السوق النفطية تستعيد قوتها وسط توقعات بنمو الطلب مع تخفيف الإغلاق الصيني

استمرت التقلبات في سوق النفط الخام، أمس، لكن الأسعار استعادت قوتها بعد تراجعها في جلسة سابقة.

ويتتبع التجار تأثير سقف الأسعار الذي فرضته مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي على صادرات النفط الخام الروسية، بينما لا تزال البنوك المركزية تكافح التضخم.

ويتجه الطلب على النفط الخام في الصين إلى الارتفاع، حيث خففت الحكومة في بكين من سياسات “صفر كوفيد” الصارمة، بينما يحذر المحللون من أن الأمر قد يستغرق وقتا لتحقيق نمو قوي في الطلب.

وتوقعت شركة إنرجي أسبكتس تسجيل الطلب على النفط خلال الربع الأول من العام الجديد نموا بمقدار 260 ألف برميل يوميا، بينما ستنتظر السوق على الأقل حتى آذار (مارس) المقبل لرؤية انتعاش في الطلب على البنزين.

وقال لـ «الاقتصادية»، محللون نفطيون، إنه على الرغم من ملء مخزون الغاز في أوروبا بنجاح قبل فصل الشتاء هذا العام فإن أزمة الطاقة في أوروبا لم تنته بعد، مرجحين أن يكون الوضع في أوروبا أسوأ في الشتاء المقبل عندما تنخفض إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب الروسية إلى حد كبير.

وأكد روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أنه رغم عدم اليقين الحالي في السوق، لكن التفاؤل عاد نسبيا، خاصة بعد تقارير تتوقع نمو الطلب العالمي في عام 2023 بمقدار 300 ألف برميل يوميا بسبب تعافي النشاط الاقتصادي، وإنهاء الإغلاق في الصين.

وأشار إلى أنه بحسب بيانات صينية، فإنه من المحتمل أن يكون الطلب على وقود الطائرات أعلى بنسبة 50 في المائة في ديسمبر الجاري ارتفاعا من التقدير السابق بزيادة بنسبة 15 في المائة، مبينا أن القوة الحالية في الرحلات الجوية مدفوعة إلى حد كبير بالطلب المكبوت.

من جانبه، قال ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، إن الطلب يتجه بقوة للتعافي رغم مخاوف الركود السابقة، موضحا أن الحكومة الفيدرالية الأمريكية تتجه إلى شراء بعض النفط لدعم احتياطيها البترولي الاستراتيجي بعد الإفراج عما يقرب من 200 مليون برميل منها هذا العام كوسيلة لمواجهة تضخم أسعار الوقود، بينما الشركات الأمريكية لا تسعى إلى زيادة الإنتاج.

وأشار إلى استمرار مخاوف السوق من تداعيات العقوبات ضد روسيا التي يتوقع كثيرون أنها ستضر بإنتاج النفط في البلاد، لكن في الواقع لم يكن للعقوبات النفطية في شكل فرض حد أقصى لسعر الصادرات البحرية، وفرض حظر على الصادرات إلى الاتحاد الأوروبي، أي تأثير في تدفق النفط من روسيا حتى الآن.

بدوره، ذكر ماثيو جونسون، المحلل في شركة أوكسيرا الدولية للاستشارات، أن بنوك الاستثمار الدولية تتوقع ارتفاع أسعار النفط خلال العام الجديد على الرغم من مخاوف الركود الأخيرة المرتبطة بنمو التباطؤ الاقتصادي إلى حد كبير في جميع أنحاء العالم، مبينا أن النفط لا يزال سلعة لا غنى عنها وقد يكون عصر النفط الرخيص قد انتهى إلى الأبد – بحسب ما ورد في كثير من التقارير الدولية.

ولفت إلى تأكيد بنك “مورجان ستانلي” الذي توقع أن مكاسب قوية في طريقها إلى أسعار النفط مدفوعة بتعافي الطلب – إعادة فتح الصين وتعافي الطيران – وسط نقص المعروض بسبب انخفاض مستويات الاستثمار والمخاطر على الإمدادات الروسية وانتهاء إصدارات احتياطي البترول الاستراتيجي وتباطؤ النفط الصخري الأمريكي.

من جهتها، ذكرت ليز أكسوي المحللة الصينية والمختصة في شؤون الطاقة، أن مخزون النفط العالمي سجل بالفعل أدنى مستوى له منذ عام 2004 وهو مؤشر قوي على تعافي الطلب، بينما يعاني العرض بعدما أفرجت الإدارة الأمريكية عن ملايين البراميل من النفط الاحتياطي البترولي الاستراتيجي هذا العام، فيما لا تزال “أوبك+” تكافح من أجل الإنتاج بحصتها المعلنة، بينما يستمر المنتجون الأمريكيون في العزوف عن زيادة الإنتاج.

وأشارت إلى أن لدى معظم أعضاء “أوبك” خططا طموحة لنمو الإنتاج لكنها تظل خططا، حيث إن الإنتاج الفعلي ما زال ضعيفا لأسباب، مثل النضوب الطبيعي في الحقول الناضجة، وحالة الاستثمارات الجديدة غير الكافية، بينما يرى المنتجون الأمريكيون أن التوقعات طويلة الأجل للطلب على النفط غير مؤكدة، مما يكبح الاستثمار في مزيد من الإنتاج.

وفيما يخص الأسعار، استعاد النفط قوته أمس، بعد أن تراجعت بأكثر من دولارين للبرميل في الجلسة السابقة وسط حالة من التفاؤل برفع الصين لقيود كوفيد – 19، وتعافي الطلب على النفط التي طغت على المخاوف من ركود عالمي.

وتشهد الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، أول موجة من ثلاث موجات متوقعة لحالات كوفيد – 19 بعد أن خففت قيود التنقل، لكنها قالت إنها تعتزم تكثيف دعم الأنشطة الاقتصادية في 2023.

وبحسب “رويترز”، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 65 سنتا أو 0.8 في المائة إلى 79.69 دولار للبرميل خلال التعاملات أمس، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 75.14 دولار للبرميل بارتفاع 85 سنتا أو 1.1 في المائة.

وارتفع الدولار إلى مستويات قياسية هذا العام مسجلا 147 دولارا للبرميل بعد الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير. ومحا النفط منذ ذلك الحين أغلب مكاسبه للعام، إذ طغت مخاوف الركود على مخاوف نقص الإمدادات مما لا يزال يشكل ضغطا على الأسعار.

كما أدى إعلان وزارة الطاقة الأمريكية، يوم الجمعة، أنها ستبدأ بإعادة شراء النفط الخام من أجل تعزيز الاحتياطي البترولي الإستراتيجي إلى دعم التوقعات بارتفاع الأسعار. وستكون هذه أول عملية شراء للولايات المتحدة منذ سحب 180 مليون برميل من المخزون هذا العام التي تعد كمية قياسية.

من جانب آخر، تراجعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 78.93 دولار للبرميل، يوم الجمعة، مقابل 80.47 دولار للبرميل في اليوم السابق.

وذكر التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك”، أمس، أن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول تراجع عقب عدة ارتفاعات سابقة على التوالي، وأن السلة كسبت نحو أربعة دولارات مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 74.66 دولار للبرميل.

Follow Us: 

Leave A Reply