خلافاً لكل الجو السائد عن هبة المليار يورو الأوروبية والسجالات حولها، يبدو أن موضوع الهبة أصبح في مرتبة دنيا من الاهتمام الرسمي والسياسي، ويتقدمه قرار لبنان إعادة النازحين بأي شكل، وبدء إجراءات تضييق على غير الشرعيين منهم بعد الانفلاش الكبير لهم في أغلب مناطق لبنان، نتيجة تقصير الدولة وعدم قدرة البلديات على تحمل العبء منفردة. فيما بقي قرار التواصل مع السلطات السورية خجولاً.
كلفت الحكومة المدير العام للأمن العام بالانابة اللواء الياس البيسري التواصل مع السلطات السورية لبحث ترتيبات إعادة من يرغب من النازحين وتسليم الموقوفين منهم، وهو حسب معلومات موقع “الجريدة” بصدد تحضير كل الملفات والمعطيات اللازمة للزيارة، وربما يتم تحضير زيارة لوزير الخارجية عبد الله بو حبيب إلى دمشق اذا كان من داعٍ وضرورة، كما اعلن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لكن مشكلة الحكومة هي التباطؤ بالتواصل مع سوريا مع أنه المدخل الطبيعي والأساسي لحل الازمة، فمن دون تعاون سوريا تتعذر إعادة الآلاف من النازحين وخصوصاً الموقوفين منهم في سجون لبنان، وترتيب الأمور اللوجستية للعودة.
ولكن تكمن المشكلة في معرفة الجميع في لبنان، وتبلغهم رسمياً من السلطات السورية، أن العودة الشاملة تتطلب مقومات لإعادة الاعمار وتوفير فرص العمل وهي غير متوافرة بشكل كافٍ نظراً للحصار الاقتصادي المفروض على سوريا عبر عقوبات “قانون قيصر”، والحصار السياسي المفروض على دمشق عبر القطيعة السياسية الغربية الكاملة والعربية شبه الكاملة.
لكن هذا الأمر لم يمنع الحكومة من تفعيل التواصل مع سوريا ولو للتوافق على ترتيبات الحد الادنى، وهوما تم حسب مصادر رسمية عبر التحضير لقوافل عودة جديدة قريباً، وسيُعلن عن العدد والترتيبات في حينه من قبل الأمن العام عندما تكتمل كل المعطيات، حيث يتم توفير مراكز إيواء ودعم لهم في سوريا. كما لم يمنع الحكومة من البدء بتطبيق إجراءات صارمة على النازحين الشرعيين وغير الشرعيين والموجودين في لبنان لأسباب اقتصادية ومعيشية، لتخفيف اعدادهم قدر الامكان بما يخفف من الأعباء على الدولة والبلديات.
أما ما سُمّي”رشوة المليار يورو” فهي في الحقيقة كما قال وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار لموقع “الجريدة” اعادة تدوير وتوزيع للأموال المخصصة للبنان جرى تجميعها وتقسيطها على ثلاث سنوات. وهي ليست فقط للبنانيين كما أعلن الرئيس نجيب ميقاتي، بل للنازحين أيضاً وللمقيمين ولدعم القدرات العسكرية والأمنية لوقف التهريب عبر البحر والبر ولبعض المشاريع الاجتماعية.
ودعا حجار إلى فتح باب الهجرة الموسمية إلى أوروبا للسوريين بدل فتحها للبنانيين.
موضوع “فتح باب الهجرة الموسمية” أثار مخاوف محقة من وجود قرار أوروبي بإبقاء السوريين وتهجير ماتبقى من اللبنانيين من أصحاب الكفاءات، عدا المخاوف مما تم تسريبه إعلامياً من “معلومات عن اقتراح أوروبي قبرصي مشترك يسمح ببقاء مليون ونصف المليون نازح في لبنان بعد تسوية أوضاعهم، على أن يوزع العدد الذي يزيد عن ذلك والذي يقدر بنحو مليون نازح على دول أخرى”.
وزاد في المخاوف عدم وضع آليات تنفيذية للقرار الأوروبي حول كيفية صرف المساعدات، وقد ذكرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فاندير لاين “أننا سننظر في كيفية جعل مساعدة الاتحاد الأوروبي أكثر فاعلية”، ويشمل ذلك استكشاف كيفية العمل على نهج أكثر تنظيماً للعودة الطوعية إلى سوريا، بالتعاون الوثيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهذا يعني انه لا توجد رؤية اوروبية متكاملة بعد لكيفية الدعم وآلياته.
وقد كشفت سفيرة الإتحاد الأوروبي ساندرا دو وال في بيان لها بعد زيارة فاندرلاين “أن الهبة الأوروبية لا تشمل اللبنانيين فقط بل اللاجئين السوريين أيضاً، وسنواصل إعادة توطين اللاجئين من لبنان إلى أوروبا للمساعدة في تخفيف العبء عن لبنان، وخلال الأشهر المقبلة، سنعمل أيضاً مع مفوضية اللاجئين لتطوير نهج أكثر تنظيماً للعودة الطوعية إلى سوريا”. لكنها لم توضح مَنْ تشمل مِنَ النازحين، ومتى وكيف ووفق اي آلية تعاون مع السلطات السورية!
وأقرّت “بأنَّ هذه العملية ستستغرق وقتاً. وستتطلب تعاون المزيد من الأطراف، إلى جانب لبنان وأوروبا”.
غاصب المختار – الجريدة