تشريع كندي يخصص شهرا للاحتفال السنوي بالتراث اللبناني

تحتفل كندا وللمرة الأولى خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل بالتراث اللبناني بعدما أقر البرلمان الكندي وبالإجماع اقتراح قانون ينص على اعتبار هذا الشهر من كل عام “شهر التراث اللبناني”، تشجيعاً لتعزيز ثقافة وتقاليد وعادات اللبنانيين في البلاد ومشاركتهم تلك العادات مع جميع الكنديين.

وتعد المناسبة اعترافاً بتأثير الجالية اللبنانية في البلاد من خلال إسهامهم في بناء المجتمع الكندي، وكانت السيناتورة بمجلس الشيوخ الكندي جين كوردي قدمت في أبريل (نيسان) الماضي مشروع قانون يقضي بتخصيص شهر نوفمبر من كل عام للاحتفال بالتراث اللبناني في البلاد.

ودعمت النائبة من أصل لبناني في مجلس العموم الفيدرالي لينا مثلج دياب مشروع القانون، وساندها أربعة نواب آخرون في البرلمان الكندي ينحدرون من أصول لبنانية هم فيصل الخوري وريشارد مارتيل (لأم لبنانية) وفانس بدوي وزياد أبو لطيف ودخل التشريع الجديد حيز التطبيق اعتباراً من نهاية يونيو (حزيران) الماضي، استعداداً لتقديم النسخة الباكورة “لشهر التراث اللبناني” في نوفمبر 2023.

إنجاز دستوري

وللتعرف إلى تفاصيل القانون والفعاليات التي ستقام خلال “شهر التراث اللبناني” في نوفمبر المقبل، تحدثت “اندبندنت عربية” إلى النائب في مجلس العموم الكندي عن حزب المحافظين في دائرة “إدمونتون مانينغ” منذ 2015 زياد أبو لطيف، إذ قال إنه هاجر إلى كندا منذ عام 1990، متابعاً “كان بلدي الأم يعاني أعواماً من الحرب الأهلية”.

وأضاف أن الوظائف والفرص التعليمية كانت محدودة وأنه اختار كندا في الأقل لفترة قصيرة من الزمن، لكن “هذه الفترة القصيرة تجاوزت 33 عاماً وهي أكثر من نصف عمري”، مشيراً إلى أن أهمية هذا القانون هي الإضاءة على الحضور والتراث اللبناني وتعدد روافده، واعترافاً من البرلمان الكندي بالإسهامات التي قدمها اللبنانيون في كندا، بدءاً من أول مهاجر إبراهيم أبي نادر في 1882 وحتى اليوم، ولافتاً إلى أن إقراره “قد يكون رمزياً ولكن أهميته تكمن في اعتراف البرلمان الذي يمثل المجتمع الكندي بأسره، بإنجازات اللبنانيين وعطاءاتهم وتكريس ذلك في الدستور”.

وأوضح نائب مجلس العموم الكندي أن “الفكرة تعود لسيناتورة في مجلس الشيوخ لديها علاقات كثيرة مع اللبنانيين تقدمت بمشروع تطلب فيه أن يكون نوفمبر شهراً للاحتفال بالتراث اللبناني وعرض في البرلمان، وبعد اطلاع النواب الكنديين من أصول لبنانية على مضمونه اتخذ إطاره التشريعي وأرسل إلى لجنة التراث لدراسته وصادقت عليه إلى أن بات في مراحله الأخيرة، وجرى إقراره بسرعة لافتة، خصوصاً أن توقيته تزامن مع نهاية الدورة التشريعية الصيفية 2023”.

اختيار نوفمبر

أما عن اختيار نوفمبر للاحتفال بالتراث اللبناني، فيؤكد النائب أبو لطيف الذي تعود أصوله لمنطقة راشيا في البقاع الغربي، أن الأمر “لم يكن محض صدفة بل هو أمر مقصود، وفي ذلك دلالة واضحة وراسخة على اعتراف كندا باستقلال لبنان (في الـ22 من نوفمبر) وسيادته وإيمانها ببقائه واستمراريته على رغم كل المحن والأزمات التي تعصف به”، مردفاً أن “لبنان بشعبه وانتشاره ليس صدفة، إن هذه الإمبراطورية البشرية الممتدة على مساحة الكرة الأرضية تستحق التذكير باستقلال بلدها الأم على رغم كل شيء”.

نص قانوني

ينص القانون على أن “الكنديين من أصل لبناني يقدمون إسهامات اجتماعية واقتصادية وثقافية ودينية وعسكرية وخيرية وسياسية كبيرة في النسيج الاجتماعي لبلدنا، وفي قوة مجتمعاتنا ومرونتها وتنوعها وهذا لأجيال عدة، وإن مجلس النواب يود أن يبرز ويحتفل بالإسهام التاريخي للكنديين من أصل لبناني في بناء المجتمع الكندي في الماضي والحاضر، والاحتفال الوطني بشهر التراث اللبناني سيشجع الكنديين من أصل لبناني على تعزيز ثقافتهم وتقاليدهم ومشاركتها مع الآخرين”.

فعاليات الشهر

يصف أبو لطيف الشهر بأنه “إعادة تقديم لبنان إلى الشعب الكندي” وأن تمييز الوطن الأم بإعطائه شهراً هو تقدير مضاعف، لافتاً إلى أنه سبق وأقيم أسبوع التراث العربي في أبريل الماضي.

وعن الفعاليات التي ستقام خلال هذا الشهر، أشار إلى نشاطات عدة تقام في كندا وبعضها في لبنان، موضحاً أن المساحة الكندية كبيرة ولذا سيتم توزيعها عبر أراضيها ومدنها المختلفة، وأنه من المقرر أن تشمل الموسيقى والأدب والفنون والشعر، وكذلك المهرجانات والمطبخ اللبناني.

ونوه أبو لطيف بأهمية التركيز على الطلاب وكذلك بدء التواصل مع المدارس من الآن، لافتاً إلى التواصل كذلك مع الشخصيات العامة والدبلوماسية والقنصلية لحضور الفعاليات، إضافة إلى السفارة اللبنانية في كندا، وشدد على أن هذه النشاطات ستتطور مع الوقت لتصبح تقليداً سنوياً.

وكشف قنصل لبنان الفخري في فانكوفر نيك قهوجي عن افتتاح “ساحة المغترب اللبناني” في مدينة فيكتوريا عاصمة مقاطعة بريتيش كولومبيا الكندية في الـ24 من سبتمبر (أيلول) المقبل، لافتاً إلى أنه “تلقى على عاتق اللبنانيين مسؤولية أكبر في إظهار كافة أوجه التراث اللبناني التي تتضمن أيضاً الطبيعة الإنسانية المسالمة والطيبة والمضيافة التي حملناها معنا إرثاً من جيل إلى جيل”.

وأشار موقع وزارة الشؤون العالمية الكندية إلى أن تعداد الجالية اللبنانية في البلاد يصل إلى 400 ألف نسمة من أصل 40 مليون كندي تقريباً، مقابل ما بين 40 و75 ألف كندي يعيشون في لبنان.

وكان أول مهاجر لبناني في كندا إبراهيم أبي نادر، بحسب مصادر عدة، إذ هاجر عام 1882 من مدينة زحلة في البقاع التي كانت تتمتع بحكم ذاتي ضمن الإمبراطورية العثمانية، ثم تعاقب بعد ذلك وصول اللبنانيين، لكن كثافة تدفقهم كانت خلال الحرب اللبنانية (1975-1990) وبعدها.

سوسن مهنا – اندبندنت

Leave A Reply