القطاع العام رشى وخوّات: إخراج القيد بـ650 ألف ليرة

عزة الحاج حسن – المدن

مع انهيار سعر صرف العملة الوطنية، وتدهور قيمة رواتب موظفي القطاع العام، تحول عدد من الموظفين إلى ما يشبه “قطّاع الطرق”، يفرضون الخوات ويبتزون المراجعين لتحصيل المال. هي ليست حالة عامة بين إدارات ومؤسسات الدولة، لكنها من دون شك تسيء لما تبقى من سمعة للقطاع العام.

وإن كان التدهور المعيشي لموظفي القطاع العام لا يبرّر بالطبع ممارسات غير قانونية ولا أخلاقية، إلا أنه يبقى السبب المباشر الكامن وراء اتساع رقعة الفساد والرشى وفرض “الخوات” بين عدد من الموظفين، لاسيما أولئك الذي يعملون في إدارات خدماتية كدوائر الأحوال الشخصية.

إخراج قيد وسجل عدلي

يستغل بعض موظفي القطاع العام حال الفوضى القائمة في الإدارات والمؤسسات العامة، والحاجة التي تدفع بالمراجعين إلى تقديم التنازلات لإتمام معاملاتهم، في ظل النقص الفادح بين الموظفين المستمر معظمهم بتنفيذ إضراب مفتوح.

ويطلب بعض الموظفين من المراجعين بشكل مباشر، ومن دون خجل، دفع مبالغ مالية لإتمام معاملاتهم، ودائماً ما تكون المبالغ المطلوبة مضاعفة عن التكلفة الحقيقية للمعاملة. كثيرة هي الحوادث وحالات الرشى والإبتزاز، ومنها على سبيل المثال رئيس دائرة الأحوال الشخصية في منطقة شمسطار غربي بعلبك الذي رفض إجراء “إخراج قيد” لمواطنة بذريعة عدم توفر الأوراق المخصّصة لإخراج القيد. قبل أن يعود ويعرض عليها سداد 650 ألف ليرة مقابل إنجاز إخراج القيد، علماً أن تكلفة إنجازه لا تتجاوز 10 آلاف ليرة فقط.

أما في مركز إنجاز السجل العدلي في بيروت فيتم فرض 10 آلاف ليرة على كل شخص يطلب سجلاً عدلياً. في حين لا تتجاوز تكلفة السجل العدلي ثمن الطابع المالي فقط، وعند سؤال أحد المراجعين لموظفة في إدارة السجل العدلي عن سبب تقاضي 10 آلاف ليرة، كان الجواب “أنها ثمن الورقة” التي طبعت عليها شهادة السجل العدلي.

وإذا ما أخذنا الأمر من زاوية شح المواد الأولية في دوائر الدولة وانعدام السيولة، واضطرار الدائرة لتحصيل ثمن الأوراق بهدف تسيير أمور المواطنين الطالبين للسجل العدلي، فذلك لا يستلزم تقاضي أكثر من 1000 ليرة. إذ أن ماعون الورق يتراوح ثمنه في محيط 5 دولارات ويحتوي 500 ورقة ما يعني أن ثمن الورقة الواحدة لا يتجاوز 350 ليرة باعتبار أن ثمن كل 100 ورقة دولار واحد. من هنا تصبح الـ10 آلاف ليرة التي تتقاضاها موظفة السجل العدلي أو إدارتها مجرّد خوّة لا مبرر لها.

وليس حال المدارس والمعاهد الرسمية بأفضل حال، فمنهم من يفرض على الطلاب تكاليف عشوائية لا أساس لها خصوصاً بدل الطوابع وتصوير الشهادات وحتى تصديق الشهادات، في حين لا خيار أمام الطلاب سوى الرضوخ وسداد المتوجب عليهم للحصول على شهاداتهم وصور مصدقة عنها.

تلاشي الرواتب

قبل الإضاءة على القيمة الحقيقية لرواتب القطاع العام لا بد من التشديد على أن لا شيء يبرّر فساد الموظف وتقاضيه رشى وخوّات، ولكن تلاشي قيمة رواتب موظفي القطاع العام جعل كثر منهم عرضة للإغراءات المادية.

قبل تفجر الأزمة عام 2019، كانت رواتب موظفي القطاع العام تتراوح بين 1000 دولار و3000 دولار وفق سعر الصرف الرسمي 1500 ليرة، أما اليوم فتتراوح رواتبهم بين 44 دولاراً و132 دولاراً فقط، وهو مبلغ لا يمكن أن يؤمن معيشة شخص واحد وليس عائلة على مدار شهر واحد في لبنان اليوم.

خسرت الليرة اللبنانية نحو 90 في المئة من قيمتها وذوّبت معها الرواتب والأجور المقوّمة بالليرة اللبنانية، خصوصاً رواتب موظفي القطاع العام. فباتوا عاجزين عن الوصول إلى أماكن عملهم لعدم تمكّنهم من تأمين وقود لسياراتهم او بدل نقل في سيارات الأجرة، الأمر الذي دفعم إلى تنفيذ إضراب عام منذ أشهر لم ينته حتى اللحظة.

Leave A Reply