آلاف موظفي المصارف بين التسريح والنزوح: الهروب الكبير للكفاءات

عزة الحاج حسن – المدن

تسعى الشريحة الأكبر من المصارف، إلى تقليص نفقاتها التشغيلية في إطار خطط منفردة، لهيكلة فروعها وانتشارها من خلال إغلاق فروع مصرفية وتسريح عاملين من أقسام غير تخصصية. وإذا كانت المصارف تقلّص عدد العاملين لديها، فذلك لا يعني أنها تعاني تُخمة بالموظفين عموماً، بل انها تعاني نقصاً بالموارد البشرية في أقسام محددة، تشهد نزوحاً من القطاع المصرفي.

إغلاق فروع مصرفية

تراجع عدد الفروع المصرفية على كامل الأراضي اللبنانية من 1080 فرعاً نهاية العام 2019 إلى 914 فرعاً عام 2021 أي بتراجع 166 فرعاً، ما نسبته 15.3 في المئة. ثم تراجع عدد الفروع المصرفية إلى قرابة 900 فرع في آذار 2022. وحسب المعلومات، فإن عدد الفروع اليوم لا يتجاوز 850 فرعاً مرشّحاً للتراجع في الاشهر القليلة المقبلة.

ولا شك أن إغلاق الفروع يرتبط مباشرة بعدد الصرافات الآلية المنتشرة في المناطق، فقد تقلّص عددها من ما يفوق 2000 صراف آلي ATM عام 2019 إلى أقل من 1500 صراف فقط عام 2022.

أما إغلاق المصارف لبعض فروعها فلم يخضع غالباً لآليات واضحة تراعي حاجة العملاء، كما لم تقم المصارف بالإعلان أو الإبلاغ عن إغلاق فروعها. ما سبّب إرباكاً للكثيرين من العملاء المصرفيين، وكبّدهم تكاليف إضافية لقاء انتقالهم إلى فروع جديدة حيث نُقلت حساباتهم المصرفية.

وقد تم إغلاق العديد من الفروع المصرفية في المناطق الريفية، حتى أن منها من لم يعد متوفراً في نطاقها الجغرافي أي فروع مصرفية، لاسيما منها مناطق البقاع الشمالي .

ومن بين الفروع المصرفية التي أغلقت في الأشهر القليلة الماضية، بنك بيبلوس فرع النبطية وتم نقل حساباته إلى فرع صيدا، بنك عودة فرع الروشة نقل حساباته إلى فرع فردان، فرنسبنك فرع بدنايل، البنك اللبناني للتجارة BLC فرع الهرمل، بنك الإعتماد وسوسيتيه جنرال وغيرها فروع بعلبك الهرمل وفروع مصرفية أخرى في العديد من المناطق.

الموظفون بين التسريح والنزوح

عند الحديث عن إغلاق فروع مصرفية لا بد من طرح تساؤلات عن مصير عامليها، لاسيما أن العدد الإجمالي لموظفي المصارف تراجع بالآلاف. وقد وصل عدد العاملين إلى 18815 موظفاً في المصارف نهاية العام 2021 مقابل 24886 شخصاً في نهاية العام 2019 أي بتراجع 6071 شخصاً أو ما نسبته 24.39 في المئة. ومن المرجّح أن تتقلّص أعداد العاملين في القطاع المصرفي أكثر في المرحلة المقبلة، مع اقتراب استحقاق إعادة هيكلة المصارف وتقليص أعدادها.

ويعود تقلّص أعداد العاملين في القطاع المصرفي لعدة أسباب أبرزها تسريح إدارات المصارف للعاملين في الاقسام غير الفاعلة خصوصاً تلك المختصة بعمليات الإقراض. وإذا كانت المصارف تقوم بتسريح المئات من موظفيها بعد إقفال العديد من الفروع، فإن آلاف الموظفين المتخصّصين يقومون بالتقدم باستقالاتهم طوعاً هرباً من رواتب تدنّت قيمتها الشرائية وبحثاً عن فرص مهنية في الخارج أو في الداخل مع شركات أجنبية.

وحسب المعلومات، فإن إدارات المصارف حسّنت رواتب موظفيها بنسب متفاوتة، إذ باتت تتراوح اليوم بين 600 دولار و1000 دولار، وإن كانت تًصرف بالدولار المصرفي (أو اللولار)، وتفيد المصادر بأن غالبية المصارف إن لم نقل جميعها، تعمل على تقديم الإغراءات المالية والرواتب العالية بالدولار الفريش لموظفي أقسام المعلوماتية (IT) بهدف إبقائهم في خدمة المصارف، فتلك الوظائف تشهد نزوحاً على الرغم من الإغراءات المالية، ويحظى المئات منهم بفرص وافرة خارج لبنان لما يتمتّعون به من خبرات عالية.

Leave A Reply