جائزة الرئيس برّي

سمير عطالله – النهار

لم أحلم لحظة واحدة بالفوز بـ”#جائزة الشيخ زايد للأخوّة الإنسانية“، والدليل أنها مُنحت هذا العام للعاهل الأردني عبد الله الثاني والملكة رانيا، والشوط بعيد جداً بين المرشحين المستحقين. لكن مجرّد الترشيح للجائزة كان بالنسبة إليّ تشريفاً عالياً، وكثيراً عليّ أيضاً، وعلى نحو ما، هو فوز بسبب الرجل الذي رشّحني رسمياً، مرفقاً الترشيح بالبراءة التي تبتّ فيها لجنة مؤلفة من كبار ذوي السمعة في العالم.

كان الفوز أن يختارني الرئيس #نبيه بري للجائزة من دون السياسيين والشخصيات البارزة وأصحاب المواقع والمكانات، وهو لم يتجاوز هؤلاء فقط، بل قضت شجاعته أن يتجاوز أيضاً جميع الاعتبارات الطائفية والحسابات المألوفة. فأنا لا أستطيع أن أقدّم للرجل سوى ما قدَّمته من مودّة ومحبّة واحترام منذ ما قبل دخوله العمل السياسي.

هذه المودّة التي تزيد على ستين عاماً لم تتخلّلها أيّ لحظة انقطاع. وترسَّخت مع السنين كلما كبر حجم نبيه بري الوطني ودوره السياسي. وازددنا اعتزازاً به عندما تحوّل موقعه الى مركز عربي أيضاً، يحوطه الجميع بالاعتبار.

تحمل “جائزة زايد للأخوّة الإنسانية” اسم رجل من بناة العصر العربي الجميل. البدوي الطيّب الذي لما اغتنى، اغتنى معه شعبه وأمّته. والعام الفائت مرّ نصف قرن على دولة الوحدة التي أقامها زايد بن سلطان من “الإمارات المتصالحة” الى “دولة الإمارات العربية المتحدة”.

إحدى أهم وأنجح التجارب الوحدوية في العالم: لم تستمر وحدة عربية، مشرقاً ومغرباً، أكثر من وقت تلاوة البيان. الاتحاد المغاربي انتهى قبل أن يبدأ. وحتى الوحدة الأوروبية اهتزت بخروج بريطانيا. وظلّت هذه الدولة تتقدّم وتترسّخ كواحد من أعجب نماذج التطوّر المعاصر.

وضع زايد للاتحاد الأسس النابعة من قلبه ومن محبّته للناس ومعرفته بهم، لا من الكتب. وأعطى الأولويات للشراكة والمساواة. وألغى الأنانيات التي تدمّر الدول من أساسها وتُتفّه الحكم وتسيّب الأحكام.

كان “مقال الأربعاء” أحد العناصر التي أوردها الرئيس بري في ترشيحي الى الجائزة. لذلك، يجب عليّ، في هذا المكان، أن أتقدّم إليه بفائق الامتنان. لم تكن هذه أول مرة يرشّحني فيها لتقدير أو تميُّز. المرة الأولى كانت عام 1960 في متحف جبران خليل جبران في بشري. ومنذ ذلك اليوم تجمعنا باللبناني العربي الكبير رتبة الاعتزاز بصداقته. وأن أكون قد خسرت جائزة زايد أمام عمالقة الأداء الإنساني، مسألة طبيعية. لكن سوف يظلّ مؤلماً من خسرناه، الرئيس الحبيب وأنا، الحبيب الذي خسرناه وخسرنا فيه رمز الأخوّة العالية، جان عبيد.

Leave A Reply