقع أكثر صعوبة ومأساوية على كامل مكونات الشعب اللبنانيين، والمسيحيين منهم على وجه الخصوص، الذين يشكّل لبنان نقطة الوجود الوحيدة المتبقية لهم في الشرق».

ونَسبت المصادر إلى مسؤول رفيع في الخارجية الفرنسية قوله بصوت منفعل امام بعض زواره اللبنانيين: باريس حريصة على لبنان وتريد ان ينعم بالأمان والاستقرار، وهي انطلاقاً ممّا يربطها من علاقات وثيقة وتاريخية مع هذا البلد تبذل أقصى جهدها لحل ازمته، فماذا تنتظرون؟ في بداية الازمة صَرخ وزير الخارجية جان ايف لودريان لنجدتكم وقال: ساعدوا أنفسكم قبل ان ينهار بلدكم، ومع الأسف ما زلنا نرى عكس ذلك في لبنان».

ورداً على سؤال قالت المصادر الديبلوماسية: انّ باريس وسائر اصدقائها الدوليين على ثقة انّ في إمكان اللبنانيين حسم الملف الرئاسي على وجه السرعة، لكنّ استمرار الحال على ما هو عليه من افتعال تعقيدات تُعطّل المسار الرئاسي يضع لبنان امام احتمالات سيئة، ليس أقلّها تحوّل لبنان الى نقطة مجهرية في أجندات الدول وأولوياتها».

المعارضات والحسم

وفي انتظار الحراك الذي أعلن البطريرك الراعي إطلاقه في اتجاه مختلف القيادات والمكونات السياسية، تترقب الاوساط السياسية ما ستقرره المعارضات الداخلية حول دعم ترشيح الوزير السابق جهاد ازعور. وفيما يُروّج بعض المعارضة الى انّ اعلان هذا الدعم بات وشيكاً، كان اللافت للانتباه ما تَردّد في الساعات الماضية عن أنّ هذا التبنّي قد لا يأتي على شكل بيانٍ باسم المعارضات، بل عبر بيانات منفصلة، ما يعني دعماً بالمفرّق وليس بالجملة.

وفيما تؤكد مصادر في المعارضة لـ«الجمهورية» انّ اعلان المعارضات دعم ازعور يُزيل من الطريق أيّ عذر لاستمرار إقفال المجلس النيابي، ويوجِب بالتالي مبادرة رئيس المجلس الى تحديد جلسة انتخابية على وجه السرعة»، اعتبرت المصادر المقابلة انّ رئيس المجلس كان واضحا في موقفه حينما ربطَ دعوته الى جلسة انتخابية بوجود مرشّحين جديين، وليس بمرشّحين للمناورة، وفي اي حال الصلاحية في يد رئيس المجلس، وهو يقرر ما يراه مناسباً في هذا الاطار».

نِصاب في مواجهة نصاب

الا انّ مصادر نيابية رسمت صورة ملبّدة لأي جلسة انتخابية يُدعى اليها في ظل هذه الاجواء، حيث تقول: لنفرض انّ المعارضات اتفقت على ازعور، معنى ذلك انّ نصاب الانعقاد قد تأمّن، وبالتالي اذا ما دُعي الى الجلسة فإنها ستُعقد بنصاب كامل، ومحسوم في دورة الانتخاب الاولى انّ أيّاً من المرشحين لن ينال اكثرية الثلثين التي تحمله الى القصر الجمهوري، ما يوجِب الانتقال الى دورة انتخاب ثانية التي يحدد فيها الدستور نسبة الفوز بالاكثرية المطلقة (65 صوتاً)».

ولفتت المصادر الى «ان الدورة الثانية ليس مضمون لها ان تحصل، لأنها محكومة بنصاب في مواجهة نصاب. ذلك انّ كل طرف، سواء الداعمين للوزير فرنجية او الداعمين للوزير ازعور، يَحتكِم على الثلث المعطل للجلسة. فإذا ما وَجدَ داعمو فرنجية أنّ الكَفّة ستميل لصالح ازعور، فإنهم لن يترددوا في فرط نصاب الجلسة، وكذلك الامر بالنسبة الى داعمي ازعور، حيث انهم اذا ما وجدوا انّ الكفة ستميل لصالح فرنجية فإنهم لن يترددوا في فرط النصاب، وقد أعلنوا ذلك صراحة. عملياً، ما هو منتظر في هذه الاجواء ليس جلسة انتخاب رئيس بل جلسة يُسَجّل فيها الفشل الثاني عشر، وهو الامر الذي يفتح بالتأكيد على غليان سياسي لا يعرف مداه، في انتظار مفاجآت او صدمات تفرض الانتخاب».

رعد: يناورون

الى ذلك، برز موقف لرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد من كل ما يجري على الخط الرئاسي، حيث قال: «نهج الإستقامة والثبات على المقاومة يُنتِج هذه الإنتصارات، أما المناورات والتذاكي والتحايل وغير ذلك فلا ينفع، إلا الثبات على الحق وعلى نهج الإستقامة الذي تترجمه المقاومة في أدائها».

اضاف: «اليوم، حتى الإستحقاق الرئاسي في مجتمعنا وبلدنا نحن نواجهه بهذه الخلفية، المسألة ليست مسألة أشخاص، بل مسألة من يريد خيراً بالمقاومة ومن يريد طعناً في ظهر المقاومة. نحن دعمنا مرشّحاً لهذه الرئاسة في هذا البلد ومطمئنون بأنه لا يطعن المقاومة، وأردنا من هذا المرشح الذي دعمناه أن يكون جسر تواصل بيننا وبين الآخرين حتى الذين هم من خصومنا السياسيين، وهو قادر على أن يفعل ذلك، وقادر على أن يساهم في حل الكثير من مشاكل البلد الإستراتيجية، وقادر على أن يتواصل مع محيطنا العربي، وقادر على أن يتخاطَب مع الدول المعنية بالشأن اللبناني. وهو متصالح مع نفسه وحتى مع خصومه وحتى مع قتلة عائلته. ولكن هم يريدون أمراً آخر، والآن قيل انهم تفاهموا حول إسم مرشح، ولكن في الحقيقة لا ندري إذا كانت مناورة بين بعضهم ضد بعضهم الآخر، هدفها أن نسقط مرشحنا وأن نسحبه من التداول ليعودوا ويطرحوا مرشحهم الحقيقي، من اتفق على الإسم للمناورة، كل طرف منهم يخفي مرشحه الحقيقي تحت عباءته، فيما المرشح الذي اتفقوا عليه ولم يتفقوا معه ليستخدموه في معركة الإستحقاق الرئاسي أرادوا منه فقط من أجل أن نسحب مرشحنا».

شكوى إسرائيلية

من جهة ثانية، قدّمت الحكومة الإسرائيلية أمس شكوى رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ومجلس الأمن، بشأن المناورات العسكرية الأخيرة التي أجراها «حزب الله».

وذكرت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية أن السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان «قدّم شكوى رسمية من بلاده إلى مجلس الأمن بدعوى أنّ المناورات التي أجراها «حزب الله» تمثّل انتهاكاً لقرارَي مجلس الأمن 1701، و1559».

وطالبَ الدبلوماسي الإسرائيلي، لبنان، بـ«السيطرة على ما يجري في أراضيها ومنع ما سَمّاها بـ«الجماعات الإرهابية» من تسليح نفسها والتخطيط وتنفيذ «هجمات إرهابية» ضد اسرائيل.

كما ناشَد أردان، مجلس الأمن، «إدانة كل من إيران و«حزب الله»، بزعم أنهما يهددان زعزعة واستقرار منطقة الشرق الأوسط، ومطالبة الحكومة اللبنانية بتنفيذ التزاماتها بشأن القرارات الأممية 1701، و155».

وحذّر من «أنّ الجيش الإسرائيلي سيتخذ كافة الإجراءات اللازمة لحماية مواطنيه وسيادة إسرائيل».

Leave A Reply