السبت, مايو 18
Banner

هل يتوقّف زعماء الموارنة عن “التدمير الذاتي”؟

مرسال الترس – الجريدة

إذا كانت القوى السياسية في لبنان تنتظر هبوط طائرة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان على أرض مطار بيروت، منتصف الأسبوع المقبل، لاستطلاع مضمون المحادثات التي أجراها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على أرض “الإليزيه”، فان عدداً غير قليل من السياسيين اللبنانيين غير متفائلين بأن الاتصالات الجارية عربياً ودولياً ستفضي إلى حل سريع للأزمة الرئاسية في لبنان، ويعتقدون بأن الحلول ستتخطى الصيف المقبل إلى الخريف بأقل توقيت، نظراً لعدة عوامل، منها المتحكم بالساحة المحلية المتشابكة بين مصالح الأفرقاء المحليين، ومنها المتأثر بالجو العربي الذي شهد ويشهد تحولاً جوهرياً منذ التوقيع على الاتفاق السعودي ـ الإيراني تحت أنظار التنين الصيني. ولذلك يدعو هؤلاء إلى قراءة المعطيات التالية:

* الاقتناع لدى جميع الأطراف بأن أي بلد كلبنان، يتكون من طوائف ومذاهب متعددة، لا يمكن أن يستوي فيه الحكم إلاّ بالتفاهم وعدم التصادم، أما أن يبقى البلد مقسوماً بشكل أفقي فذلك يعني المزيد من الأزمات التي تتكدّس على كاهل المواطن الذي بات في سره “يكفر” بكل التعاطي السياسي، ولكنه مجبر على التماهي مع الواقع إنطلاقاً من اقتناعه بأنه بحاجة إلى “حماية” من عدو داخلي وهمي.

* توقف القوى المسيطرة على القرار المسيحي عن المتاجرة بحقوق المسيحيين، الموارنة تحديداً، والاقتناع في سرّها أن المراهنات التي قامت بها، خصوصاً في العقود الخمسة المنصرمة، قد اعتمدت “التدمير الذاتي” وعملت على شلّ قدرة هذا المكوّن الأساسي في صياغة لبنان الكبير، ودفعه لأن يتحول تدريجياً إلى معطَّل وربما هامشي في تقرير مصير الوطن، نتيجة الصراعات التي عصفت به ودفعت الجزء الأكبر منه إلى الهجرة. ومن الصعب استعادة دوره في المدى المنظور، وإنما يتطلب ذلك خططاً مدروسة جداً ومتقنة، وهذا لا يبدو متوفراً في من يتحكمون بصيرورة هذا المكوّن، حتى المسؤولين الروحيين من بينهم.

* وجوب اقتناع الشركاء المسلمين في الوطن، وتحديداً منهم الشيعة، أن هذا الوطن الذي رُسِمت خرائطه بنسبة كبيرة لصالح مسيحييه الذين كانوا أكثرية فيه، لن يبقى ذلك الوطن الذي وضع أسسه العالم الغربي عندما كان مستعمراً للمنطقة، حيث قد تعمد القوى الحالية المتحكمة بمصائر الشعوب إلى التضحية به إذا ما تمادى الشركاء في عدم إعطاء المكوّن المسيحي حقه في الحكم، بغض النظر عن التعداد الذي وصلت إليه الديموغرافيا، والتي أشار إليها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي مؤخراً بأن المسيحيين قد انحدر تعدادهم إلى ما دون العشرين بالمئة، في حين يرفع بعض أطراف المكوّن الشيعي سيف “المثالثة” في الحكم عند كل منعطف محوري.

يؤكد أحد الخبراء اللبنانيين الذين درسوا إيجابيات ومساوئ الكونفيدرالية السويسرية، أن هذا النمط من الحكم مستمر بنجاح، لأن مكونات البلد تسعى بجد للمحافظة على بعضها البعض، وليس السعي لإلغاء الآخرين، أو تحجيم دورهم، مهما كان تعدادهم.

Leave A Reply