ماذا بعد إعادة النيابة إلى فيصل كرامي؟… الصمد: نعتزم التركيز على حضورنا شمالياً

 ابراهيم بيرم – النهار

“إعادة المقعد النيابي” أخيراً إلى فيصل كرامي خطوة تنطوي ولا ريب على أبعاد ودلالات تتخطى مسألة كسب طعن سبق أن قدّمه في نيابة آخر إلى المجلس الدستوري، لتجسّد معطى سياسياً جديداً يمكن البناء عليه في مقبل الأيام في المعادلة السياسية في طرابلس والشمال عموماً من جهة، وفي الساحة السياسية السنية من جهة أخرى، خصوصاً في ظل الانسداد والاستعصاء الحاصل منذ نهاية دورة الانتخابات الأخيرة، وما أفرزته من وقائع فسيفسائية داخل المجلس الحالي.

المعلوم أن ثمة من بادر بُعيد صدور نتائج الانتخابات في عاصمة الشمال إلى ما يشبه إبداء الشماتة بسقوط سليل العائلة الكرامية ذات الجذر المكين في حياة طرابلس، ودلّ على هذا التطور المفاجئ من باب أنه هزيمة مدوّية لمشروع سياسي وأنه علامة أخرى على سقوط رموز مرحلة قد ولّت وانطوت صفحتها.

وبصرف النظر عن استعجال البعض حينها قطف الثمار، فإن السؤال لم يعد عند أغلب المعنيين عن العوامل التي أسهمت بإعادة الاعتبار لكرامي بعدما بدا الأمر في فترة سابقة وكأنه أمر ميؤوس منه، بل بات عما يمكن أن تضيف عودة “الأفندي” إلى المعادلة السياسية والنيابية عموماً بصرف النظر عما يقوله البعض بأن شيئاً نوعياً لم يتحقق بهذا، فيما يتصرف أركان “محور الممانعة” بأقل قدر من الحفاوة رغم أن البعض منه يرى التطور الجديد بمثابة عودة له إلى عاصمة الشمال.

ورغم ذلك، فإن في هذا الفريق من يجاهر بأن عودة كرامي إلى المقعد النيابي هي قيمة اعتبارية تنطلق من تاريخ بيته الذي قدّم على مدى ما يقرب من قرن من الزمن ثلاثة رؤساء وزراء، من الجد عبد الحميد إلى الابن رشيد إلى الابن الآخر عمر. بناءً على ذلك، فإن عودة الحفيد إلى المجلس النيابي معناها أن محاولات قفل قصر القلة في داخل طرابلس قد أخفقت. ومع ذلك فإن ثمة من ينظر إلى الموضوع من زاوية أخرى، فكرامي، بعدما قرأ بإمعان التحولات والتطورات، سارع إلى إعطاء أكثر من برهان على أنه مستعدّ للخروج من التصنيف النمطي الذي يضعه خصومه فيه. فلقد صار معلوماً أن “الأفندي” فتح أبواب دارته أكثر من مرة للسفير السعودي في لبنان وقال كلاماً طيّباً عن “مملكة الخير” وما تمثل. كذلك سبق له أن زار تركيا ليلتقي قيادتها الباحثة بدأب عن مداخل تلج عبرها إلى الساحة السياسية اللبنانية والسنية منها تحديداً.

المهم أن “الأفندي” بعث في الآونة الأخيرة بأكثر من رسالة في أكثر من اتجاه تشي بأنه راغب في صورة سياسية خاصة ومتميزة وأكثر انفتاحاً على مروحة خيارات داخلية وخارجية على حد سواء. وبناءً على ذلك فإن السؤال المحوري ليس ما إذا نجح في الخروج من إسار تصنيفه السابق بقدر ماذا في جعبته بعد “استرداد ” ما رآه حقاً قد سُلب منه؟ واستطراداً، أيّ دور يعدّه لنفسه ولحلفائه في المرحلة المقبلة خصوصاً أنه كان لولب حركة من خلال الدور الذي أدّاه إبان “اللقاء التشاوري” الذي جمعه مع 6 نواب سنّة أرادوا أن يميّزوا أنفسهم عن “الحريرية السياسية”؟

والمعلوم أيضاً أن كرامي نجح في دورتَي الانتخابات الماضيتين في أن يؤلّف لائحة خاصة به كفته مؤونة السعي إلى الالتحاق بلائحة الرئيس نجيب ميقاتي الذي لم يمنحه هذه الفرصة في حينه. في الوقت الحاضر، يؤثر كرامي عدم الإفصاح عن مشروعه المستقبلي بعد استرداد مقعده خصوصاً أنه مستغرق في استقبال المهنئين والمباركين.

لكنّ رفيقه في اللائحة النيابية النائب جهاد الصمد يكشف لـ”النهار” عن رغبة تعتمل عند “الأفندي” في إنضاج فعل ما يكون من طبيعة استثنائية.

وكعادته لا يشطح الصمد في توقعاته وآماله، فهو يعرف تماماً الحدود والسدود في الساحة السنّية التي اختلطت فيها الأوراق بعد انكفاء الرئيس سعد الحريري وتياره عن الفعل، علماً بأنه (الصمد) ما برح مقيماً على اقتناع فحواه أن هذا الانكفاء لم يقلل من مكانة الحريرية السياسية في الساحة السنية، إذ ما زالت ضمير هذه الساحة.

ومع ذلك، يقول الصمد: “أول من أمس زرت “الأفندي” في دارته مقدّماً له التبريكات وقلت له: لقد أُعيد الحق إلى أصحابه ونصابه وإن تأخّر بعض الوقت بفعل ظروف نعرفها جميعاً، ورغم الانشغال باستقبال المهنئين فاتحته بضرورة أن يعدّ لفعل ما هو مميز في المرحلة المقبلة. وما لبث أن أبدى تجاوباً، فنحن وإياه لسنا رقماً زائداً”.

فعلى المستوى الشمالي، استطرد الصمد: “نحن صرنا كتلة نيابية من ثلاثة نواب مؤلّفة مني ومن “الأفندي” ومن النائب طه ناجي الذي ترشح معنا في لائحة واحدة كما هو معلوم. ولقد أبلغني كرامي بأن النائب الجديد المعلن فوزه (عن المقعد العلوي في طرابلس) سيكون إلى جانبه في استقبال المهنئين وهذا يشي بأن الرجل عازم على التقارب سياسياً معنا.

وأشار إلى أن “استهلال الفعل سيكون على مستوى طرابلس والشمال قبل أن نفكر في الانطلاق في أفق أوسع”.

وعما إن كان في النيّة تكرار تجربة اللقاء التشاوري التي جمعت بعيد الانتخابات ما قبل الأخيرة 6 نواب سنّة من مناطق شتّى، ولكن يجمعهم توجه سياسي واحد؟ أجاب الصمد: “أنا لا أنكر أن تلك التجربة كانت لها إيجابيات في حينه وقد واكبتها وشاركت فيها لفترة، لكنني فارقتها لأسباب معروفة. وباختصار، هي لم تذهب نحو ما كان مرتجى ومأمولاً منها”.

وهل ثمة اتصالات مع النواب السنة الآخرين الذين يصنّفون على أنهم من فريق واحد ولا سيما بعدما صار عددهم تسعة نواب؟ أجاب الصمد: “نحن بطبيعة الحال نتواصل مع هؤلاء الزملاء في إطار العمل المجلسي ولم نتداول معهم فكرة إنشاء إطار سياسي – نيابي بعد، ونحن في هذا الإطار موضوعيون ولا نريد تكبير الحجر”.

Leave A Reply