مهرجان الطائف في الأونيسكو هجمة استباقية سعودية في وجه أميركا/ غسان همداني

فجاة ومن دون سابق إنذارارتفعت وتيرة خطاب السفير السعودي في لبنان وليد البخاري حول رفض المس باتفاق الطائف و هو الاسم الذي تعرف به وثيقة الوفاق الوطني اللبناني التي وضعت بين الأطراف المتنازعة في لبنان وذلك بوساطة سورية – سعودية في 30 أيلول / سبتمبر 1989 في مدينة الطائف وأقره لبنان بقانون بتاريخ 22 تشرين الأول / أكتوبر 1989 منهياً الحرب الأهلية اللبنانية، وذلك بعد أكثر من خمسة عشر عاماً على اندلاعها.

سبق ذلك هجمة شرسة شنتها سفارة المملكة ضد لقاء كان مزمع عقده في السفارة السويسرية في بيروت وتمت دعوة بعض رؤساء الكتل النيابية الممثلة في المجلس النيابي، واستنفرت في تفعيل هذه الهجمة حلفاء المملكة الذين رفضوا الدعوة ما أدى إلى إعلان السفارة السويسرية عن إلغاء اللقاء.

واستكمالا لهذه الهجمة دعت سفارة المملكة إلى مؤتمر في قصر الأونيسكو لمناسبة ذكرى توقيع إتفاق الطائف بحضور حشد سياسي وحزبي وبرلماني غاب حزب الله الذي لم توجه له الدعوة اصلا،وأكدت الكلمات والتصريحات على ضرورة الحفاظ على اتفاق الطائف ورفض المس به.

وقد أثارت هذه الهجمة وتداعياتها استغرابا لدى الوسط السياسي والشعبي، خاصة وأن أحدا لم يبحث في الغاء اتفاق الطائف، بل الدعوات كانت لتطبيق بنود الطائف وخاصة فيما يتعلق بإلغاء الطائفية السياسية ، وإنشاء مجلس الشيوخ بعد انتخابات نيابية خارج القيد الطائفي، ماعدا مطالبة البعض بضرورة تعديل بعض بنوده لاستعادة صلاحيات رئيس الجمهورية التي نُزعت منه في هذا الاتفاق لصالح مجلس الوزراء مجتمعاً.

بالأمس تبدد هذا الاستغراب، مع تصريح مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، من أن لبنان مفتوح أمام كل السيناريوهات، بما فيها «تفكك كامل للدولة»، وقالت إن اللبنانيين سيضطرّون على الأرجح إلى تحمّل مزيد من الألم قبل تشكيل حكومة جديدة.

وذلك في لقاء نظّمه «مركز ويلسون» عن السياسة الأميركية في لبنان، الجمعة الماضي، وأداره السفير الأميركي السابق في لبنان ديفيد هيل، وأكدت ليف أن بلادها والسعودية لديهما قواسم مشتركة في ما خص الوضع اللبناني. «لقد مرت علاقاتنا بفترة توتر. لكن لدينا قواسم مشتركة استراتيجية، لا سيما في البلدان الأكثر حساسية مثل لبنان واليمن». لذلك، «عملنا بشكل مكثف من أجل الإصلاحات، والفرنسيون كذلك تدخلوا… السعوديون تراجعوا ولكن أعتقد أنهم سيعودون من جديد».

ويظهر من تصريح مساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى أن هناك اتفاقا أميركيا فرنسيا حول إجراء إصلاحات في لبنان، وعقد مؤتمر تأسيسي جديد للبنان يلحظ المتغيرات الديمغرافية والسياسية في هذا البلد،وهوما اشارله الرئيس ماكرون اثناء زيارته إلى لبنان بعد انفجار المرفأ وتصريحه بضرورة إنشاء نظام اجتماعي جديد

وما الدعوة الى لقاء في السفارة السويسرية سوى تمهيد لهذا المؤتمر، وهو حسب تصريح “بربرا ليف” كان يحظى بموافقة المملكة قبل ان تتوتر العلاقات بعد تخفيض أوبك 2 لانتاج النفط بقيادة المملكة وغضب الولايات الأميركية من هذا القرار.

ويظهر ان هجمة المملكة الاستباقية ورفع الخطاب حول قدسية اتفاق الطائف ما هي الا رسالة خارجية موجهة الى الولايات المتحدة الأميركية بأن اللعب في الساحة اللبنانية ممنوع بدون إذن ومباركة المملكة، وذلك بعد تحييد فرنسا والذي تجلى بلقاءات للسفير السعودي في لبنان وليد البخاري مع مسؤولين فرنسيين في العاصمة باريس وما نتج عنه من تفاهمات سياسية ومالية حول لبنان، وهذه الرسالة تشير بصورة واضحة أن أي مؤتمر جديد أو المس باتفاق الطائف دون موافقة المملكة سيؤدي إلى تداعيات سياسية وأمنية تخشاها أميركا واوروبا وهو ما ظهر في تصريح مساعدة وزير الخارجية الأميركية أن “هناك طروحات تقول إن انهيار لبنان سيمكّن بطريقة ما إعادة بنائه من تحت الرماد، متحرّراً من اللعنة التي يمثّلها حزب الله له (…) ولكن شعب لبنان، وجيرانه الأردن وإسرائيل والشعب السوري، سيتحملون العبء الأكبر لانهيار الدولة، لذلك فإن جهودنا مركزة على تفادي هذا السيناريو، والضغط على من يحكمون البلد”.

يبدو ان الرسائل بين الجهات الخارجية ستستمر على الساحة اللبنانية في ظل غياب أي تقارب بين الفرقاء اللبنانيين، وفراغ على مستوى رئاسة الجمهورية، ونزاع على شرعية حكومة تصريف الأعمال ما يفتح الباب على كل الاحتمالات.

Leave A Reply