تحذيرات من انفجار أسعار الغاز في أوروبا

سجلت أسعار الطاقة في أوروبا ارتفاعات حادة أمس، على خلفية إطلاق روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، والرد الغربي المرتقب بعقوبات قاسية.

وارتفعت العقود الهولندية الآجلة القياسية بـ41 في المائة، مواصلة الارتفاع لليوم الرابع على التوالي، كما ارتفعت أسعار الكهرباء الألمانية لشهر آذار (مارس) بنسبة 31 في المائة.

وكانت الأسعار قد سجلت ارتفاعات على مدار الأيام الماضية مع تصاعد التوترات ذات الصلة، وفقا لـ”الألمانية”.

وحذر قطاع صناعة الكيماويات الألماني من أن انفجار أسعار الغاز الطبيعي بسبب الصراع الأوكراني يهدد إنتاجية القطاع.

وقال فولفجانج جروسه انتروب الرئيس التنفيذي لاتحاد شركات صناعة الكيماويات في ألمانيا، إن الوضع سيكون إشكاليا للغاية بالنسبة للقطاعات التي تستهلك الطاقة بكثافة في حال حدثت ندرة في الغاز في أوروبا.

وأضاف انتروب في تصريحات صحافية أمس ” الشركات الكيماوية مهددة في هذه الحالة بأسعار منفجرة للغاز الطبيعي في ظل مستوى أسعار سجل بالفعل ارتفاعا تاريخيا شديدا”.

ويستهلك قطاع صناعة الكيماويات، وهو ثالث أكبر قطاع صناعي في ألمانيا بعد قطاع صناعة السيارات والآلات، قدرا كبيرا من الطاقة منها ما يستخدمه على سبيل المثال في توليد حرارة لمرافقه. ويعاني هذا القطاع بالفعل ارتفاع أسعار الطاقة، ولا تستطيع كل هذه الشركات نقل هذا الارتفاع على كاهل العملاء.

وحسب بيانات اتحاد صناعة الكيماويات، فإن القطاع يستخدم في الوقت الراهن نحو 3.2 مليون طن غاز طبيعي كمواد خام “39 في المائة، من إجمالي الاستهلاك” و84 تيراواط/ساعة “61 في المائة، من الاستهلاك” لإنتاج الطاقة.

ولا تعد روسيا وأوكرانيا ضمن الشركاء التجاريين الكبار لقطاع صناعة الكيماويات والدوائيات في ألمانيا، إذ وصلت نسبة صادرات القطاع إلى روسيا في العام الماضي إلى 2.4 في المائة، من إجمالي صادرات القطاع لتحتل روسيا المركز العاشر في قائمة العملاء الأوروبيين لدى القطاع، فيما وصلت نسبة صادرات القطاع إلى أوكرانيا إلى 0.5 في المائة.

بدورها أكدت شركة غازبروم الروسية، أمس، استمرار ضخ الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر أوكرانيا. ونقل موقع قناة “آر تي عربية” الروسية عن الممثل الرسمي لشركة غازبروم سيرجي كوبريانوف القول إن ضخ الغاز الطبيعي من روسيا إلى أوروبا عبر أوكرانيا مستمر.

وسجلت أسعار الطاقة في أوروبا ارتفاعات حادة، على خلفية إطلاق روسيا عملية عسكرية في أوكرانيا، والمخاوف من تعطل إمدادات الغاز الروسي، فضلا عن الرد الغربي المرتقب بعقوبات قاسية.

ووعد روبرت هابيك، وزير الاقتصاد الألماني بتخفيف الأعباء عن المواطنين لمواجهة ارتفاع أسعار الغاز على المدى القصير على خلفية الأزمة الأوكرانية.

وقال هابيك في تصريحات، “فيما يتعلق بارتفاع الأسعار على المدى القصير والعبء الواقع على المستهلكين والشركات، فإننا سنخفف الأعباء في موضع آخر، لا يمكننا أن نتدخل في أسعار السوق العالمية للغاز أو النفط، ومع ذلك، سنلغي الرسوم الإضافية الخاصة بالطاقة المتجددة”.

وأضاف: “سنواجه الأمر بسياسة اجتماعية، أهم شيء هو أن ألمانيا لديها ما يكفي من الغاز، وتم ضمان ذلك عبر عديد من الاستعدادات، مؤكدا أن إمدادات الغاز آمنة”.

وذكر الوزير أن بلاده يمكنها الاستغناء تماما عن الغاز الروسي، على الرغم من تحذيرات من أن ذلك قد يتسبب في زيادة الأسعار، مضيفا “إمكانية حصول ألمانيا على غاز كاف وموارد كافية بعيدا عن واردات الغاز الروسي موجودة ويجب توسيعها، مؤكدا أن قضية الطاقة أصبحت قضية أمنية”.

وفي المقابل، ذكر الوزير أن “علاقات الطاقة مع روسيا نجت من أزمات سابقة، لذلك لا ينبغي أن تكون هناك تكهنات كثيرة”، وقال: “أعتقد أن لدينا فرصة جيدة للحفاظ على استقرار إمدادات الغاز والفحم والنفط إلى ألمانيا عبر الإجراءات التي اتخذناها بالفعل”.

وفي سياق متصل، أعلنت شركة “توتال إنيرجي” الفرنسية العملاقة أمس، أنه لا حل فوريا لاستبدال الواردات من روسيا في سوق الغاز الأوروبية، إذا توقفت بسبب النزاع الروسي – الأوكراني.

وقال باتريك بويانيه رئيس المجموعة متحدثا في باريس أمام منتدى الاتحاد الوطني للأشغال العامة “إذا لم يصل الغاز الروسي إلى أوروبا فلدينا مشكلة حقيقية لأسعار الغاز في أوروبا”.

وأوضح أن ارتفاع أسعار الغاز الذي بدأ العام الماضي وما زلنا نشهده اليوم كان ظرفيا وهو مرتبط بقوة الطلب من الصين.

وقال “أما اليوم فالوضع مقلق أكثر لأن الغاز الروسي يمثل حاليا 40 في المائة، من سوق الغاز الأوروبية”. وأوضح “لتزويد أوروبا بالغاز ينبغي إما أن تكون لدينا خطوط أنابيب أو محطات تحويل الغاز أو نأتي بالغاز الطبيعي المسال، لكنها جميعا ممتلئة في الوقت الحالي وليست لدينا محطات كافية في أوروبا لإعادة تحويل الغاز المسال إلى غاز للتعويض عن 40 في المائة، من الغاز الروسي”.

وأوضح “يستغرق بناء محطة عامين إلى ثلاثة أعوام وفرنسا لديها محطة واحدة في حين لا تملك ألمانيا أي واحدة، ولذا عندما يقال لي كيف ستفعلون إذا لم تعد نسبة الـ40 في المائة، من الغاز الروسي متوافرة؟ عندها يمكنني أن أقول لا أعرف ماذا سأفعل. وأضاف “سأكون قادرا على القيام بذلك في غضون عامين أو ثلاثة أعوام إذا قمنا ببناء محطات لأن لدينا الغاز ولكن علينا أن نكون قادرين على نقله. نواجه هنا مشكلة في البنى التحتية”.

وقال “في ضوء ذلك لا أعتقد أن الرغبة الروسية هي في قطع إمدادات الغاز الآن إذا قرر الأوروبيون حرمان أنفسهم من الغاز الروسي فسيتعين إيجاد حل في شتاء 2022” في إشارة إلى العودة إلى “الفحم الألماني والبولندي”.

وفيما يتعلق بتأثير الوضع في نشاط شركة توتال، أشار إلى خيار مجموعته المعرضة للمخاطر الجيوسياسية بالتواجد في نحو 130 دولة.

وأكد أن روسيا “تمثل 3 إلى 5 في المائة، من عائدات شركة توتال، سنتعامل مع الوضع تماما كما واجهنا على سبيل المثال التوقف في بلدان أخرى.

Follow Us: 

Leave A Reply