تحذير من مغامرات على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية الى من يوجه بوغدانوف الرسالة ضمناً؟

تبقى الحرب الروسية على اوكرانيا الشغل الشاغل لموسكو، لكن ذلك لم يحجب الأنظار عنها من خلال اهتمامها وعبر صداقات نائب وزير خارجيتها ميخائيل بوغدانوف مع عدد من المسؤولين اللبنانيين، إذ يُعدّ خبيرا بالملف الداخلي ويعرف تفاصيله حتى بزواريبه السياسية الضيقة منذ حقبة الاتحاد السوفياتي.

وليس خافياً أن صداقات موسكو التي كانت محصورة بالأحزاب العقائدية الاشتراكية والشيوعية وسواها، امتدت الى قوى أخرى باتت تُعتبر من المقربين منه، ما وسّع إطار علاقاتها مع القوى اللبنانية منذ سنوات في نقلة نوعية للسياسة الروسية تجاه الملف الداخلي.

في السياق، استرعت اتصالات بوغدانوف مع عدد من المسؤولين اللبنانيين الانتباه، وتحديداً في هذه الظروف الاستثنائية من حرب غزّة، الى ما يجري في الجنوب اللبناني وما بينهما من استحقاقات دستورية، لا سيما الاستحقاق الرئاسي، مع الإشارة الى أن الديبلوماسي الروسي لا ينفك في مجالسه عن الحديث حول ما يجري على الساحة المحلية، ويبدو قلِقاً إزاء الشغور الرئاسي والانقسامات بين المكونات كافة، وقد ارتفع منسوب مخاوفه بعد حرب غزة واشتعال الجبهة الجنوبية. ومن هذا المنطلق جاء اتصاله الطويل مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وحليف موسكو النائب السابق سليمان فرنجيه. فماذا عن عناوين هذه الاتصالات، وهل دخلت روسيا على الخط اللبناني الذي بات منذ سنوات في عهدة الفرنسيين من دون اغفال الدورين الأميركي والسعودي، وبالطبع ايران على خلفية علاقاتها الأيديولوجية والعقائدية مع “حزب الله”، والتي صارت لاعباً على الرقعة الداخلية، ما تبدّى في الآونة الأخيرة خصوصاً بعد حرب غزة.

وتشير مصادر مواكبة للدور الروسي الى أن علاقة قديمة تربط موسكو بإسرائيل، لكنها ربطاً بحرب غزّة شهدت برودة واضحة من خلال رفض الاولى تصنيف حركة “حماس” منظمة ارهابية، وصولاً الى ادانتها ما ترتكبه إسرائيل من جرائم وابادة في حق الشعب الفلسطيني وانتهاكها للقرارات الدولية، وربطاً ايضا باستياء مماثل جرّاء ما تقوم به الولايات المتحدة الأميركية عبر دعمها اللامحدود وتغطيتها هذه الجرائم وفشلها في إيجاد حلّ للقضية الفلسطينية من خلال دورها الأحادي، ما دفع تل أبيب الى التمادي في عملياتها العسكرية وجرائمها.

أما على الخط اللبناني، فتوضح المصادر نفسها أن نائب وزير الخارجية الروسي يعبّر في مجالسه، الى ما قاله للرئيس ميقاتي، عن هواجسه حيال الوضع القائم في لبنان ويدعو الى حوار بين كل الأطراف السياسية والحزبية لأن حالة الانقسام السائدة اليوم تؤدي الى مزيد من الشرذمة، فضلاً عن كل ما يحيط بالبلد من أزمات سياسية واقتصادية، ما يستوجب انتخاب رئيس للجمهورية في أقرب وقت لأن الشغور المتمادي يسبب أزمات إضافية وله تداعيات سلبية على غير صعيد.

وهل من خلفية رئاسية لاتصاله بزعيم “تيار المرده”؟ تردّ المصادر بأن فرنجيه حليف وصديق مقرّب جداً من موسكو وله صداقات وعلاقات متينة مع بوغدانوف وسواه من المسؤولين الروس، الا أن ذلك لا يعني أن موسكو تتدخل بالأسماء المرشحة للرئاسة أو بالشأن الداخلي عموما، لكنها لا تُخفي أنها تدعمه وتحبذ وصوله الى الرئاسة مع تقديرها للشخصيات الأخرى المطروحة، لا سيما قائد الجيش العماد جوزف عون كونه يقوم بعمله بشكل جيّد في هذه الظروف الصعبة.

وتلفت الى اتصالات حثيثة تقوم بها روسيا مع كل من إسرائيل وإيران لتجنيب لبنان الحرب وعدم زجّه بها، لا سيما أن أوضاعه الراهنة لا تتحمل أي أزمات تُثقل كاهله، وهذه الاتصالات لعبت دورها باعتبار ثمّة صداقات وعلاقات عديدة مع كلا البلدين، ما يساهم في التهدئة. ومن هذا المنطلق حذّر بوغدانوف من أي مغامرات غير محسوبة على الحدود اللبنانية – الإسرائيلية، لأن ذلك سيُقحم لبنان في حرب شاملة.

أخيراً، تبقى الصداقات التي تنسجها موسكو مع الأطراف المعنية بالملف اللبناني تساعد في تنقية الأجواء، خصوصا مع المملكة العربية السعودية وإيران وصولاً الى إسرائيل، لكن بوغدانوف لا ينفك عن إبداء قلقه وهواجسه حول لبنان أمنياً واقتصادياً، لذا يعتبر أن الحوار من شأنه أن يُسهم في إبعاد الحرب والأزمات عن هذا البلد الذي يعاني على كل المستويات.

 وجدي العريضي – النهار

Follow Us: 

Leave A Reply