رفع «صيرفة» خسَّر الموظفين 22% من رواتبهم بين ليلة وضحاها وربَّح النافذين الدولارات على حساب المُودعين!

كوثر حنبوري – اللواء

مرة جديدة تدخل حاكم «المركزي» رياض سلامة، في غياب أي اجراء حكومي للجم الارتفاع السريع والمطرد لسعر صرف الدولار في السوق السوداء – خصوصا خلال فترة الاعياد بسبب المضاربة وتهريب الدولار خارج الحدود – وذلك من خلال قراره في 27/12 القاضي برفع دولار منصة صيرفة الى 38 الف ليرة، متسلحا بالمادة 75 من قانون النقد والتسليف وخصوصا الفقرة «ب» من المادة 83 التي تسمح له القيام مباشرة «في حالات استثنائية بالاتفاق مع وزير المال بشراء العملات الاجنبية من الجمهور وبيعها»، معلنا عن بيع الدولارات للأفراد والمؤسسات والشركات عبر المصارف.!

فعلها سلامة بغطاء من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وهو يراهن على العامل النفسي للناس وبالفعل تراجع سعر صرف الدولار بسرعة، لكن السؤال الأساسي هو: مَن المستفيد من «لمّ» هذه الدولارات من السوق؟ مَن ربح؟ وعلى حساب مَن جاءت هذه الأرباح؟ وهل فكّر أحدهم بالتداعيات وبحجم الخسائر التي مُني بها الموظفون بين ليلة وضحاها حيث خسروا 22% من رواتبهم؟ ومما زاد الطين بلة ان تتزامن هذه الخسارة مع ارتفاع الدولار الجمركي الى 15 الفا ومع زيادة الضرائب والرسوم وزيادة تعرفة الكهرباء والمياه والاتصالات والمواد الغذائية والاستهلاكية والنقل والطبابة والاستشفاء والادوية.. فهل ستبقى هذه الفئات الاجتماعية ساكتة صاغرة يائسة أم ستتخذ موقفا من هذه السياسات التدميرية وتنزل الى الشارع بعد ان فضلت التريث لتمرير فترة الأعياد؟!

النقابي محمد قاسم قال ان حاكم مصرف لبنان استفاد من الوقت الضائع في ظل الفراغ السياسي طويل الأمد وبلا أفق. الحاكم والسلطة السياسية المتفرجة بل المتواطئة والمستقيلة من دورها حولوا الشعب اللبناني الى كرة يتقاذفونها كما تقتضي مصالحهم السياسية والمالية والنقدية. من المؤكد ان التدابير الاخيرة والمتمادية لحاكم مصرف لبنان التي وصلت به للتلاعب بالدولار صعودا وهبوطا وصلت الى رفع السعر على منصة صيرفة دفعة واحدة 22% اي من 31 الف ليرة الى 38 الف ليرة دون الأخذ بعين الاعتبار الانعكاسات السلبية والمدمرة.

وأوضح شارحا ان هذه التدابير جاءت مترافقة مع قرار وزير المال برفع الدولار الجمركي 10 اضعاف من 1500 الى 15 الف ليرة اي بزيادة 1000% مع سلسلة من الرسوم والضرائب الواردة في الموازنة وفي مقدمها تسعيرة الكهرباء والمياه والهاتف والاتصالات والسلع الاستهلاكية والغذائية والخدماتية والرسوم والمعاملات وغيرها. معلقا ان السلطة تخلت عن دورها وتركت الحاكم بتنسيق مع الطغمة المالية وجمعية المصارف وكبار المتمولين بتسهيل من كبار المسؤولين التلاعب بودائع اللبنانيين ومدخراتهم ومداخيلهم ليغرق الشعب اللبناني بمزيد من الازمات الخانقة والمدمرة.

وتوقف محمد قاسم عند الخسائر التي مني بها الموظفون والعاملون في القطاع العام والاداريون والعسكريون والامنيون والمتقاعدون والمتعاقدون والاجراء، الذين لم تكد فرحتهم تصل حتى جاء حاكم مصرف لبنان وبشحطة قلم واحدة ليفقدهم 22% من مداخيلهم دفعة واحدة حيث كانت رواتبهم لا تتجاوز 3 او 4% من قدرتها الشرائية قبل اقرار الموازنة، وباتت بين 9 و12% بعد اقرار الموازنة التي اعطتهم مساعدتين اجتماعيتين تصرف على اساس منصة صيرفة 30 الفا، الا ان الحاكم بسرعة فائقة وبين ليلة وضحاها، وبأقل من شهرين من الاستفادة من هذه الزيادات عمل على افقادهم 22% من قيمة رواتبهم لتتراجع الى 7 و8% من قيمتها الفعلية عشية اقرار الموازنة، فمَن كان معاشه مع المساعدتين يوازي 300 دولار شهريا تراجع فورا خلال ليلة واحدة الى 233 دولارا، اي فقد 67 دولارا منها.

وعن انعكاسات رفع سعر المنصة الى 38 الفا ورفع الدولار الجمركي الى 15 الفا والزيادات على الخدمات والمواد الاستهلاكية والغذائية والدواء والاستشفاء وبدل النقل وغيرها قال قاسم: ان قرار الحاكم شرّع الابواب امام كبار اصحاب الرساميل والمصارف لشراء الدولارات على اساس سعر المنصة الجديدة ليمتصوا كل ما سيضخه ويكدسونه في مصارفهم ويعيدوا بيعها مجددا بالاسعار الجديدة التي ستتجاوز الـ50 الفا للدولار خلال بضعة ايام او اسابيع محدودة، ويحققوا ارباحا تتجاوز مئات المليارات من الليرات التي ستتحول لاحقا الى دولارات تضخ في الاسواق بأسعارها الجديدة المرتفعة. ونتيجة لهذا القرار نحن امام كوارث متلاحقة حولت الاكثرية الساحقة من اللبنانيين الى متسولين!

واضاف: ان موجة اضافية من الفقر والعوز تهددنا فاما ان نواجه ونوقف المجزرة وننزل الى الشارع او ندعهم يتلاعبون بمصيرنا ومصير عائلاتنا. انني احذر ان الانفجار الاجتماعي بات على الأبواب.

من جهته، رئيس جمعية المودعين حسن مغنية علق قائلا: ان رفع سعر صرف الدولار على منصة صيرفة من 31 الى 38 الف هدفه التقني جر سعر صرف السوق الموازية من 47 الفا الى 38 الفا وموضوع ضخ الدولارات في السوق عبر الشراء من المصارف على 38 الامر الذي خفض سعر الصرف الى حدود 41 او 41.500، ومستمر اذا استمر مصرف لبنان في عملية بيع الدولارات على منصة صيرفة، فينخفض سعر صرف الدولار ليقارب منصة صيرفة الى حدود 38 الفا.

اما تداعيات هذه العملية فهي ان هذه الاموال التي يتم شراؤها من المصارف على سعر صيرفة تذهب من درب المودعين الموجودة في مصرف لبنان والمصارف. اما التداعيات الكبيرة فهي المشكلة السياسية لأن منصة صيرفة لا أحد يستفيد منها الا الاحزاب السياسية الكبيرة او التجار الكبار التابعين لهم. هم من يستفيد من صيرفة. كانوا في السابق يستفيدون من ايرادات الدولة واليوم باتوا يستفيدون من هكذا أمور. التداعيات التقنية هدفها تخفيض سعر صرف الدولار الى 38 الفا، لكن السؤال: الى متى يستطيع مصرف لبنان ان يستمر ويبيع على هذا السعر؟ لا شك انه من دون حل سياسي لا يمكنه الاستمرار على هذا النحو.

Leave A Reply