رد بري على “حملة التهويل” في وجه مشروعه الانتخابي الجديد

ابراهيم بيرم – النهار:

خرج الذين اتيح لهم ان يقابلوا رئيس مجلس النواب نبيه بري في الساعات الـ 36 الماضية باستنتاج فحواه ان الرجل الذي خبر عن كثب الاهوال والازمات والاستعصاءات للنظام السياسي اللبناني منذ عام 1983 وصولا الى الفترة الحالية الحرجة، وعايش تفاصيلها وفصولها من موقع الشريك في الغرم والغنم ليس في وارد ان يفقد حيويته وزخمه واستطرادا رجاءه الكبير بفعل سياسي يخرج البلاد من شرنقة ازمتها الحالية والمدخل وفق خلاصة رايه يكون على مستويين:

– العمل على تطوير النظم والاليات السياسية المعمول بها منذ عقود والتي باتت موضع شكوى الغالبية الكاسحة من اللبنانيين، وتاليا تحرير النظام الحالي من قبضة الطائفية السياسية التي اوشكت ان تخنقه وتجعله يلفظ اخر انفاسه.

– العمل على استيلاد حكومة جديدة تكون كفيلة باخراج البلاد من دوامة ازمة الفراغ القاتلة التي تدور فيها من جهة ووضع الاسس والمعايير اللازمة لانهاض الاقتصاد من حال التردي والتداعي والوهن الذي ال اليها خصوصا منذ عام وبعض عام.

وينقل هؤلاء عن الرئيس بري انه لم يتعامل بردة فعل سلبية ونظرة عدائية مع رياح “الهجمة” التي عمل بعض الاطراف ان تهب في وجهه عندما قرر بعزم المضي الى فتح ابواب النقاش والتحاور حول مشروع قانون الانتخاب الجديد والذي كان له فضل الريادة وقصب السبق في وضعه بعد طول تمحيص ودرس مع قيادة حركة امل. ولم يعد جديدا او مفاجئا ان المشروع القائم ضمنا على هدف الوصول الى اقامة الدولة المدنية الكفيلة بتحقيق دولة المواطنة والمساواة هو هدف ارتفع في الاونة الاخيرة ولاسيما بعد استفحال الازمات وتناسلها منسوب المطالبة به والدعوة الى اعتناقه وتبنيه من مروحة واسعة من نخب وقوى ومكونات سياسية خصوصا بعدما استشعرت جموع الناس بوطاة نظام الطائفية السياسية وتحوله الى ولادة ازمات واستعصاءات.

وعن لسان سيد عين التينة ينقل الزوار تكرارا انه لم يعد يرى جسر عبور من هذا “المستنقع السياسي الآسن” الى رحاب وضع اكثر استقرار وامانا وتطورا الا بتطبيق قانون انتخاب وطني وفق ما انطوى عليه مشروعه المبسوط بكل الياته وتفاصيله والمفتوح على النقاش امام كل الكتل النيابية والمكونات السياسية على اختلاف توجهاتها.

وردا على ما يروجه البعض من ان عرض مشروع القانون اياه امام النواب واللجان قد اتى في هذا التوقيت للتغطية على اهداف واغراض معينة ولحرف الانظار عن مسائل اكثر الحاحا مطروحة بحماوة وحدة مثل التدقيق والتحقيق المالي الجنائي تحت ذريعة ان بري تساوره اساسا نقزة منه، يبادر هؤلاء الزوار الى تنصيب انفسهم ناطقين بلسان بري ليقولوا في معرض دفاعهم: ان دحض مثل هذا الكلام لايحتاج الى كبير عناء من جانبنا. فالجميع يعلم ان معاون بري السياسي النائب علي حسن خليل سارع قبل ايام قليلة الى الظهور على الاعلام وتلا بيانا باسم حركة “امل” يدعو الى توسيع نطاق التحقيق الجنائي بحيث يشمل كل المؤسسات والصناديق والوزارات ولايقتصر على مصرف لبنان ووزارة المال.

واذا كان ثمة شكوك تراود البعض من مسالة توقيت اثارة المشروع ويتسلحون بذلك للمضي في حملة المعارضة فالاجابة جاهزة وجلية وفحواها ان من يكلف نفسه عناء مراجعة ارشيفنا بموضوعية يخرج باستنتاج جلي: اننا نرفع الصوت منذ اعوام معلنين تشخيصنا ورؤيتنا الجذرية لحل معضلات طائفية النظام تقوم على اساس اقرار نظام انتخاب وطني جديد لاتقيده وتكبله معايير الطائفية والمذهبية والمناطقية. ويذكر الجميع ان وفودا من الحركة حملت نسخا من مشروع الانتخاب الوطني الى كل الكتل من دون استثناء طالبة دراسته بتعمق ومناقشتنا به بغية الرد على تساؤلاتها واستطرادا تبديد هواجسها ومخاوفها وتاليا تهدئة خواطرها لنذهب معا في رحلة البحث الجدي عن المخارج.

ومن المعلوم، يضيف زوار بري، اننا منذ نحو اربعة اشهر وفي ذروة التازم السياسي اعدنا الاعتبار لهذا المشروع الانتخابي الذي لانستحي به اطلاقا وقلنا مجددا انه وضع لهدفين اثنين الاول الارتقاء الى مرتبة الدولة المدنية من جهة واستكمال تنفيذ بنود اتفاق الطائف الاصلاحية وفي المقدم منها التوصل الى انشاء مجلس الشيوخ وسواها من البنود التي توصف عادة بانها اس الاصلاح المنشود ومفتاحه الاساس.

ولقد صار واضحا ان هذه السردية المختصرة للفكرة التي شكلت حبل السرة للمشروع وصولا الى تحوله مشروعا بشكل متكامل يسعى على قدميه نحو ضوء الشمس، انما تنطوي على رد مفحم لاولئك الذين رفعوا اصواتهم اخيرا بالاعتراض من خلال اطلاق العنان لمبرر غير صحيح قوامه ان الطرح ورد في غير الوقت المناسب وانه ينطوي على رغبة بقلب المعادلات والغاء طوائف بعينها.

ومبعث الاستغراب لدى سيد السلطة التشريعية من مثل هذا الكلام التبريري، واستطراد مربط العتب على قوى بعينها قضت عمرها السياسي بالدعوة الى الاصلاح والتحرر من سطوة الطائفية واستبدادها ان تبادر الى نشر هذا المناخ الاعتراضي التهويلي ضد مشروع قانون يرمي الى التاسيس للاصلاح الحقيقي بذريعة عدم ملاءمة الوقت وهي الذريعة عينها التي يكررها البعض منذ عقود ونسال هؤلاء متى يحين الوقت المناسب للتغيير والاصلاح ابعد خراب البصرة وانهيار الوطن فنكون جميعا من الخاسرين نجتر الحسرة ولكن بعد فوات الاوان.

وفي هذا الاطار يذكر رواد مجلس بري انهم توقفوا عند التصريح الذي اطلقه عضو كتلة “اللقاء الديموقراطي “بلال عبدالله عندما اوضح ردا على سؤال استدراجي من بعض الاعلاميين عما اذا كان الوقت ملائما لطرح المشروع فاجاب بانه مناسب تماما لانه “المشروع الكفيل بمعالجة كل العلل المستشرية من الكورونا وصولا الى الاصلاح السياسي”.

ويستغرب هؤلاء من حملة الاعتراض التي ينظمها البعض في وجه مشروع اصلاحي فيما يبادرون الى الترويج الضمني لمشاريع اخرى غاية في السلبية والاساءة الى الوحدة الوطنية وتؤدي الى تعميق الانقسام مثل الفيديرالية والحياد ويرفضون في المقابل حتى مناقشة مشروع وطني.

ومع كل ذلك يؤكد هؤلاء ان بري ليس في وارد الاستسلام والاستكانة عن المضي قدما في طرح مشروع الانتخاب لايجاد قناعة عامة حوله تحصنه وتحميه فضلا عن انه منفتح تماما على كل الخطوات التي من شانها تعزيز ثقافة الوقوف في وجه الفساد وتبني الاصلاح فهو تعاطى بكل ايجابية مع رسالة رئيس الجمهورية الى المجلس وما لبث فور تسلمها ان دعا الى جلسة بغية ان تاخذ الرسالة مسارها الدستوري ومداها الحيوي.

Leave A Reply