الليرة اللبنانية تدخل في منعطف خطر… على وقع احداث سياسية وقضائية

دخلت الليرة اللبنانية منعطفاً خطراً هذا الأسبوع مع تسارع وتيرة انهيارها بشكل فاق جميع التوقعات، على وقع أحداث سياسية وقضائية فاقمت الأوضاع المستعصية، التي تعاني منها البلاد منذ 4 سنوات.

ولامست الليرة اللبنانية حاجز الـ 66 ألف ليرة للدولار الأميركي الواحد في السوق السوداء، في وقت تنهال فيه التحذيرات، أن هذا المستوى ليس إلا مجرّد بداية في مسار عنيف من الانهيار الذي ينتظر العملة اللبنانية في عام 2023، وما يؤكد ذلك أن الليرة بدأت الشهر الأول من 2023 عند مستوى 42 ألف ليرة للدولار، وهي في مسارها لإنهاء الشهر بما يفوق مستوى التوقعات، ما يعني انها تراجعت خلال أيام معدودة نحو 30 في المئة من قيمتها المسجلة بداية كانون الثاني.

ويقول الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن مضاربي السوق السوداء باتوا يتحكمون بمسار العملة اللبنانية، وباتوا الجهة الأساسية لتحديد اتجاهها وسط غياب تام للسوق الرسمي، في حين أصبحت منصة “صيرفة” التابعة لمصرف لبنان محصورة بعدد محدد من الأفراد، الذين يقومون بشراء الدولار على سعر 38 ألف ليرة، لبيعه لاحقاً في السوق السوداء، وتحقيق أرباح كبيرة من فارق السعر.

ويشدد شمس الدين على أنه لا يوجد أي مبرر علمي أو اقتصادي لارتفاع سعر صرف الدولار بهذا المستوى، مشيراً إلى أن الليرة تراجعت بواقع مخيف خلال نحو 26 يوماً فقط، حيث استثمر مضاربو السوق السوداء الوضع المتأزم الذي يعاني منه لبنان والذي تفاقم في الأيام الأخيرة، وهذا ما دفع باللبنانيين إلى التهافت على السوق السوداء، لاستبدال العملة المحلية بالدولار الأميركي مقابل أي ثمن.

سوق غير مراقبة وغير شفافة

من جهته، يقول كبير الاقتصاديين في مجموعة بنك بيبلوس الخبير الاقتصادي د. نسيب غبريل في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن السوق السوداء هي سوق غير قانونية وغير مراقبة وغير شفافة، يتحكم بها المضاربون ومستغلو الهزات السياسية التي تحدث، مشيراً إلى أن الانهيارات التي حصلت لليرة اللبنانية في الأيام القليلة الماضية، هي انهيارات غير مسبوقة وسط حال من التهويل التي تزيد الوضع سوءاً، وبالتالي يدفع ذلك الناس إلى الخوف، ويخدم الاتجاه الذي يسعى لتحقيقه المضاربون، وسط عدم اكتراث من قبل السلطة التي تجاهلت إقرار أي خطة إصلاحية يمكن لها أن تساهم في مسار إعادة ضبط الوضع.

ويضيف غبريل إن انهيار العملة اللبنانية يترافق مع ارتفاع جنوني في أسعار جميع السلع، من مواد غذائية ومحروقات وغيرها من السلع التي تعد أساسية، فمثلاً قررت وزارة الطاقة اللبنانية إصدار جدولين يومياً لأسعار المحروقات، تفادياً لاقفال المحطات التي باتت تواجه خسائر مع تغير سعر الصرف على مدار الساعة، مشيراً إلى أن لبنان يستورد معظم حاجاته الاستهلاكية ولذلك فإنه وبمجرد ارتفاع سعر صرف الدولار، سيقابله ارتفاع في أسعار مختلف السلع وخاصة الأساسية مثل الدواء.

التضخم 170 في المئة

ويكشف غبريل أن مؤشر أسعار السلع في لبنان سجّل ارتفاعاً بنسبة 170 في المئة في 2022، متوقعاً حدوث مزيد من التضخم في الأسعار خلال الفترة المقبلة، والذي سينعكس سلباً على القدرة الشرائية للمواطن بسبب انخفاض الأجور مقارنة مع التضخم الحاصل للأسعار.

ورفض غبريل تحديد أي اتجاه لسعر العملة اللبنانية في المرحلة المقبلة، مشيراً إلى أن المضاربين في السوق السوداء يستغلون أي سعر يتم توقعه على أسس غير علمية، لتحويله إلى واقع يعمق من انهيار العملة اللبنانية، رافضاً تحميل عبء ما يحصل فقط لمصرف لبنان، أذ يحاول الأخير المحافظة على ما تبقى من احتياطات بالعملات الاجنبية والتي وصلت إلى مستوى 9.99 مليار دولار أميركي في 15 كانون الثاني 2023.

Follow Us: 

الديار

Leave A Reply