المؤشرات السلبيّة تحاصر اللبنانيين

كتبت صحيفة الديار تقول: لا اخبار مفرحة في يوميات اللبنانيين، باستثناء خبر العثور على الطفلة اللبنانية آسيا محمد ابراهيم شومان حية في تركيا، بعد نحو 8 ايام على الزلزال المدمر. تم انقاذ آسيا ، لكن لا أمل في انقاذ اللبنانيين الذين يعانون من تداعيات «الزلازل» اليومية، التي لا تتوقف اضرارها السياسية والاقتصادية والنفسية عند حدود.

الدولار لا يزال في رحلة تصاعدية ودون «سقف»، كل شيء معطل، الادارات في اجازة مفتوحة، والمدارس الرسمية في اضراب مفتوح، «الكباش» بين القضاء والمصارف يزداد حدة، والامور تتجه نحو الاسوأ.

«النكد» السياسي، والمزايدة الطائفية، ولعبة تسجيل النقاط بالضرب «تحت الحزام»، اطاحت جلسة يوم الخميس التشريعية بفعل غياب «الميثاقية» المسيحية، فيما ارجأ رئيس المجلس نبيه بري نعيها اسبوعا جديدا بتأجيل النقاش حول جدول الاعمال، علّ المساومة تصل الى تسوية مع «التيار الوطني الحر». علما انه لا يزال مصرا على عقدها، وهو مستاء جدا من «حفلة» التعطيل الممنهجة «برداء» طائفي مقيت لن تخدم مصلحة أحد، بل تزيد من حدة الازمات وتعمقها.

اما جولة سفراء ومندوبي الاجتماع «الباريسي» فلم يضيفوا جديدا خلال زيارتهم عين التينة والسرايا الحكومي بالامس، لا «خارطة طريق»، ولا تفاهم على «سلة» متكاملة حيال الاستحقاقات المقبلة، بل تجديد دعوة المسؤولين اللبنانيين كي يتحملوا مسؤوليتهم، وهي دعوة فارغة من اي مضمون جدي، في ظل انسداد افق الحوار الداخلي وغياب التسوية الخارجية، ما يعني ان «رحلة» الهبوط الحر في قعر «جهنم» مستمرة، خصوصا اذا انضمت قيادات الاجهزة الامنية الى لائحة الفراغ المتمادي في البلاد.

كلام حازم دون «انياب»

بعد اسبوع على انعقاد «اللقاء الخماسي» في باريس، الذي انتهى دون اصدار اي بيان رسمي، التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقر الرئاسة الثانية في عين التينة سفيرة الولايات المتحدة في لبنان دوروثي شيا، السفيرة الفرنسية آن غريو، سفير جمهورية مصر العربية الدكتور ياسر علوي، سفير دولة قطر إبراهيم عبد العزيز السهلاوي والمستشار في سفارة المملكة العربية السعودية في لبنان فارس العمودي، نظرا لوجود السفير وليد البخاري خارج لبنان. بعدها انتقل الوفد الى السراي حيث استقبله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. ووفقا لمصادر مطلعة، لم يضف الوفد جديدا على المعلومات المسربة خلال هذا الاسبوع، وخلاصتها: تهديد المعرقلين للاستحقاقات باجراءات»غير محددة» ضدهم، دون تحديد من هم هؤلاء، ولا كيف سيتم التعامل معهم، اي تهديدات دون «انياب».

عمليا لا وجود لتفاهم واضح على كيفية مقاربة الملف اللبناني، في ظل تباينات افضت الى رضوخ باريس والدوحة والقاهرة للامر الواقع، الذي فرضته واشنطن والرياض بتجميد الحلول والتسويات راهنا، بانتظار تسويات اكبر واكثر شمولا، على الرغم من القلق الفرنسي ازاء ترك الامور على حالها، وخوف كل من مصر وقطر من هزات امنية على وقع الانهيار الاقتصادي.

وخلال الاجتماعين أكد السفراء أن «عدم صدور بيان عن اجتماع باريس مرده الى أن الاجتماعات مفتوحة ومستمرة من أجل دعم لبنان والتشجيع على انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، مشددين على «أن الدعم الحقيقي للبنان سيبدأ بعد انتخاب الرئيس العتيد، ومن ثم متابعة تنفيذ الاصلاحات المطلوبة». وشدد الوفد على «أن عدم انتخاب رئيس جديد سيرتب اعادة النظر بمجمل العلاقات مع لبنان، لانه اذا لم يقم النواب بواجباتهم فالدول الخارجية لن تكون اكثر حرصا من المسؤولين اللبنانيين أنفسهم».

ما هي حدود التباينات

ووفقا للمعلومات، لمس بري وميقاتي ان ثمة توافقا في الاجتماع الخماسي على تحميل اللبنانيين مسؤولية العمل للخروج من الوضع الحالي المتأزم، وأنَّ العملية التي تطلقها الدول الخمس المشاركة تندرج في إطار مساعدة اللبنانيين، وليس الحلول محلهم، والخلاف لا يزال قائما بين الرياض وواشنطن، اللتين تريدان «حلا شاملا» يشمل انتخاب رئيس للجمهورية، والتوافق على الخطوط العامة لحكومة مقبلة، مع سلة إصلاحية يتم العمل عليها من أجل عملية الإنقاذ الشاملة.

ورأي آخر يتبناه الفرنسيون ومعهم قطر والقاهرة، لا يريد تقيد الملفات وربطها، لانها ستؤدي الى تأخير ملء الفراغ الرئاسي، ومراوحة الأزمة مكانها، والدخول في تعقيدات لا تنتهي!

والاسئلة برأي مصادر مطلعة، يمكن اختصارها بسؤالين: كيف يمكن فكفكة العقد الداخلية دون ايحاءات خارجية لبعض من يراهن على اختلال موازين القوى بين القوى الاقليمية ويرفض الدخول في اي حوار داخلي؟ وماذا يعني عدم التنازلات عن مواصفات انتخاب رئيس «سيادي» يليق بلبنان؟ في الخلاصة عاد السفراء للتأكيد «لا شيء نقدمه لكم، عليكم ان تجدوا الحل بانفسكم»؟

الجلسة التشريعية «طارت»؟

على الصعيد التشريعي،»طارت» جلسة الخميس التشريعية، فيما تريث بري في نعي جلسة تشريع الضرورة، بعدما حوصر بالميثاقية المسيحية التي «طيّرت» معها امكان الحصول على نصاب الـ 65 نائبا، اثر دخول تكتل «لبنان القوي» على خط المساومة حول البنود المقترحة للجلسة. مع العلم ان مشاركة تكتل «لبنان القوي» في الجلسة لا تكفي لتأمين النصاب لانعقادها، ما لم يشارك فيها عدد من النواب السنة المنتمين إلى كتلة «الاعتدال الوطني»، التي تشترط أن ينسحب التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم على التمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، الذي يحال على التقاعد في ايار من عام 2024.

فقد التأمت هيئة مكتب مجلس النواب بدعوة من بري لتحديد جدول اعمال الجلسة التشريعية. وستستكمل هيئة مكتب المجلس نقاشاتها يوم الاثنين المقبل، علّ الاتصالات السياسية تفضي الى محاولة تأمين النصاب وبعض الميثاقية المسيحية، في ظل غياب اكبر كتلتين مسيحيتين في المجلس «لبنان القوي» و»الجمهورية القوية». الا ان مصير الجلسة، يترنح على الرغم من اصرار مصادر «التنمية والتحرير» على عقدها، خاصة بعد ان ابلغ عضو «لبنان القوى» النائب ألان عون الهيئة، ان التكتل لن يحضرها لان المجلس الآن، في ظل الشغور، هيئة ناخبة فقط ولا يشرّع الا عند الضرورة القصوى.

وتبقى الاسئلة مفتوحة: هل سيصرّ بري على عقدها، وبخاصة انه يريدها لاقرار «الكابيتال كونترول» والتمديد للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم؟ وهل سيكتفي بتأمين نصابها وبضمان مشاركة نواب مسيحيين مستقلين فيها ميثاقيتها؟

ماذا يريد باسيل؟

ووفقا لمصادر مطلعة، فان باسيل يحاول الرد مجلسيا على بري وحزب الله، بعدما تجاوزاه في الحكومة، وهو الآن يفرض نفسه «بيضة قبان» في جلسة يريد تأمين فيها العديد من المكاسب، سواء على مستوى التمديد لمديرين عامين وفي قانون «الكابيتال كونترول»، واذا حصل على ما يرديه، قد يلجأ الى «ترك الخيار لنوابه بالحضور من عدمه»، واذا قرر عدم الحضور، حتى لو تم تعديل جدول الاعمال، فهو بذلك يوجه «صفعة» مدوية «للثنائي» من خلال عدم التمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس ايراهيم، وهو موقف ستكون له تداعياته في السياسة، خصوصا العلاقة المتوترة مع حزب الله.

ولم تتوقف «الزكزكة» السياسية عند هذا الحد، فمصادر في «التيار» تحاول تحميل بري مسؤولية تطيير الجلسة، لعدم رغبته في التمديد للواء ابراهيم من خلال «الغمز» من «قناة» جدول الاعمال الفضفاض الذي ينزع عنها صفة الضرورة؟! في وقت تتحدث اوساط نيابية عن وجود تباين في كتلة «لبنان القوي» حيال المشاركة من عدمها في ظل رفض «وازن» لعقد الجلسة التشريعية، فيما تتم معارضة الجلسات الحكومية، ويبدو ان حرب المزايدات الطائفية مع تكتل «الجمهورية القوية» قد اثر ايضا في باسيل، الذي اختار «المناورة» مجددا، وعدم منح اي «هدايا» مجانية لـ «خصومه» الجدد والقدامى…

معركة «كسر عضم»

في هذا الوقت، ارتفعت حرارة «الكباش» بين القضاء والمصارف، وسط غياب «مريب» للسلطة السياسية عن ايجاد المخارج المناسبة لاعادة الانتظام الى العمل المصرفي، الذي يهدد شلله الوضع الامني، وهو ما دفع بعدد من كبار المسؤولين الامنيين للدخول على خط الاتصالات مع «جمعية المصارف» لثنيها عن اتخاذ قرار وقف العمل بماكينات «السحب الالكتروني»، خوفا من فوضى لا يمكن السيطرة عليها.

ووفقا لمصادر مطلعة، وعدت المصارف بالنظر في هذا القرار دون ان تلغيه، بانتظار ما ستؤول اليه الاتصالات في الساعات المقبلة. لكن الامور عادت الى التعقيد مجددا، ويبدو انها باتت معركة «كسر عضم»، بعدما قرّرت النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، الادّعاء على «بنك عودة» ورئيس مجلس إدارته سمير حنا ورئيس مجموعة بنك «عودة» تامر غزالة، وكلّ من يظهره التحقيق بجرم تبييض الأموال، بناء على شكواها ضدّ المصارف، وأحالت الملف إلى قاضي التحقيق في جبل لبنان القاضي نقولا منصور، طالبةً إجراء التحقيق وإصدار مذكّرات التوقيف اللازمة. كما حدّدت القاضية عون يوم غد الأربعاء موعداً لعدد من المصارف كمهلة أخيرة لرفع السرّية المصرفية عن رؤساء وأعضاء مجالس إدارتها ومفوّضي المراقبة ومدقّقي حساباتها تحت طائلة ملاحقتهم بجرم تبييض الأموال.

من جهته اكد «بنك عودة» انه لبى كافة الشروط القضائية اللازمة، وينتظر تبلغ الدعوة رسميا. وفيما يتهم البعض المصارف بانها تحاول تحسين موقعها في معركة توزيع الخسائر الجارية الآن ، تقفل المصارف أبوابها منذ نحو أسبوع رفضاً للإجراءات القضائية حيال عدد من أصحابها واحتجاجاً على الحكم المبرم الصادر ضدّ «فرنسبنك»، بذريعة أنه لا يعتبر الشيك المصرفي وسيلة إبراء. وقد التزمت غالبية المصارف بالقرار، فأغلقت أبواب فروعها وإداراتها أمام الزبائن، رغم أن بعضها واصل العمل داخلياً.

«الاتحاد العمالي» يهاجم المصارف

من جهته، دعا «الاتحاد العمالي العام» «جمعية المصارف» إلى «التراجع الفوري عن الإضراب والتوقف عن التهديد بالتصعيد الذي لا فائدة منه لا لها ولا للبلد والمجتمع»، ورأى أنّ الهدف الأول للإضراب هو «إقرار قانون الكابيتال كونترول المفترض أن تتضمنه الجلسة التشريعية المرتقبة لاجتماع الهيئة العامة للمجلس النيابي، وذلك بعد مضيّ ثلاث سنوات من بدء الأزمة وبعد سكوت مريب وتحالف مع المصرف المركزي وبعض من السلطة وخارجها لتهريب الأموال إلى الخارج». ولفت إلى أنّ الإضراب «جاء لإفراغ مشروع قانون الكابيتال كونترول في المسودة المقترحة في اللجان النيابية، من حق التقاضي أمام المحاكم بعد اقتراح تعليق جميع الأحكام والقرارات القابلة للتنفيذ في لبنان والخارج، والتي ستصدر بعد دخوله حيز التنفيذ والمتعلق بمطالبة مخالفة لأحكامه. وبمناسبة التهديد بتمديد الإضراب وشموله خدمة الصراف الآلي نتساءل عن المستهدف الحقيقي من هذا الإضراب؟هل هم أغلبية الشعب اللبناني من عمال وموظفين ومواطنين عاديين الذين يعيشون من دون مظلة سلطوية تحميهم؟ أم هم المودعون، وبخاصة الذين هم من أصحاب الودائع الصغيرة خصوصاً لشطب تلك الودائع التي تناهز الثمانين مليار دولار؟ بعدما تبخّرت الودائع الكبيرة».

«صمت» الحريري «رسالة»

في هذا الوقت، عادت الحركة السياسية والشعبية الى «بيت الوسط» الذي فتح ابوابه مساء امس، امام الجماهير مع عودة رئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري الى بيروت لاحياء ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وعلم انه لن تكون للاخير اي مواقف معلنة في السياسة، وسيكتفي بزيارة ضريح والده اليوم . ووفقا لمصادر مطلعة، فان «صمته» «رسالة واضحة حول صوابية قراره بالانسحاب من العمل السياسي، في ظل كل ما تشهد البلاد من حالة استعصاء على كل الاصعدة. فيما النجاح الابرز يبقى عدم قدرة اي جهة او شخصية سياسية على ملء الفراغ الذي تركه الحريري، اثر قرار عزوفه عن العمل السياسي. وقد زار الرئيس الحريري مساء امس مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في منزله، واطمأن إلى صحته. فيما أجرى رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون اتصالاً به مجدداً التعزية باستشهاد الرئيس رفيق الحريري. وتمنّى عون على الحريري العودة الى لبنان بعد طول غياب، «لأن الوطن بحاجة اليوم الى جميع أبنائه وطاقاته».

عمليات الانقاذ تتواصل

وفيما تتواصل الاخبار المأسوية الاتية من تركيا وسوريا ، مع ملامسة عدد الضحايا ال40 الفا، أعلن ألامين العام للهيئة العليا للاغاثة اللواء الركن محمد خير، العثور على الطفلة اللبنانية آسيا محمد ابراهيم شومان حية في تركيا ، واشار الى انها موجودة حاليًا في أنطاكيا في مركز إسعاف موقت تحت رعاية الهيئة العليا للاغاثة التي قامت بإنقاذها. وأعلنت الهيئة مسؤوليتها عن «القيام بنقلها الى لبنان على نفقة الهيئة وعنايتها في حال لم يعرف مصير اهلها»، وأوضح أنه «اثناء العثور على الطفلة كانت تعيش صدمة الزلزال وغير قادرة على تذكر اسم عائلتها…

Leave A Reply