إنهيارٌ مالي غير مسبوق: من يضعُ حدّاً لهذا الجنون؟

عبد الكافي الصمد – سفير الشمال

خارج أيّ منطق أو قانون، وخارج أيّ واقع مالي وإقتصادي فيه الحدّ الأدنى من الموضوعية والعلم، شهد سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللنبانية إرتفاعاً جنونياً ما جعل العملة المحليّة تتهاوى وتنهار بشكل غير مسبوق، في ظلّ غياب أيّ إجراءات حماية أو ضوابط تضع حدّاً لهذا الجنون المستمر الذي فاق كلّ تصور.

ففي غضون نحو 48 ساعة تقريباً، موزّعة بين ظهيرة يوم الأحد الماضي وظهيرة يوم أمس الثلاثاء، إرتفع سعر صرف الدولار الأميركي ما يوازي 8 آلاف ليرة لبنانية، من سعر 66 ألف ليرة إلى سعر 74 ألف ليرة، وهو إرتفاع لم يعرفه من قبل، وتحديداً منذ اندلاع شرارة الأزمة الإقتصادية والمالية بعد حَرَاك 17 تشرين الأوّل عام 2019.

هذا الإرتفاع الذي جعل اللبنانيين ـ خصوصاً أصحاب الدّخل المحدود والموظّفين الذين يتقاضون رواتبهم بالعملة المحلية، خصوصاً موظفي القطاع العام ـ يصابون بصدمة كبيرة وصلت إلى حدّ الهيستريا، طرح أسئلة عدّة لم تجد أجوبة عليها، وأبقت أغلب اللبنانيين في حالة من الذهول.

أبرز هذه الأسئلة تمثلت في ما يلي:

أولاً: كيف يرتفع سعر صرف الدولار وتنهار الليرة اللبنانية في يومين من أصل ثلاثة، إثنين منهما كانا يومي عطلة، الأحد والثلاثاء، ومن هذا الذي يعمل ليل نهار وبلا توقف من أجل أن يُبقي العملة الوطنية تحت الضغط، وأن تنهار أكثر في قعرٍ لا تعرف سبيلاً للخروج منه؟

ثانياً: على أيّ أساس يرتفع سعر صرف الدولار الأميركي وتنهار الليرة اللبنانية في وقت مصرف لبنان المركزي في عطلة، وكذلك الأمر بالنسبة لبورصة بيروت، والمصارف دخلت إضراباً عاماً ومفتوحاً بسبب إتهام القضاء لأحد المصارف العاملة بتبييض الأموال. فمن يقوم بمهمّة دفع العملة المحليّة نحو مزيد من الإنهيار، وإذا كانت هذه المرجعيات المالية في عطلة، فمن هي الجهات التي تدفع نحو هذا الإنهيار، ولماذا لا يتم إكتشافها وتحديدها وتسميتها ووضع حدّ للعبث المالي الذي تمارسه، ولماذا تتنصل الجهات الرسمية المعنية من مهامها وتبدو كأنّها نفضت يدها من أي مسؤولية ملقاة عليها؟

ثالثاً: قبل أيّام قامت الأجهزة الأمنية بملاحقة صرّافين غير شرعيين وأوقفت بعضاً منهم، في حين توارى آخرون عن الأنظار، ومع ذلك بقي الدولار يرتفع والليرة تنهار، ما أكّد الإنطباع الذي ساد في أوساط كثيرة من أنّ هذه الحملة لن تثمر شيئاً لأنّها استهدفت صغار الصيارفة، بينما بقي كبارهم والحيتان منهم في مأمن، يمارسون أعمالهم المشبوهة والكارثية بلا أي رقيب أو حسيب، أو رادع أو وازع.

Leave A Reply