طهران وتركيا تحذّران من توسّع رقعة الحرب.. وإسرائيل تواصل تهديداتها للبنان

كتبت صحيفة “الجمهورية”: تواصَلت الحرب الاسرائيلية التدميرية على غزة وما توقعه من مجازر يومية يسقط فيها المئات من الفلسطينيين شهداء وجرحى، بالتزامن مع مواجهات لا تتوقف على الجبهة الجنوبية اللبنانية بين رجال المقاومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي التي استمرت في القصف والغارات الجوية على البلدات الحدودية على وقع اطلاق تهديدات وتوعّد بحرب تدميرية ضد لبنان، فيما ردّت المقاومة بمهاجمة المواقع والتجمعات العسكرية الاسرائيلية الحدودية بالاسلحة الصاروخية والمدفعية. وكل ذلك يحصل وسط دعوات داخلية وخارجية الى عدم توسيع رقعة الحرب.

قبل يومين على اطلالة الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله عصر غد، والتي ينتظرها لبنان والعالم، لتلمّس او استشفاف ما يمكن ان يكون عليه مستقبل المنطقة في ضوء العدوان الاسرائيلي على غزة وكيف سيكون تصرف محور المقاومة ازاء هذا العدوان، وكيف سيكون عليه مصير لبنان، برز موقف اميركي امس يأتي ايضا قبل يومين على زيارة وزير الخارجية الاميركي انتوني بلينكن لاسرائيل غداً لينطلق منها بجولة على المنطقة، وفيه ان الولايات المتحدة الاميركية أرسلت رسالة إلى «حزب الله» والأطراف الفاعلة مفادها أنه لا ينبغي لهم الدخول في النزاع، حسبما اعلنت وزارة الخارجية الاميركية.

وفي السياق قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن: «إذا هاجم «حزب الله» إسرائيل من الشمال فسيكون ذلك تصعيدا سيدفع إسرائيل إلى الحرب على جبهتين ويجب محاسبة إيران على ما تقوم به».

ايران وتركيا

في هذه الاثناء دعت تركيا وإيران امس إلى عقد مؤتمر إقليمي بهدف تجنّب توسع الحرب المندلعة بين اسرائيل وحماس.

والتقى وزير خارجية تركيا حقان فيدان نظيره الايراني حسين أمير عبد اللهيان امس أنقرة، غداة اجتماع الاخير بقيادات من «حماس» في الدوحة.

وقال فيدان: «إن تركيا تضغط من أجل وقف فوري لإطلاق النار لأنه «ليس صعبا التنبؤ بأنّ دوامة العنف هذه سوف تكبر» من دون حل دائم للحرب. وأضاف: «لا نريد أن تتحول المأساة الإنسانية في غزة إلى حرب تطال دول المنطقة». وقال: «نحن قلقون لاتساع النزاع الجغرافي. لقد ناقشنا هذا أيضا مع شقيقنا الإيراني الذي ذكر ان هناك مؤشرات قوية تفيد باحتمال تدخل عناصر مسلحة أخرى في المنطقة في النزاع إذا لم تتغير الظروف». وأكد أن «وقف إطلاق النار والسلام أصبحا أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى».

وقال عبد اللهيان الذي التقى لاحقاً الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن عقد مؤتمر سلام يضم الدول «الإسلامية والعربية» يجب أن يتم «في أقرب وقت ممكن». واضاف: «إذا لم تتوقف الحرب ضد الشعب الأعزل في غزة على الفور، هناك خطر توسّع نطاق الحرب والنزاع في المنطقة في أي لحظة». وأضاف: «من الضروري أن تتخذ الدول الإسلامية إجراءات فورية وفعّالة لإنهاء جرائم الحرب التي يرتكبها النظام الصهيوني ورفع الحصار عن غزة وإرسال مساعدات إنسانية».

وتابع: «تؤكد الجمهورية الإسلامية الإيرانية على ضرورة عقد اجتماع عاجل لزعماء الدول الإسلامية والعربية». واشار إلى أنّ «اميركا واسرائيل ستدفعان ثمنا باهظا وستكون هناك مستجدات جديدة في المنطقة اذا استمر النزاع في غزة وقد ينتقل إلى مناطق أخرى». ولفت إلى أنّ «مجرّد ذكر اسم «حزب الله» بات يبث الخوف لدى العدو».

ميقاتي

داخلياً، قال رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي في مستهل جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت امس انّ «لبنان موجود في كل الاتصالات الدبلوماسية التي تجري، وفي سياق هذه الاتصالات زرتُ دولة قطر للاطلاع على آخر الاتصالات وامكان الوصول الى وقف اطلاق النار، وبعدها يمكن البدء بالمساعي الاخرى. وكما قلت سابقاً هناك سباق بين وقف اطلاق النار وتفلّت الامور. من هنا فإن وقف اطلاق النار لفترة خمسة ايام امر ضروري تحت عنوان انساني، وخلال هذه الفترة تكون الاتصالات الدولية ناشطة من اجل إتمام عملية تبادل الاسرى لإرساء هدنة دائمة من أجل الاتفاق على الخطوط المطلوبة لاحلال السلام في المنطقة، كفانا حروباً في لبنان، فنحن مع خيار السلام. أما قرار الحرب اليوم فهو في يد اسرائيل». وشدد على انّ «العدوان الاسرائيلي على الجنوب وما ينتج عنه من شهداء وضحايا وتدمير منازل وحرق محاصيل ونزوح واضرار اقتصادية ومالية تطاول الوطن ككل، هي عناوين عريضة برسم المجتمع الدولي الساكِت عن الحق، كما ان الجرائم الاسرائيلية اليومية في قطاع غزة تشكل وصمة عار على جبين الانسانية وتدميراً لكل القيم والمبادئ التي قامت عليها العدالة الدولية. ولسوء الحظ بات القوي يدّعي امتلاك الحق في وقت نحن تربينا على ان الحق هو مصدر القوة».

وأعلن ميقاتي انّه في «الفترة القليلة المقبلة سأستكمل جولتي العربية، والوقت للانقاذ، والتضامن الوطني ضروري. الاخطار الكيانية تحوط بنا وبالمنطقة، وواجبنا ان نلتقي ونتحاور ونفكر معاً للوصول الى حل وطني جامع، تتضافر فيه الجهود الطيبة والنيات الخيِّرة للعمل معاً». وطالبَ «بالاسراع في انجاز هذا الاستحقاق الدستوري رغم كل التحديات والصعوبات والازمات التي يشهدها البلد». وكرر دعوة جميع الوزراء «للحضور والمشاركة معنا في تحمّل المسؤولية (…) في هذه الظروف الدقيقة على كل المستويات السياسية والامنية والاقتصادية والصحية والاجتماعية».

حركة «أمل»

ودانت هيئة الرئاسة في حركة أمل «العدوان الإسرائيلي الهمجي البربري الذي يستهدف الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والمجازر التي يرتكبها تدلّ على وضوح المشروع الصهيوني المدعوم دولياً والرامي الى تنفيذ الحلقة الاخيرة من وعد بلفور المشؤوم بتصفية القضية الفلسطينية».

وأكدت الحركة «حق لبنان المشروع في الدفاع عن أرضه وعن سيادته بكل الوسائل المتاحة في مواجهه العدوان، وهي في الوقت نفسه تدعو الحكومة اللبنانية والوزارات المعنية وقوات اليونيفل الى اتخاذ الاجراءات الملائمة دبلوماسياً وميدانياً لكبح جماح العدوان الاسرائيلي، كما تدعو الحكومة الى تأمين كل مستلزمات الصمود لأبناء القرى في أماكن اقامتهم وفي مراكز الايواء».

«التيار الحر»

وأكدت الهيئة السياسية في «التيار الوطني الحر» ضرورة «القيام بكل ما يلزم لتحييد لبنان عن الحرب». واعتبرت في بيان، بعد إجتماعها الدوري برئاسة رئيس التيار النائب جبران باسيل، أنّ «حماية لبنان تتطلب أيضا وضعا داخليا متماسكا وتبدأ بأن يتحمّل المجلس النيابي مسؤولياته ويُسرع في انتخاب رئيس للجمهورية، كأساس لإعادة تكوين السلطة وانتظام عملها، فتتشكل حكومة إصلاحية إنقاذية، تسد الفراغات والشغور في الدولة وتطلق عملية الاصلاح وتنعش الاقتصاد وتعيد الحياة الى المؤسسات». وشددت على «مبدأ التيار في رفض أي تمديد لأي مسؤول تنتهي ولاية خدمته وهذا مبدأ يتبعه التيار منذ انخراطه في الحياة السياسية، وقد مارسه حتى ضد نفسه مرتين عندما رفض نوّابه التمديد لمجلس النواب، كما رفض التيار التمديد لعدد من الحالات في الادارة والاجهزة الأمنية».

الوضع الميداني

ميدانياً، استمر التوتر جنوبا أمس، إذ أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أنه هاجم «خلية» من المقاتلين، وزعم انها «حاولت إطلاق صواريخ مضادة للمدرعات على الحدود اللبنانية».

وقال في بيان ان «دبابة تابعة للجيش الإسرائيلي هاجمت خلية كانت تحاول إطلاق صواريخ مضادة للمدرعات من الأراضي اللبنانية في منطقة زرعيت». وأضاف أن مجموعة من المقاتلين «أطلقت النار من الأراضي اللبنانية في اتجاه منطقة يفتاح، من دون وقوع إصابات». وقال إنه «رد بإطلاق النار على مصادر النيران».

من جانبها ذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن «مجموعة من المقاتلين أطلقوا قذائف هاون باتجاه شتولا» و«شومرا»، ولفتت إلى أن عدم إطلاق صافرات الإنذار في «شومرا» جاء بناء على تعليمات الجبهة الداخلية.

في المقابل، أشارت «الوكالة الوطنية للإعلام» الى «انفجار عدد من الألغام في منطقة «بئر شعيب» جرّاء القصف المعادي». ولاحقاً، توسّع القصف المدفعي الإسرائيلي إلى خراج بيت ليف وقصف على أطراف بلدتي رامية وعيتا الشعب. كما استهدف الجيش الإسرائيلي في موقع «المالكية» آلية «بوكلن» في أطراف بلدة عيترون، فيما استهدف من موقع العاصي منزلًا في أطراف ميس الجبل.

الى ذلك لم تتمكن قوة من الجيش و«اليونيفيل» والصليب الأحمر من العثور على راعيين لبنانيين تعرّضا للقصف الإسرائيلي عصر امس في سهل الوزاني، وستستأنف البحث عنهما صباح اليوم.

وقال الناطق الرسمي بإسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي ان «القوات المسلحة اللبنانية طلبت مساعدة اليونيفيل هذا المساء لإجلاء شخصين أصيبا بالقرب من الخط الأزرق في منطقة الوزاني».

وأضاف: «أوقف الجيش الإسرائيلي إطلاق النار لإتاحة المجال للقوات المسلحة اللبنانية واليونيفيل بالبحث عن الشخصين، ولسوء الحظ لم يتم العثور عليهما، ونظرا للظلام ووجود ألغام أرضية في المنطقة سيتم استئناف البحث في الصباح».

ووجَّه عناصر «المقاومة الإسلامية في لبنان» رسالة إلى «مجاهدي المقاومة البواسل في قطاع غزة وعموم فلسطين المحتلة»، قالوا لهم فيها ان «هذا بعضُ عزمنا خلف حدودِ فلسطين لاح، ولنصرة الأقصى حملنا السلاح، والنصر موعدنا والصّبح قريب». وتوجهوا اليهم قائلين «لقد مَرّغتُم أنف هذا الكيان الهشّ، وأريتُم العالم بحقّ أنّهم أوهَن مِن بيت العنكبوت وأن التحرير باتَ قريبًا».

الموقف الاسرائيلي

وقال المتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هغاري في مؤتمر صحافي: «في الشمال نحن في حالة تأهب واستعداد وعلى مستوى عالٍ جدًا من الجاهزية للرد بقوة في الدفاع كما في الهجوم». وأضاف ان «القيادة الشمالية في الجيش الإسرائيلي «تنشر القوات على نطاق واسع جدا في وضع الدفاع». وتابع «أي خلية تصل إلى المنطقة أو تخترق أراضينا أو تطلق النار على أراضينا، سنهاجمها ونقتلها». وشدد على استعداد وجهوزية سلاح الجو «المنتشر والمتأهب والجاهز، ويتطلع شمالًا لكل سيناريو وكل تهديد».

في غضون ذلك زار زعيم المعارضة الإسرائيلي يائير لابيد مستوطنة كريات شمونة، ووجّهَ عبر موقع «إكس» مساء امس «رسالة إلى الشعب اللبناني»، موضحا «أن «حزب الله» يحاول جَر الجيش الإسرائيلي إلى الحرب». وحذّر لابيد الشعب اللبناني من تلك المحاولة، مدعياً أنه «سيدفع الثمن».

من جهته، قال وزير دفاع العدو الاسرائيلي يوآف غالانت: «اننا في ذروة الحرب والمعارك الضارية تدور في مناطق فيها منشآت مبنية والجنود ينجحون في مهمتهم والجيش يتقدم، وأمام حماس خياران إمّا الموت أو الاستسلام ولا خيار ثالث أمامها»، بحسب «وكالة الصحافة الفرنسية».

واكد ان «أكثر من عشرة آلاف قذيفة ألقيت على غزة، وقد قضينا على قائد منظومة الصواريخ المضادة للدروع في حماس». واضاف: «نحن ندافع في الشمال كما نقاتل في الجنوب وللحرب ثمنها، ولسنا معنيين بحرب إضافية ولكننا مستعدون على الحدود الشمالية».

وأكّد غالانت انّ «سلاح الجو في الشمال مستعد بشكل قوي، وليست لدينا رغبة في الحرب هناك لكننا سنرد إذا لزم الأمر».

وأشار إلى أن «حزب الله لا يريد تحويل بيروت إلى غزة، والحزب مرتدع الآن».

وقال: «لهذه الحرب ثمن باهظ، وأشاطِر عائلات الجنود أحزانهم، نحن نتقدم حسب المخطط وحماس تتلقى ضربات قاسية وآلاف الأهداف والعناصر تم القضاء عليهم». ولفت الى ان «المعركة لن تكون قصيرة ونتقدم فيها تدريجاً ونواصل إعادة تقييم استراتيجيتنا أولاً بأول».

توصية «خطيرة»

أشار السفير الإسرائيلي في البوسنة والهرسك، نواه غال غندلر، إلى أنه «أبلغني صديق لي في وزارة الدفاع أن بيني غانتس، عضو حكومة الطوارئ الوطنية، أوصى أنه مع رحلة بلينكن إلى إسرائيل، وكذلك خطاب نصر الله، من الأفضل لمواطني تل أبيب أن يغادروا منازلهم ويستقروا في الحدائق والأماكن المفتوحة والملاجئ».

سجال في مجلس الوزراء

من جهة ثانية ذكرت مصادر مطلعة على اجواء جلسة مجلس الوزراء لـ«الجمهورية» أنّ «سجالاً حاداً اندلع بين وزير الاتصالات جوني القرم ورئيس هيئة الشراء العام جان العلية في جلسة مجلس الوزراء، على خلفية مزايدة البريد التي قدمها القرم، انتهى بطلب رئيس الحكومة من الوزير اعداد تقرير نهائي عن الموضوع ورفعه الى مجلس الوزراء.

وتبين حسب المعلومات، ان العلية ورئيس ديوان المحاسبة محمد بدران اللذين حضرا الجلسة، قدّما تقريريهما الى الوزراء، واعترض العلية في تقريره على وجود عارض وحيد في العقد مع الدولة ولمدة تسع سنوات، ومن دون اي دراسة تقديرية للسعر المعروض، لكن الوزير قرم أخذ النقاش الى مكان آخر وحاول التشكيك بالتقريرين، معتبراً ان رفض تقرير هيئة الشراء العام وديوان المحاسبة هو من صلاحيته، علماً ان تقرير الديوان المتضمن ملاحظات على المزايدة استند الى تقرير هيئة الشراء».

واوضحت مصادر المعلومات ان للوزير الحق في الرفض وفقا لقانون المحاسبة العمومية وقانون انشاء ديوان المحاسبة، لكن يفترض توافر ما يُسمّى مصلحة الدولة العليا وهو ما ليس متوافراً في هذه المزايدة. لكن الوزير تذرّع بوجود ازمة في البلاد تبيح تسيير المرفق العام.

واعلن وزير الاعلام زياد المكاري بعد الجلسة، رداً على سؤال في شأن ملف البريد: «كلّف مجلس الوزراء وزير الإتصالات رفع تقريره النهائي والمفصل حول الموضوع المطروح تمهيدا لاتخاذ القرار المناسب».

وعن تأمين التمويل لخطة الطوارىء قال مكاري: «سيتم التنسيق مع وزارة المال في هذا الموضوع، وكل شيء سيظهر، وكل الأمور ستكون شفافة».

وكان وزير الإتصالات قد اعتبر «أن وضعه حساس في موضوع البريد»، وقال: «أنا ذكرتُ سابقاً انني لا اريد التجديد لـ«ليبان بوست». وأضاف: «ديوان المحاسبة تكلم عن هدر بقيمة 5 ملايين دولار، وأوضحتُ أن المبلغ صادر عن دراسة افتراضية. أمّا بالنسبة الى موضوع انّ المزايدة حصلت على قياس شركة معينة، فأنا فسّرت الأمر».

Leave A Reply