لبنان…5 ضحايا انتحار خلال أسبوع واحد

مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والمعيشية سجل لبنان 5 حالات انتحار خلال أسبوع واحد، 4 حالات منها بسبب الضائقة المادية. ومنذ بداية الأزمة المالية في لبنان عام 2019 ارتفعت نسب حالات الانتحار بشكل مقلق نتيجة الأزمات المتتالية التي أدت إلى إفقار 70% من الأسر اللبنانية.

وتقول الاختصاصية في علم النفس العيادي والمعالجة النفسية كارول سعادة ل”سبوتنيك” إن “لبنان اليوم يعاني من أزمة اقتصادية حادة تتزايد يومًا بعد يوم، وبحسب شركة “الدولية للمعلومات” ارتفعت نسب الانتحار إلى 7.8% العام الماضي، وبالنسبة لنا هذه النسبة مقلقة وليست قليلة مقارنة مع عدد سكان لبنان”.

وأضافت أن “الوضع الاقتصادي اليوم بظل كل هذه الظروف المرهقة وفعلًا الغير مستقرة تشكل حقل مخاطر والأكيد أن واحدة من هذه المخاطر هي الأفكار الانتحارية ومحاولات الانتحار والانتحار بحد ذاته”، مشيرة إلى أنه “عندما نتحدث عن الانتحار فإن أكثر من 90% من حالات الانتحار تعود أسبابها لمشاكل نفسية وعقلية وأهمها القلق والإكتئاب والإضطرابات الشخصية وتعاطي المخدرات والكحول واضطراب ثنائي القطب وحتى في بعض الأوقات يكون هناك تاريخ العائلة في الانتحار، وعند ازدياد حالات الإكتئاب والقلق بسبب الظروف الاقتصادية والشعور بعدم الأمان الاجتماعي تشكل مخاطر أكثر، ولذلك نرى ازديادًا في حالات الإكتئاب خاصة حالات القلق وعدم التوازن النفسي التي تظهر عوارضه بأشكال مختلفة والضغوطات النفسية، طبعًا كلها تشكل مخاطر لإزدياد حالات الانتحار أكثر وأكثر ولكن الأخطر هو انتشار الأفكار الانتحارية بين الشباب وخاصة المسؤولين عن عائلات”.

كما أكدت سعادة على أن “الظروف صعبة جدًا ولكن من الضروري أن لا يواجه الإنسان الأفكار الانتحارية لوحده، من الضروري طلب المساعدة لأن المشاعر الانتحارية مشاعر مؤقتة في حال الشعور باليأس ولكن إذا طلب المساعدة الاختصاصية فإن العلاج موجود ويساعد على السيطرة على عوارض الإكتئاب وعلى أن يعيد الإيمان بالأمل من جديد”.

من جهته اعتبرالباحث اللبناني سعيد نجدي أن موضوع الانتحار من زاوية نظر مجتمعية مرتبط بعدة عوامل.

وفي حديث ل”سبوتنيك” أوضح نجدي أنه “بظل ما نعيشه في البلد اليوم من حالة تفكك على كافة الأصعدة، لا أمن اجتماعي ولا أمن سياسي ولا أمن أمني ولا أمن غذائي وكل هذه الأمور تعزز حالات الانتحار، وبالتالي لبنان مهيأ وجاهز لإزدياد في عدد حالات الانتحار”.

ولفت إلى أنه “في الأوضاع العادية نربط الانتحار في مواضيع فردية بحتة، أما إذا ذهبنا بشكل أوسع فإننا نرى أن هناك عوامل تساعد خصوصًا أن علم الاجتماع درس هذه الظاهرة من خلال دوركايم ودراسته المعروفة عن الانتحار والذي رأى أن هناك أسبابًا موضوعية تزيد هذه الحالات، وما نشهده في لبنان خير دليل وكاشف وهناك دلالات عميقة جدًا في البلد من خلال التفكك الخطير والمحيط على صعيد المجتمع، والتفكك على صعيد المؤسسات وتحديدًا مؤسسات الدولة ينعكس على الأفراد حسب استعداد كل شخص للانتحار، هناك أشخاص لديهم استعداد نفسي وأكثر هشاشة عن غيرهم، ولكن نربط الانتحار مجتمعيًا لأننا لا ندرس حالات فردية ندرسها كظاهرة”.

كذلك رأى نجدي أن “نسب الانتحار اعتمادًا على عدد سكان لبنان كبيرة”، مؤكدًا على خطورة هذه الظاهرة على العائلة، “نسمع بشباب متزوجين ولديهم عائلات وأولاد وهذا سيسبب أثرًا كبيرًا على صعيد العائلة ويؤدي إلى المزيد من تفكك العائلة وهنا الخطورة لأن العائلة ما تزال الحصن وسقف الأمان بالنسبة للبنانيين وحالات الانتحار تؤدي إلى ضرب شبكة الأمان التي هي العائلة وما تمثله من قيم ولحمة وتضامن”.

أما على صعيد الإحصاءات فيشير مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة “ستاتيستكس ليبانون” ربيع الهبر ل”سبوتنيك” أن “حالات الانتحار عام 2021 بلغت 145 حالة، وعام 2022 بلغت 138 حالة، والمعدل الشهري عام 2023 11 حالة، وهذا يعني نحن أمام انخفاض في حجم الانتحار، وهذا يعني أن الانتحار غير مرتبط بالطبع بأي وضع اقتصادي، وهو يرتبط بعوامل نفسية ليس لها علاقة بأوضاع معيشية وهي متعلقة بأوضاع نفسية ومرضية للأشخاص”، معتبرًا أن “المعدل الشهري خلال 2021 كان 12 حالة وخلال العام 2022 12 وخلال أول أشهر من 2023 11 حالة”.

Leave A Reply