الأحد, يونيو 16
Banner

«أجرة النقل» أكثر من مطلب عمالي بل مصير الاقتصاد بامتياز!

ذوالفقار قبيسي – اللواء

مشكلة النقل العام تزداد حدّة، فيما الدولة الغارقة بتجاذباتها السياسية وتعطيلاتها الحكومية، لا تعرف أو ربما تعرف انها بدءا من أجرة «السرفيس»، هي حجر الرحى في الاقتصاد، وتحتاج بالتالي إلى إعلان حالة طوارئ لإيجاد حل لقضية بهذا المستوى بالغة الخطورة والأهمية في النظريات الاقتصادية على اختلاف إتجاهاتها والتي تجمع على ان السوق الاقتصادي الفاعل (أو ما يسمّى في الاقتصاد «السوق الكامل» The Complete Market) هو الذي يتيح للمستهلكين أو المنتجين من مختلف فئات المواطنين، إمكانية الإنتقال إليه بالكلفة الأقل. فيما «السوق غير الكامل» الذي لا يمكن الانتقال اليه هو سوق «نظري» أو «إفتراضي». تماما كما حال المادة الموجودة في أعلى قمة ويستحيل الوصول إليها. وهي بالتالي «سلعة غير اقتصادية» دون أي قيمة حتى ولو كانت من البرلنت أو الذهب أو أي معدن ثمين آخر.

والدولة التي مثل دولة لبنان، التي تشغلها المنافع السياسية والصفقات المالية عن الحقائق الاقتصادية، هي التي تصنف مشكلة كلفة النقل على انها مجرد قضية عمالية تفاوض وتساوم عليها ببعض الدعم والمساعدات أو «المكرمات» تهبها للعمال كي تخفض بها صوتهم أو تشتري أصواتهم في الانتخابات.

والمشكلة انه حتى هذه الهبات التي ترقبها العمال على مدى السنوات الماضية من مختلف الحكومات، ما زالت في العالم الافتراضي ومن قبل حكومة التزمت بدعم قطاع النقل العام اعتبارا من ١/١٢/٢٠٢١ عبر تعرفة جديدة مخفضة ومدعومة تعلنها وزارة الأشغال العامة والنقل، لكن هذا الوعد ما زال يحور ويدور بين الدولة والمؤسسات النقدية الدولية من جهة وفي حالة فراغ دفعت اتحادات ونقابات العمال إلى مسلسل إضرابات يزيد في فداحة الكارثة الاقتصادية التي تكوي أجرة الموظف والعامل وميزانية الأسرة والمؤسسات اللبنانية ولا سيما المتوسطة والصغرى التي تشكّل أكثر من ٩٠% من مجموع المؤسسات في لبنان وبمعدلات أجور تتراوح بين المليون و٢ مليون ليرة شهريا بات الجزء الأكبر منها أو بمجملها أحيانا تحت رحمة الكلفة المرتفعة للنقل العام والتي حدّها الأدنى حسب المسافات بين ٢٠ ألف و٢٥ ألف ليرة و٣٠ ألف و٤٠ ألف ليرة ضمن نطاق العاصمة وبين ٥٠ ألف ليرة الى الجنوب والنبطية و٧٠ ألف ليرة إلى مناطق بعلبك، والتي إذا احتسبت على مدى الشهر لاستهلكت في حدّها الأدنى ثلاثة أرباع أجرة العامل وفي حدّها الأقصى أكثر من قيمة الأجر الشهري بالكامل!

وبالعودة إلى نظرية «السوق الكامل» الاقتصادية التي يمكن للعامل والمستهلك بلوغها، و«السوق غير الكامل» التي لا يمكن الوصول إليها، تبقى المصيبة الكبرى التي لم تدرك الدولة مدى خطورتها على مجمل الاقتصاد في مختلف القطاعات، في انه مع الارتفاع المتواصل في كلفة النقل، والتصاعد المستمر في سعر صرف الدولار، باتت كل دوائر الدولة ومؤسسات القطاع الخاص «سوقا غير كامل» أو سوقا معطلة بالكامل في اقتصاد له إسم ولكن على غير مسمّى!!

Leave A Reply