إحراق المصارف يدعم إقفالها: الصرّاف الآلي ورقة أخيرة

خضر حسان – المدن

أقفلت المصارف أبوابها معلنة التصعيد ضد المودعين والموظّفين وطلاّب الجامعات وأولياء أمورهم وكل مَن له مَمَرٌّ إلزامي عبرها. فجاء الردّ من قِبَل مجموعات من المودعين، عبر إحراق عدد من فروع المصارف ثم الاعتصام أمام منزل رئيس جمعية المصارف سليم صفير. ليُشكِّلَ المشهد مناورة من طرفين يريد أحدهما الضغط على الآخر. ومع إقفال المصارف ووقف خدماتها، يبقى لديها ورقة وحيدة هي وقف العمل بالصرّاف الآلي ATM.

تحرُّك سريع

توجَّه العشرات من مجموعة “صرخة المودعين”، نحو عدد من المصارف في شارع بدارو، فأضرموا النار أمام أبوابها الموصَدة وحاولوا تحطيم واجهاتها وصرّافاتها الآلية. وكانت الحصيلة بعض الأضرار في واجهات مصارف عودة، فرنسبنك، بيبلوس، الاعتماد المصرفي وبنك بيروت والبلاد العربية. وسريعاً غادرَ المحتجّون نحو منزل صفير وأشعلوا النار أمامه.

هذه الخطوة هي “جزء من التصعيد ضد المصارف”، تقول مصادر في “صرخة المودعين”. وتؤكّد في حديث لـ”المدن”، أن المطلوب هو “فتح أبواب المصارف مع إيجاد حلّ للأزمة، أو فلتُقفِل المصارف نهائياً. فمن غير المقبول أن تستفيد من الدولار النقدي وعمليات صيرفة، فيما دولار المودعين بسعر 15 ألف ليرة”.

المصارف كانت تعلم

لم يأتِ التحركّ مفاجئاً للمصارف التي كانت تعلم بأن تحركاً ضدّها يجري التحضير له. لذلك طلبت المصارف من موظفيها عدم التوجه إلى الفروع التي ما زالت تُجري بعض الأعمال داخلها من دون فتح الباب للزبائن. كما كان ملاحظاً في بعض المناطق تجمهر عدد من الشبّان أمام فروع المصارف قبل أي تحرُّك.

وأبعد من ذلك، هناك سجال داخل جمعية المصارف حول تصعيد يتجلّى بوقف خدمات الصرّاف الآلي. وتقول مصادر مصرفية لـ”المدن”، أن هذا الرأي “وصل إلى المودعين وهددوا بالردّ. وجاء إحراق بعض الفروع كرسالة مفادها إياكم والتصعيد”.

وترجّح المصادر عدم اتخاذ قرار وقف خدمات الـATM بشكل رسمي، لكن قد تتذرّع المصارف بعدم رغبة الموظفين بالذهاب إلى الفروع وتعبئة الصرّافات الآلية، ما يعني نفاد الأوراق المالية الموضوعة داخلها مسبقاً.

التحرّك الرئيسي للجمعية تبعه تجمّع لأعداد من المودعين أمام بعض فروع المصارف في المناطق، وانتشرت القوى الأمنية في محاولة لمنع تكرار ما حصل في بدارو.

تداعيات إضافية

رحَّبَ بعض الناس بإحراق المصارف وأبدى البعض الآخر تخوّفه من تصعيد متبادل لا يدفع ثمنه سوى المودعين وأصحاب الرواتب بالليرة “لأن المصارف تستقوي بتحالفها مع أطراف السلطة”. ودفع الثمن بدا واضحاً عبر تعطيل خدماتٍ كدفع أقساط الجامعات. فكان الحلّ الطارىء هو الدفع نقداً، الأمر الذي خَلَقَ ازدحاماً وتدافعاً بين بعض الطلاب وأولياء الأمور عند الباب المخصَّص للدخول إلى مكتب دفع الأقساط في جامعة القديس يوسف USJ في بيروت. ولم يخلُ الازدحام من بعض الإشكالات على أفضلية الدخول، خصوصاً وأن بعض المحتشدين ينتظر من الساعة الثامنة صباحاً ولم يستطع الدفع قبل الساعة 12 ظهراً.

ويُبرِز هذا المشهد ما قد تحمله الأيام المقبلة في حال استمرار إقفال المصارف وتعطيل خدماتها، وهو ما يُرَجَّح في ظل إصرار المصارف على وقف الدعاوى القضائية التي تُرفَع بحقّها ووقف اتهامها بتبييض الأموال، فضلاً عن الإسراع في إقرار قانون الكابيتال كونترول.

لا قرارَ لدى المصارف بتغيير موقفها. فالاجتماعات تتوالى لتحديد الخطوات التالية وسط انقسام أعضاء جمعية المصارف حول الإقفال والتصعيد. وكما المصارف، لا يملك المودعون إلاّ التصعيد في ظل خسارة ليراتهم المزيد من قدرتها الشرائية.

Follow Us: 

Leave A Reply