التحضير لرسوم اعتباطية على الكهرباء: الشركات أقوى من الدولة

خضر حسان – المدن

أسّست شركات مقدّمي الخدمات امبراطورية خاصة بها، بديلة عن مؤسسة كهرباء لبنان، بقرار وحماية من وزارة الطاقة. ومع أنها استعانت بعمّال المؤسسة وخبراتهم، لم تفلح في تأدية المهام الموكلة إليها، فلا الجباية تحسّنت ولا الخدمات، بل تراجعت. وبدل محاسبتها وإلغاء مشروع مقدّمي الخدمات، استناداً إلى توصيات الاستشاريين، ما زال المشروع قائماً ويتوسّع مع التعرفة الجديدة التي وضعتها مؤسسة كهرباء لبنان. ولضمان أرباحٍ إضافية “تتّجه الشركات لرفع التعرفة واتخاذ بعض الاجراءات في وقت قريب، قبل إقرار مؤسسة الكهرباء بدء تطبيق قرار التعرفة الجديدة”، وفق ما كشفته مصادر “المدن”.

استباق القرار

قرّرت مؤسسة كهرباء لبنان رفع تعرفة الكيلواط إلى 10 سنت لأوّل كيلواط ساعة، و27 سنت لكل كيلواط يزيد عن الـ100. واشترطت المؤسسة لاعتماد هذه الأسعار، أن تسدّد كل الادارات والمؤسسات العامة، فواتيرها المتأخّرة، وتسدّد الدولة كلفة شراء الفيول العراقي. وفي حال عدم تنفيذ هذين الشرطين، تصبح التعرفة 37 سنتاً. أما الرسوم الثابتة، فترتفع بنسبة 30 بالمئة مقارنة بما كانت عليه قبل الأزمة المالية.

شركات مقدّمي الخدمات “يبدو أنها لا تريد انتظار قرار المؤسسة”، تقول مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان. وتضيف أنه “يدور في أروقة الشركات أنها ستتّجه قريباً لاصدار فواتيرها بالأسعار المرتفعة”.

رفع التعرفة سيترافق مع إجراءات تزيد من أرباح الشركات. فعلى سبيل المثال “كانت الشركات تأخذ 1000 ليرة على كل فاتورة مجباة، مهما كانت قيمتها. وما يتم التحضير له، هو استيفاء الشركات 8 سنت عن كل كيلواط. وفي ما يخص الغرامات، كانت الشركات تأخذ 6000 ليرة بشكل مقطوعة، مهما طالت مدة عدم الدفع، وقريباً ستعتمد الشركات نسبة 1 بالمئة تصاعدية عن كل شهر تأخير، وصولاً إلى نسبة 15 بالمئة، وبعدها تتخذ مؤسسة كهرباء لبنان قرارها بقطع التيار عن المتأخّر، أو أي إجراء آخر. وبالنسبة إلى سعر المعاملات لتقديم طلب لتركيب عدّاد، مثلاً، ستضرب الرسوم بـ10 أضعاف ما كانت عليه قبل الأزمة”.

وتستغرب المصادر عدم تحرّك وزارة الطاقة ومؤسسة كهرباء لبنان، لأن ما يُحكى بشكل غير رسمي، يتّجه ليتحوَّل قراراً نافذاً ما إن تسمح الظروف بذلك. علماً أن وزارة الطاقة ربطت مراراً الحديث عن رفع التعرفة وتغيير الواقع الحالي، بزيادة ساعات التغذية إلى نحو 10 ساعات. والأصعب من كل ذلك، تلفت المصادر النظر إلى أن محاضر الضبط “ستُسَجَّل بمفعول رجعي. ولأن معدّل تأخر الجباية متفاوت بين الشركات، فمنها من يجبي عن العام 2020 ومنها عن 2021 ومنها عن 2022، فإن الغرامات قد تعود إلى ما قبل العام 2020، وستكون بقيمة مرتفعة مقارنة بما كانت عليه سابقاً”.

من سيحاسب؟

شركات تقديم الخدمات لم تلتزم بالمهل المحددة لتركيب العدادات الذكية، ولا لتطوير الخدمات وتحسين الجباية وزيادة الأموال المجباة والمحوَّلة إلى حساب مؤسسة كهرباء لبنان. ومع ذلك، لا أحد يحاسبها على التأخير. علماً أنها حصلت على فترة سماح بعد تذرّعها بأن إضرابات العمال المياومين، أخّرت عملها، ورغم ذلك لم تقم بواجبها. وغياب المحاسبة يشي بأن “هناك مَن يريد تعويم الشركات ومشروعها لأنه يستفيد على حساب الدولة التي تغطّي الفشل، إلى جانب التفتيش المركزي الذي يملك وثائق مكدّسة في أدراجه عن كميات كبيرة من المخالفات”.

يبدو أن مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة الطاقة وشركات مقدّمي الخدمات، يتّفقون على المواطنين لتدفيعهم ثمن الفشل. فالدولة ستدفع سلف الخزينة لشراء الفيول، والمواطن سيؤمّن جزءاً منها عبر الفواتير المضخّمة، لتخرج شركات مقدمي الخدمات من مأزقها وفشلها، بكل سهولة.

Leave A Reply