“المصرية اللبنانية” تُحيي ذكرى ميلاد إحسان عبد القدوس

ارتبط شهر كانون الأول/ يناير بالكاتب إحسان عبد القدوس ارتباطا وثيقا، لكونه وُلِد في أول أيامه من عام 1919، كما أنه رحل في الحادي عشر من الشهر نفس (بعد 71 عاماً)، في سنة 1990.

إحسان عبد القدوس ليس مجرد كاتبٍ برع في تناول موضوعه الأثير هو الحب، بل هو أعاد تعريف علاقة الرجل بالمرأة كما لم يفعل كاتب آخر في تاريخ السرد العربي، عبر جوانب لم يستطع غيره أن يخوضها ويكشف أعماقها الشائكة. استطاع إحسان أن يجعل من اسمه ختماً على كافة المشاعر الإنسانية المركّبة، والأفكار الخطرة المحظورة، المسكوت عنها وغير المعتادة، والأهم أنه جعل من اسمه قريناً للحرية المطلقة في تناول العديد من الأسئلة التي يخشى كثيرون غيره مجرد الاقتراب منها، في ما يخص النفس الإنسانية والمجتمع المحافظ معاً. أما عبقرية إحسان الحقيقية، فهي في كونه فعل ذلك عبر لغة سهلة وبسيطة وحيوية، جذابة وممتعة، جعلته أحد أكثر الروائيين قراءةً في تاريخ الأدب العربي، وأوصلت أدبه الى شرائح مختلفة من القراء.

عاش إحسان حياة ثرية، فهو خريج الحقوق الذي وجد ضالته في دنيا الأدب والصحافة والفن، ليصبح الكاتب الصحافي المرموق منذ شبابه المبكر، وصاحب الآراء والكتابات والمواقف السياسية المهمة، من قبل حتى أن يصبح الروائي الشهير وربما الأكثر رواجاً في تاريخ الأدب المصري المعاصر. ومنذ البداية المبكرة، تنقّل إحسان بين عالمين مختلفين، وربما متناقضين، بمهارة الماشي على حبل، فبين بيت جده لأبيه “الشيخ رضوان” حيث البيئة المتدينة الملتزمة صاحبة القيم الريفية، وبين عالم الفن والثقافة الذي كانت أمه السيدة روز اليوسف إحدى رموزه ونجماته في قاهرة مطلع القرن العشرين، وجد إحسان نفسه يتحرك بين السؤالين الكبيرين اللذين ظل يناقشهما في كافة أعماله: عالم الالتزام المغلق وعالم التحرر غير المشروط، عالم المثُل وعالم الواقع، خاصة واقع الطبقات البورجوازية في قاهرة الفن والثقافة والتحرر.

ومنذ أصدر كتابه القصصي الأول “صانع الحب” عام 1948، قبل أن يبلغ الثلاثين من عمره، حتى وفاته، لم يتوقف إحسان يوماً عن طرق المواضيع الشائكة في قصصه ورواياته، التي ما لبثت أن تلقفتها السينما ومن بعدها الدراما التليفزيونية، لتصبح عناوين أعماله علامات في وجدان الناس عبر أعمال شديدة الجماهيرية والتأثير، مثل “لا أنام”، “في بيتنا رجل”، “الوسادة الخالية”، “النظارة السوداء”، “أنف وثلاث عيون”، “لا تطفئ الشمس”، “أنا حرة”، “بئر الحرمان”، “الرصاصة لا تزال في جيبي”، “لن أعيش في جلباب أبي”، “العذراء والشعر الأبيض”، وغيرها الكثير.

وإدراكا منها بأهمية اسم إحسان ومنجزه الإبداعي الكبير، أقدمت “الدار المصرية اللبنانية” على إعادة طبع أعماله القصصية والروائية كمكتبةٍ متكاملة، لتكون متوفرة أمام كافة القراء، في طبعات جديدة أنيقة وعصرية، تتيح لمحبيه ولمن يودّ التعرف عليه من الأجيال الجديدة فرصة الإلمام بمشروعه الأدبي الثريّ.

المصدر: النهار العربي

Leave A Reply