المالية تناور بـ”ضريبة الدخل”: الموظفون يتّجهون إلى إضراب “موجع”

يتجه المتضررون من ضريبة الدخل بصيغتها الجديدة، إلى التصعيد رفضاً للامتثال لضريبة مجحفة، حسب ما يعبر كثر من مختلف القطاعات، الذين تطالهم الضريبة، وتقتطع من مداخيلهم نسباً عالية جداً تصل إلى 25 في المئة.

وكانت ضريبة الدخل المعتمدة في موازنة 2022 قد استُتبعت بقرارات من وزير المال، يصفها قانونيون بالمخالِفة وغير الدستورية، تربط ضريبة الدخل المعدّلة بمنصة صيرفة، ليتم استيفائها وفق سعر صرف دولار متحرّك يفوق حوالى 20 ضعفاً سعر الصرف المعتمد سابقاً. وليس هذا فحسب، فقد حدّد وزير المال بقراراته المذكورة، عملية استيفاء الضريبة للعام الحالي 2022 بمفعول رجعي يعود إلى مطلع العام أي 1/1/2022.

الاعتراض على الضريبة

عديدة هي الأسباب التي دفعت بالمكلّفين، لاسيما الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار وليس بالليرة، إلى وصف ضريبة الدخل بصيغتها الجديدة بـ”المجحفة”، رافضين سدادها لما تُلحقه بهم من اقتطاعات غير عادلة. فالضريبة سيتم استيفائها على أساس منصة صيرفة المتحرّكة البالغة اليوم 30500 ليرة، في مقابل احتساب تعويضات نهاية الخدمة حتى اللحظة وفق سعر الصرف الرسمي للدولار 1500 ليرة. أضف إلى أن التنزيل العائلي تمت مضاعفته 5 مرات وتم رفع الشطور بنحو 7 أضعاف. أما سعر صرف الدولار المعتمد لاستيفاء الضريبة، فقد تمت مضاعفته بنحو 20 مرة. ما جعل ضريبة الدخل المعدّلة تتعارض بالشكل والتطبيق مع مبدأ العدالة الضريبية.

وإذ يؤكد المتضررون من الموظفين عدم تخلّفهم عن سداد الضرائب، بما فيها ضريبة الدخل بالعملة التي يتقاضون فيها رواتبهم، يتمسّكون بحقم في المطالبة بضريبة عادلة تساوي فيما بينهم وسائر الموظفين، وبالنسب السابقة، لا أن تصل نسب الاقتطاع من رواتبهم إلى 25 في المئة.

مطالب المتضررين

رفع المكلّفون بسداد الضريبة الصوت رفضاً للإجحاف الضريبي اللاحق بهم، وطالبوا المعنيين، ومن بينهم رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان، ووزير المال في حكومة تصريف الاعمال يوسف خليل، ووزراء ونواب، بإلغاء قرار الوزير المخالف قانونياً ودستورياً، ودراسة تعديل ضريبة الدخل بشكل يؤمن العدالة الضريبة، وإصدارها بقانون خاص وفق الأصول.

ونتيجة النقاشات والمطالبات تلقى عدد من وفود المكلّفين، من بينهم تجمع العاملين في المؤسسات الإعلامية العربية والأجنبية، واتحاد النقل الجوي، وتجمع العاملين في المستشفيات الجامعية، وسواهم من المتضررين، وعوداً بتريّث وزير المال في تطبيق قراراته المتعلقة بتعديلات ضريبة الدخل، على أن يُصار إلى إعاة النظر بها مجدداً.

وزارة المال تناور

ورغم وعد الوزير خليل أمام لجنة المال بالتريث بتنفيذ القرارين 686 و687 المتعلّقين بضريبة الدخل ومفعولها الرجعي، إلا أنه لم يف بما وعد، واكتفى بإصدار بيان منذ أيام، أعلن فيه عزمه استكمال الاجتماعات التي سبق أن باشر بها مع الهيئات العمالية والفعاليات الاقتصادية وسائر أصحاب الشأن، تمهيداً لاتخاذ القرار اللازم بشأن ضريبة الدخل.

وأتى بيانه المذكور عقب وعود أطلقها أيضاً في خلال لقاءات ونقاشات مع وفود من المتضررين ووزراء ونواب، تقضي بإعلانه التريّث بتطبيق القرار. ما يعني أن تلك الوعود لم تكن -فيما يبدو- سوى محاولة لتمرير الوقت والمناورة، ريثما يُستحق استيفاء الضريبة في الأسابيع القليلة المقبلة.

تحركات مطلبية

لم يعلن وزير المال حتى اللحظة التريث بتطبيق الضريبة معدّلة، بل قرر استكمال البحث مع المعنيين بتطبيقها. وبالنظر إلى ضيق الوقت الفاصل لاستيفائها، اتجه الموظفون المتضرّرون إلى التنسيق فيما بينهم، لتنفيذ سلسلة تحركات اعتراضية، تصل إلى حد إعلان الإضراب. وهو ما يمكن أن يعطّل حركة المطار ومرفأ بيروت والمستشفيات الجامعية والعديد من القطاعات الحيوية الأخرى التي يتعرّض موظفوها لإجحاف ضريبي.

وقد دعا اتحاد نقابات النقل الجوي وزير المال إلى التراجع عن قراره الجائر، تجنباً لدفعهم إلى السلبية وإغلاق مطار بيروت. من جهتها، نقابة موظفي الجامعة الأميركية ونقابة العاملين في مرفأ بيروت، حذّرتا من تنفيذ إضراب “موجع” إن لم تتراجع وزارة المال عن قراراتها التي ستدفع بالشركات للخروج من البلد.

وعلى خط مواز، يتحضّر المتضررون من ضريبة الدخل المعدّلة للتقدّم في الأيام القليلة المقبلة بمراجعة قانونية أمام مجلس شورى الدولة لإبطال قرار وزير المال، “منعاً لسرقة رواتبهم التي يعتاشون منها بعد مصادرة جنى أعمارهم في المصارف”، على ما يقول كثر من الموظفين.

Leave A Reply