الحوار بعيد المنال… ولا تأكيد لانتخاب رئيس في آذار

على هامش متابعة الوسط السياسي اللبناني وانشغاله بالاحداث العسكرية في ميدانَي غزة وجنوب لبنان، لا يغيب الملف الرئاسي عن مداولات الكتل النيابية والقوى السياسية المعنية رغم معرفتها المسبقة بعدم امكان التوصل قريبا الى إنضاج التسوية الرئاسية المنتظرة. وزاد الاهتمام اكثر بعد الكلام الذي تردد ومفاده ان الرئيس نبيه بري سيدعو الى جلسة انتخاب رئاسية في آذار المقبل تسبقها جولات حوار بين الكتل قبل الذهاب الى هذا اليوم الموعود وانتخاب رئيس للبلاد، على ان يتزامن هذا الامر مع توصّل الافرقاء الدوليين واسرائيل الى هدنة في قطاع غزة قبل حلول شهر رمضان رغم تأكيد بري والسيد حسن نصرالله انهما لا يربطان تطورات الجنوب بالاستحقاق الرئاسي، إذ يخشى نواب معارضون حصول اي صفقة تكون على حساب خياراتهم الرئاسية.

ومن المفارقات ان كل ما يُحكى عن عقد طاولة حوار موسعة الى حوارات ثنائية أو ثلاثية أو أي شكل من الاستشارات بحسب الجهات التي ترفض طاولة الحوار، لم تسوَّ ظروف التحضير لها بعد، وان كل المؤشرات لا توحي باقتراب موعد هذه الجلسة بدليل ان اكثر من نائب من فلك رئيس المجلس وخارجه يستعدون للسفر في الايام المقبلة، ولدى مراجعتهم رؤساء كتلهم تلقّوا أجوبة بأن في امكانهم السفر حيث لا مناخات انتخابية مؤاتية ما دام الافرقاء على تنافرهم. ولا تستقيم هنا عملية الاستشارات في حال حصولها بين الكتل على خلاصة الجلسة النيابية التي ادت الى التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون، والتي لا يمكن اسقاط ظروفها على جلسة انتخاب رئاسية. ولذلك لا يبدو ان “الفرج الرئاسي” سيحل على رؤوس اللبنانيين. واذا كان بري في مقدم الساعين والداعين الى هذا الحوار فهو لن يقدم على القيام بأي مبادرة في هذا الشأن اذا لم يكن متأكدا من التئام طاولتها بعد تلقيه ردودا سلبية من اكثر من كتلة لا ترى اي فائدة من اي طاولة حوار إذ تصر في دعواتها النواب للتوجه الى البرلمان والدخول في جلسات متتالية وانتخاب رئيس وفق القواعد الدستورية البرلمانية وليتم الاحتكام الى صندوق الاقتراع وما يحمله من نتيجة. ولا يريد بري “استرضاء” الكتل الرافضة للحوار اذا لم تتحسس بالفعل اخطار الفراغ في رئاسة الجمهورية، مع الاشارة الى انه لدى استقباله وفد سفراء المجموعة “الخماسية” كانوا قد اعلنوا باسم بلدانهم تشجيع الدعوة الى اي حوارات او مشاورات بين الكتل تساعد في تعبيد الطريق الى جلسة الانتخاب الموعودة. وكان من الملاحظ انه بعد زيارة السفراء الى عين التينة التقى السفير السعودي وليد بخاري كتلة نواب “الاعتدال الوطني” الذين يلتقون في الاصل مع دعوات بري وشجعهم على الدخول في اي حوار يساعد على الخروج من الفراغ الرئاسي، علماً ان ايا من الكتل المعارضة للحوار وفي مقدمها “لبنان القوي” و”الجمهورية القوية” والكتائب و”تجدد”، لم تتلقَّ من بري اي طرح جديد ولم يتم البحث معها في امكان التئام طاولة للحوار تحت قبة البرلمان سواء برئاسة بري أو نائبه الياس بوصعب، علما ان اجوبتها معروفة سلفا. وتكرر “القوات” انها ما زالت على موقفها بعدم تخطي الدستور والتوجه من دون اي مواربة الى البرلمان لانتخاب رئيس وإنْ كانت لا تعارض حصول استشارات بين الكتل قبل موعد اي جلسة. وتجتمع رؤيتها الانتخابية هذه الى حد ما مع “التيار الوطني الحر” ولو لم يجتمعا على اسم الرئيس، ولا سيما ان “تلاقيهما” على المرشح جهاد ازعور لم يكن مبنيا على اسس ثابتة حيث لم يكن هدفهما سوى التصدي لسليمان فرنجيه.

في غضون ذلك، لا تختلف مواقف “الخماسية” على الترحيب بطاولة حوار او تشاور، وهذا ما عكسه الموفد القطري برئاسة جاسم آل ثاني (ابو فهد) في كل محطاته في بيروت على دعوته الى عقد حوارات بين الكتل، وقد تلاقى مع بري في التوصل الى هذه الدعوة على اساس ان كل تأخير في انتخاب رئيس للجمهورية لن ينتج الا المزيد من الازمات والمشكلات على مختلف الصعد، الامر الذي ينعكس سلبا على الامن الوطني في البلد. وكان هناك تأكيد من الدوحة عبر موفدها ورئيس ديبلوماسيتها انها تؤيد ايا من المساعي التي تساعد في انتخاب رئيس، وان رفض الدخول في حوار بين الافرقاء سيؤدي الى خلق تعقيدات اخرى لن تساعد في اتمام الاستحقاق الرئاسي.

وهنا يفوت كثير من الافرقاء ان التجارب الانتخابية الرئاسية في لبنان كانت تسبقها على الدوام مشاورات تحدد في ولايات عدة اسم الرئيس المنتظر قبل وضع اسمه في صندوق الاقتراع. وقد تكون انتخابات 1970 التي جاءت بسليمان فرنجيه الجد الى سدة الرئاسة الاولى وحدها التي خرجت عن الاعراف الرئاسية في لبنان.

رضوان عقيل – النهار

Follow Us: 

Leave A Reply