هي مرحلة التسابق بين حرق الاسماء او الترويج لأخرى

سابين عويس – النهار

دخول البلاد أجواء الأعياد، على ثقلها وأعبائها على الشريحة الأكبر من اللبنانيين، تحت وطأة الانهيار الاقتصادي والمالي، قد يجمّد السياسة من دون أن يرتاح أصحاب الشأن المعنيون بالاستحقاق الرئاسي من التحرّك ورصد المواقف في السباق نحو قصر بعبدا، رغم الإدراك الواسع أن لا جديد يخرق مشهد الجمود والمراوحة.

هي الآن مرحلة التصفيات النهائية التي تتيح غربلة الأسماء الجدية انطلاقاً من المواقف الداخلية والمعطيات الاقليمية والدولية التي سيكون لها، كما هو معلوم، الكلمة الفصل في الحسم. وهي في هذا المعنى، مرحلة التسابق بين حرق الأسماء أو الترويج لأخرى. من هذا المنطلق، تنظر أوساط سياسية مراقبة الى ما تصفه بالترويج لقائد الجيش العماد جوزف عون، على نحو يخرج زعيم تيار “المرده” النائب السابق سليمان فرنجيه من السباق، بعدما أُخرج بحكم الأمر الواقع رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل منه.

ولكن هل الترويج لعون خيار متقدّم يعكس حقيقة مواقف القوى المحلية وربما حتى الخارجية، قاطعاً الطريق أمام فرنجيه، الذي شكّل الخيار الأول لمحور الثامن من آذار بقيادة “حزب الله”؟

من الثابت أن الحركة الداخلية والخارجية المتصلة بالاستحقاق الرئاسي لم تصل بعد الى مرحلة حسم اسم الرئيس المقبل، لكنها تعكس من دون أدنى شك الرغبات أو الميول التي تتفاوت بين طرف وآخر. وفي مناخ كهذا لا يرى المحيطون بفرنجيه أنه بات خارج الحلبة، بل على العكس، يبدون ارتياحاً وثقة الى الحظوظ المرتفعة لمرشحهم في بلوغ قصر بعبدا. فالصمت المحيط ببنشعي لا يعكس ابتعاداً بل قراراً واضحاً من سيد القصر بالابتعاد عن الإعلام، انطلاقاً من اقتناع بأن فرنجيه لا يحتاج الى تسويق، لا لمواقفه وثوابته وتحالفاته، ولا لبرنامجه أو مشروعه السياسي ولا سيما في العناوين العريضة البارزة، وهو في رأي هؤلاء الأقدر على مقاربتها، إن بالنسبة الى سلاح الحزب أو العلاقة مع سوريا، أو ملف النازحين، أو الترسيم البري بعد الترسيم البحري، ويدعون في هذا السياق الى رصد المتغيرات على المشهد الإقليمي، ومن البوابة السورية السعودية تحديداً، أو حتى الإيرانية. ذلك أن الانتفاضات الشعبية في وجه النظام الإيراني لم تغيّر في رأي أوساط مطلعة على أجواء الحزب من مقاربته للملف اللبناني وتحالفاته الداخلية. وتردّد أخيراً أن الزيارة التي قام قائد فيلق القدس لبيروت أخيراً جاءت لتجدّد تأكيد استمرار الدعم والمساعدات رغم ضيق الهامش المتاح أمام طهران للتحرك.

في حسابات قريبين من الحزب أن الأخير لم يقل كلمته بمرشحه، وإن كان حسم خياره في اتجاه فرنجيه، وهو لم يخض معركته بعد، في شكل علني ومن خلال التصويت، مستمراً في اعتماد الورقة البيضاء. وللحزب أسبابه التي باتت معروفة ومعلنة. فهو لم ييأس بعد من محاولات إقناع حليفه المسيحي بضرورة السير بفرنجيه، رغم كل الرسائل المباشرة وغير المباشرة التي وجّهها إليه في هذا الصدد. والواقع أن الرسالة التي سيركن إليها الحزب عندما تدق ساعة الانتخاب واضحة ويدركها باسيل جيداً، وتعوّل على الأصوات المسيحية في كتلته التي ستسير بخيار الأول لا بخيار باسيل. وقد بدأ بعض هؤلاء يعيدون حساباتهم وسط رهان أن التيار بقيادة باسيل، بعد خروج المؤسس من الصورة، لن يتمكن من الحفاظ على قوّته وتماسكه.

مشكلة فرنجيه لا تزال مكانها. وتكمن في الغطاء المسيحي غير المتوافر بعد لترشحه. لكن العمل جارٍ على خطي الكتلتين الكبريين، أي “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر”. ويؤكد المحيطون بفرنجيه أن التواصل مع “القوات” جيد. وأول إشارة إيجابية تلقاها الرجل، تمثلت في تأمين كتلة “الجمهورية القوية” النصاب المطلوب لجلسة الانتخاب. أما بالنسبة الى التيار، فالأمر متروك للحليف الشيعي الأقوى.

في حسابات هذا المحور، أصوات فرنجيه محسومة، وقد تصل الى ٦٩ صوتاً، ولكن الأوان لم يحن للكشف عنها، في انتظار ما ستسفر عنه التسوية الرئاسية الكبرى، وهي التسوية الوحيدة التي تأتي بقائد الجيش رئيساً لأن انتخابه يحتاج الى تعديل الدستور.

حتى الساعة لا كلام جدياً في تعديل الدستور. هذا ما يسمعه زوار رئيس المجلس نبيه بري الذي يميل الى فرنجيه، ويعمل لأجله.

في الحراك الخارجي المطلوب لمصلحة فرنجيه، يؤكد المحيطون بالرجل أنه ليس جالساً متفرجاً ويلمس أن لا اعتراضات عليه حتى الآن. ويدعو هؤلاء الى رصد الموقف السعودي، كاشفين عن أن المصريين ليسوا بعيدين عن هذا المناخ.

هل من سيناريو لدى هؤلاء لمرحلة الدخول في السباق الرئاسي، وموعده أم الأمور متروكة حتى نضوجها؟

لم تكتمل بعد ظروف الترشح، يجيب هؤلاء، ولن تكتمل إلا بعد بلورة كل المعطيات الداخلية والخارجية، بحيث يصبح الترشح مجرد خطوة على طريق معبّدة الى بعبدا!

Leave A Reply