الإثنين, مايو 20
Banner

تخوّف لبناني من تدحرج اعتداءات إسرائيل

تقرّ أكثر من جهة سياسية لبنانية تلتقي مع “حزب الله” أو تختلف معه بان مؤشر الضربات الاسرائيلية في الجنوب ومناطق لبنانية اخرى طوال الاشهر الاخيرة بعد عملية “حماس” في السابع من تشرين الاول الفائت، يتجه من خلال الردود والمواجهات المفتوحة نحو تدحرج الامور الى مزيد من السخونة العسكرية. وهذا ما يطمح اليه بنيامين نتنياهو واعضاء حكومته من الصقور والمتطرفين. وجاء الاستهداف الاسرائيلي لأكثر من بلدة في الجنوب وصولا الى البقاع مع تصاعد ردود “حزب الله” في اتجاه المواقع العسكرية في اكثر من نقطة وصولا الى الجولان السوري المحتل، وكلها عوامل تقول ان الكلمة للميدان، وان الاتصالات الديبلوماسية التي تقودها واشنطن في المنطقة لن تأخذ طريقها الى التطبيق في المدى القريب لانها تبقى من دون مضمون اذا استمرت الآلة العسكرية الاسرائيلية على هذا المنوال. ولدى سؤال مرجع لبناني متابع بدقة لتفاصيل الاحداث وما يرافقها، يقول ان المعطيات الاسرائيلية وتهديدات اركان حكومة نتنياهو لا تبعث على الاطمئنان. وهو لا يدلي بهذا الكلام من باب التسليم بما تخطط له تل ابيب لانه في حال قيام جيشها بعدوان شامل ضد لبنان ستكون المقاومة لها بالمرصاد اذا تفلتت اسرائيل من كل قواعد الاشتباك وتخطت الخطوط الحمر.

وفي حال حسم نتنياهو قراره بحرب شاملة على غرار عدوان تموز 2006 فان الركون الى المساعي الديبلوماسية التي يقودها الموفد الاميركي آموس هوكشتاين ستصبح في حكم غير الموجودة لان لغة الصواريخ والمسيّرات ستسيطر من اوسع ابوابها على المشهد وعلى كل الاتصالات. ومع تصاعد الاحداث في المنطقة ثمة مراقبون يرجحون ان يذهب نتنياهو الى حرب كبيرة في لبنان وسيكون وقْع ارتداداتها اسهل عليه من مهاجمته رفح، حيث سيقدم امام الاميركيين والعالم جملة من الحجج التي يستند اليها وفقاً لمنظاره واستراتيجيته العسكرية ان “حزب الله” يشكل خطرا كبيرا على اسرائيل، وان كل الجهود التي قام بها هوكشتاين وسواه من المسؤولين الغربيين لن تؤدي الى اقناع الحزب بسحب وحداته العسكرية من جنوب الليطاني، فضلاً عن ان الحكومة الاسرائيلية لم تقدر بعد على طمأنة المستوطنين بالعودة الى منازلهم في الشمال لانها ما زالت تحت مرمى صواريخ الحزب، وخصوصا في كريات شمونة، مع تصاعد اصوات الاعتراض من المجالس البلدية ضد حكومتهم.

وفي زحمة التهديدات الاسرائيلية للبنان والتي ارتفعت وتيرتها اكثر في الايام الاخيرة، يجري التطلع الى البيت الابيض وما اذا كان في إمكان الرئيس جو بايدن كبح تهديدات نتنياهو حيث لا يلتقيان على جملة من الامور. وتقول جهات سياسية على تواصل مع مسؤولين في الادارة الاميركية ان بايدن تحوّل اسيراً عند نتنياهو ولا يستطيع فرض اي ضغوط عليه بسبب حملته الانتخابية في وجه الرئيس السابق دونالد ترامب الذي لا يقصّر بدوره في اطلاق مواقف داعمة لاسرائيل في حربها. من هنا بات صعبا على فريق بايدن ومن بينهم كبير مستشاريه هوكشتاين ان يساهم في إحداث تغيير في رؤية الحكومة الاسرائيلية، اقله في عدم استهدافها لبنان بصورة اكبر، وان لا ينتهج معه الاسلوب نفسه الذي يمارسه في قطاع غزة. ويستند نتنياهو في حفاظه على حضوره الى القوى اليمينية في المجتمع الاسرائيلي التي لم تعد تكترث لكل ما تتلقاه من الادارة الاميركية اليوم. وعند الدخول في تحليل السياسة الاميركية الراهنة حيال اسرائيل يتأكد ان الاولى ليست هي من تقود الثانية، وهذه نظرية خاطئة، ولا حاجة لاثبات هذ الامر من خلال التدقيق في التأثير الاسرائيلي في اميركا عبر لوبياته السياسية والمالية والاعلامية. لذلك من غير المستغرب ان يقدم نتنياهو على هذ النوع من التصدي لبايدن واجباره على تأييد ما تقوم به الحكومة الاسرائيلية في غزة وصولاً الى لبنان في حال قرر الرجل اتخاذ قرار نهائي بشن عدوان على طول مساحة الجنوب والاراضي اللبنانية، وان واشنطن في النهاية، الى جانب العدد الاكبر من العواصم الغربية، ستستمر في مد اسرائيل بالدعم المالي والعتاد العسكري، ورغم كل ما ارتكبته من مجازر في غزة تظهر في موقع الضحية مع ابقاء نتنياهو على هدفه الاول وهو طرد هؤلاء من ارضهم حيث لم يستطع الخروج امام المجتمع الاسرائيلي والقول امامه انه حقق انتصاراً، وهو لا يريد اقل من القضاء على كل مقومات المقاومة في غزة، ولن يغيب عن انظاره “حزب الله” بالطبع ومن خلفه ايران التي لن تمنحه الاسباب المساعِدة لمثل هذا العدوان، وهي تلتقي مع اميركا هنا في الحفاظ على خطوطهما الديبلوماسية غير المباشرة ولو تمسّك كل منهما بأدبياته وايديولوجيته، وخصوصا من طرف الايرانيين، لان حلم نتنياهو اذا سنحت له الفرص المناسبة ان يدخل جيشه في حرب غير تقليدية هذه المرة ولا يعارض حتى الآن دخوله في حرب شاملة على الاراضي اللبنانية، خصوصاً في الجنوب، حيث من المتوقع في حال وقوعها ان لا تبقى عند حدود هذه الرقعة.

 رضوان عقيل – النهار

Leave A Reply