الراعي: من صنع الحرب ما زال يحكم وهذا ما يشلّ الدولة

افتتح مجلس البطاركة والاساقفة الكاثوليك في لبنان، أعمال دورته الخامسة والخمسين في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي ومشاركة السفير البابوي المونسينيور باولو بورجيا، بطريرك الروم الكاثوليك يوسف الاول العبسي، بطريرك السريان الكاثوليك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، وممثلين عن باقي رؤساء الطوائف الكاثوليكية، بالاضافة الى لفيف من المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات من مختلف الطوائف الكاثوليكية.

وفي السياق، قال البطريرك الراعي: “تدور نقاط بحثنا حول تطبيق الإرشاد الرسولي بعد خمس وعشرين سنة، على الناحية الوطنية والعيش معا وتنقية الذاكرة لكونها الحاجة الماسة في مجتمعنا اللبناني. ولكن لا بد من إلقاء نظرة عامة على واقع الكنيسة بعد هذه الخمس وعشرين سنة. ولا شك في أن كل كنيسة خاصة إلتزمت في تطبيق الكثير من تعليم هذا الإرشاد الرسولي. فكنيستنا المارونية مثلا عقدت مجمعا شاملا ما بين 2003 و2006.

ويتمركز بحثنا على مفهوم العيش معا اليوم على المستويات التالية: إدارة التنوع وتآلف الإختلاف، تنقية الذاكرة والحوار والمصالحة، الطريق لبناء السلام، كيفية تنقية الذاكرة تربويا، هذا بالإضافة إلى الأعمال الإدارية، وعقد الجمعية العمومية لرابطة كاريتاس لبنان”.

واضاف الراعي اننا “نجد محتوى موضوع هذه الدورة في الفصلين الخامس والسادس من الإرشاد الرسولي. ونستطيع القول أنه طبق منهما أقل بكثير مما كان يجب أن يكون.

عندما يتكلم القديس البابا يوحنا بولس الثاني عن “السلام والمصالحة” بعد محنة الحرب، إنما يدعو اللبنانيين إلى “تنقية حقيقية للذاكرات والضمائر”، وبالتالي إلى “تعزيز السلام الدائم المبني بكل صبر وأناة، لأن السلام وحده بإمكانه أن يكون الينبوع الحقيقي للإنماء والعدالة” (الفقرة 97).

إن تنقية الذاكرات والضمائر هي الشرط الذي بدونه لا لإجراء حوار صريح وبناء بين المسيحيين والمسلمين من جهة، وبين الأحزاب والكتل النيابية من جهة أخرى، وذلك لكي يسلم العيش المشترك المنظم بنصوص الدستور، والذي يشكل الميثاق الوطني الذي توافق عليه اللبنانيون سنة 1943، وجددوه باتفاق الطائف (1989) بحيث يعطي الشرعية لكل سلطة سياسية (راجع مقدمة الدستور (ي)). فبالحوار الصريح وصفاء العيش المشترك يتمكن اللبنانيون من بناء مجتمعهم (راجع الإرشاد الفقرة 90).

ولكن إذا ألقينا نظرة على واقعنا في لبنان، نجد بكل أسف أن الذين صنعوا الحرب ما زالوا هم إياهم يحكمون بلادنا. الأمر الذي يشل الدولة بسبب نار الخلافات المشتعلة تحت الرماد، ويشكك الرأي العام الخارجي. ذلك أن من يصنع الحرب لا يستطيع أن يصنع السلام.

لهذا السبب لم يتمكن هؤلاء بكل أسف من تنقية ذاكرتهم، ونشاهدهم ونسمعهم كيف يتراشقون أسلحة الكلام الجارح في وسائل الإتصال على أنواعها، في كل مناسبة وكما نشهد في هذه الأيام. ولهذا السبب، بعد ست سنوات من عهد الرئيس العماد ميشال عون، لم يتمكنوا أو بالأحرى لم يريدوا إنتخاب رئيس جديد للجمهورية. فكان إنجازهم الكبير تنزيل العلم وإقفال القصر الجمهوري، وتسليم حكومة مستقيلة منذ خمسة أشهر، ولبنان في أخطر مرحلة من تاريخه السياسي والإقتصادي والمالي والإجتماعي”.

واعتبر ان “مرور خمس وعشرين سنة على صدور الإرشاد الرسولي “رجاء جديد للبنان” يضعنا أمام واجب وطني يلزم ضمائرنا بإيجاد الوسائل الناجعة على الصعد كافة، لكي ندخل شعبنا ورجال السياسة في مسيرة تطبيق الفصلين الخامس والسادس من الإرشاد الرسولي. نسأل الله، بشفاعة أمنا مريم العذراء سيدة لبنان، أن يسدد خطانا في ما يؤول إلى مجده ونهوض لبنان وخير جميع المواطنين”.

هذا وتستمر أعمال المجلس المغلقة لغاية يوم الجمعة المقبل، حيث سيصدر البيان الختامي ويتضمن الامور كافة التي تم بحثها.

Leave A Reply