“الجماعة الاسلامية” تعود إلى الضوء من “بيت الوسط”: نحن لم نحتجب ونحرص على علاقتنا بـ”التيار” ونفعّلها مع “الحزب”

ابراهيم بيرم – النهار

“الجماعة الاسلامية” تعود إلى الضوء من “بيت الوسط”

قبل فترة قصيرة ظهر الامين العام لـ”#الجماعة الاسلامية” الدكتور #عزام الايوبي وبرفقته رئيس المكتب السياسي للجماعة النائب السابق الدكتور عماد الحوت في “بيت الوسط” مجتمعاً مع الرئيس سعد #الحريري وبجانبه الامين العام لـ”#تيار المستقبل” احمد الحريري. النبأ بذاته بدا لافتا ويدفع الراصدين الى تبنّي استنتاج فحواه ان ثمة طوايا وخلفيات وتطورات مستجدة في حسابات الطرفين أملت عليهما ان يُظهرا اجتماعهما القيادي على هذا المستوى الرفيع وفي هذه المرحلة بالذات. فوفق بعض التقديرات ان سبل التواصل بين الطرفين المتعايشين عمليا على ساحة واحدة مقطوعة تقريبا منذ اكثر من عامين، لا بل ان البعض يُرجِع هذه القطيعة الى مرحلة الانتخابات النيابية الاخيرة، لاسيما بعدما قرر “التيار الازرق” لمقتضيات حسابات وهواجس سياسية وضع حد لتفاهم سياسي كان ساريا بينهما لأعوام. وقد تجلى هذا القرار من خلال امتناع التيار عن حمل مرشح الجماعة النائب السابق الحوت على لائحته في بيروت أو أي مرشح آخر لها في دوائر انتخابية أخرى لضمان وصوله الى الندوة البرلمانية. وكما هو معلوم كان العنوان العريض لهذا التفاهم في ذاك الزمن ان تصب الجماعة أصوات جميع المنضوين فيها والمناصرين في كل الدوائر لمصلحة لوائح “تيار المستقبل” في مقابل ثمن اعتُبر متواضعا وهو نائب واحد مضمون الوصول للجماعة وهي التي استطاعت في اول انتخابات جرت بعد تطبيق اتفاق الطائف عام 1992 ان توصل بقوتها ثلاثة نواب، واحد في بيروت هو زهير العبيدي، وثانٍ في طرابلس هو الامين العام السابق الراحل فتحي يكن، وثالث في الضنية هو اسعد هرموش. لكن في انتخابات عام 2009 ارتضت الجماعة مرغمة بما قسَمه لها “التيار الازرق” لانها كانت تعي حينذاك ان ذلك هو الممر الالزامي لضمان تمثيل، ولو رمزياً، في البرلمان، ودون ذلك فان المعادلات المفروضة والتراجعات التي شهدتها الجماعة تباعا والخروج المتتالي لبعض رموزها الى فضاءات اخرى بدءا من عام 1995 حرمها أيَّ حضور مضمون لها في المجلس. وقد ظهر مصداق ذلك في الانتخابات الاخيرة بعدما تمنَّع التيار عن العودة الى التفاهم السابق معها، اذ لم يحالفها الحظ بإيصال اي مرشح، فضلاً عن انها خسرت احد ابرز رموزها هرموش الذي اعلن استقالته من قيادة الجماعة (كان يشغل رئيس المكتب السياسي) عشية التوجه الى صناديق الاقتراع في تلك الانتخابات، كما كانت خسرت سابقا رمزاً آخر في صيدا هو الدكتور علي الشيخ عمار. وفي كل الاحوال، ثمة من اعطى صورة لقاء “بيت الوسط” الذي جمع الحريري وقيادة الجماعة بُعداً سياسياً ينطوي على اعتبارين: الاول، خروج الحريري من مخاوفه ومحاذيره والخطوط الحمر التي كانت تمنعه سابقاً من مثل هذا الاجتماع او تنسيق المواقف وتبادل الافكار مع قيادة الفرع اللبناني لتنظيم “الاخوان المسلمين”، لاسيما بعد التوتر الذي ساد العلاقة بين هذا التنظيم والرياض، وقد تصاعد لاحقاً ليمسي نوعاً من الاحتراب والتصارع السياسي والاعلامي الحاد، وخصوصا مع قاطرة القيادة للتنظيم العالمي للاخوان، أي تركيا الاردوغانية المحكومة من حزب العدالة والتنمية المنتسب شرعاً الى الفضاء الايديولوجي للاخوان. وبالطبع ثمة من بات يزعم انه لولا الانخفاض الطارىء لمنسوب هذا التوتر في الآونة الاخيرة وانفتاح الابواب الموصدة بإحكام بين الرياض وانقرة، لما كان بمقدور ابواب “بيت الوسط” ان تنفتح على النحو الذي انفتحت فيه امام قيادة الجماعة مقدمة لما هو اوسع. ومهما يكن من أمر، يتبدّى جلياً ان هذا التوجه الانفتاحي من جانب “المستقبل” انما هو جزء عملي لورشة اعادة النظر في خطوط العلاقة مع قوى وشخصيات وربما رهانات، قرر التيار الشروع بها، وهي الوجه الآخر للورشة التنظيمية التي اختارها التيار بشكل جذري، ونتج منها كما بات معلوما تعيينات جديدة تماما على مستوى المركز والمناطق. واذا كانت تلك بايجاز الدوافع المضمرة التي املت على التيار هذا الاداء الحافل باشارات وايحاءات عدة، ثمة في المقابل مَن يتحدث عن مرحلة تفعيل النشاط والحضور قررت الجماعة الانطلاق به بعد فترة كمون واحتجاب تُلحظ منذ نحو عامين، ولاكثر من سبب اختارت “بيت الوسط” باباً لاعلان ولوج هذه المرحلة. وعلى رغم بلاغة هذا التشخيص، فان قيادة الجماعة تنفي على لسان مصدر فيها نظرية ان الجماعة قررت الانكفاء والستر لتعود الى الضوء وتفعيل الحضور من جديد. ويقول لـ”النهار”: “نحن فعلاً انشغلنا بامور الدورة التنظيمية التي نجريها دوما في موعدها، ومن ثمارها اننا سمّينا النائب السابق الدكتور الحوت رئيسا للمكتب السياسي، الا اننا لم نعتكف سياسيا كما يروّج البعض، اذ ان التطورات التي افرزها انطلاق الحراك الشعبي في الشارع قبل ما يقرب من عامين وما تلاه قد طغى على ما عداه وفرض نفسه على الشاشات ووسائط الاعلام”. واضاف: “ونحن شاركنا بفاعليات هذا الحراك من منطلق اعتراضنا على الكثير من اداءات النخبة الحاكمة، وبادرنا الى تقديم افكار تطويرية وسجَّلنا ملاحظات نقدية لضمان تفعيل هذا الحراك، لكن رياح الامور سارت في اتجاهات اخرى، وهذا ما دفع البعض الى اطلاق استنتاج فحواه: ان قوى الثورة نبذتنا”. وماذا عن علاقة الجماعة بـ”#حزب الله” في ضوء ما يقال عن توجه في اطر الجماعة بين داعٍ الى تفعيلها واعادة الى سابق عهدها، وآخر ما زال مقيما على تخوفاته وفي ظل ما ذُكر عن لقاء جرى في ايلول الماضي بين الايوبي والامين العام للحزب السيد حسن نصرالله بمسعى من رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” اسماعيل هنية الذي كان وقتذاك في بيروت؟ أجاب المصدر القيادي: “لا نعرف بالضبط مصدر هذه المعلومات، ولكننا على ثقة من انه لو حصل لعلمنا به ولما كان عندنا موانع تحول دون اظهاره الى الضوء. ولكن الثابت عندنا اننا اعدنا تفعيل قنوات التواصل والحوار نسبيا مع الحزب انطلاقا من اعتبارين: الاول، التنسيق لجبه الهجمة الغربية لتمرير ما سمّي “صفقة القرن” ابان رئاسة ترامب للولايات المتحدة، علما ان هذه العلاقة لم تنقطع نهائيا مع الحزب بل ان كلينا حافظنا عليها بحدها الادنى. الثاني، كانت مسألة التباين الحاد والاختلاف في النظرة الى القضية السورية. ونحن نقدّر ان الامور تحولت بعدما خرجت الاوضاع هناك من يد الجميع”. ورداً على سؤال، قال: “نصرّ على البقاء عند نهجنا الوسطي، لذا لا تجدنا نبالغ في التحالفات والتفاهمات ولا في الخصومات، وتالياً لا يمكن أحداً ان يدرجنا في خانته ويضعنا في جيبه”.

Leave A Reply