الشيخ طارق اللحام : بلادنا بحاجة إلى نشر ثقافة الوسطية والاعتدال

مواكبة لنشاطات حملة “أزهريون ضد التطرف التي أطلقتها المنظمة العالمية لخريجي الأزهر، كان لموقع takarir.net مقابلة للإطلالة على الحراك العلمائي والازهري والذي يقوم به رئيس الرابطة العالمية لقدامى وطلاب الأزهر في لبنان الأستاذ الجامعي الشيخ الدكتور طارق اللحام للحديث عن هذا الموضوع وأهميته خاصة في هذا الوقت.

وهذا نص المقابلة كاملة مع الشيخ اللحام:

* فضيلة الشيخ لو تحدثنا عن حملة “أزهريون ضد التطرف” وعن مشاركتكم في هذه الحملة؟
-ىحملة “أزهريون ضد التطرف” أطلقتها في الآونة الأخيرة المنظمة العالمية لخريجي الأزهر سعيًا لتوعية المجتمع واطلاعه على أسباب التطرف والتحذير من مخاطره التي تفتك بالبلاد والعباد، وقد شارك في هذه الحملة ولله الحمد أيضًا غير الأزهريين من الغيارى على دينهم المحبين الخير للناس. ونحن في الرابطة العالمية لقدامى وطلاب الأزهر في لبنان شاركنا في هذه الحملة بعدة طرق، فبلادنا ومجتمعاتنا بحاجة إلى نشر ثقافة الوسطية والاعتدال. مع الإشارة إلى أن حملاتنا ضد التطرف قديمة فما فتئنا نتكلم على التطرف ونحذر منه وندعو إلى الاعتدال والوسطية، وفيما يتعلق بهذه الحملة قد كان لنا والحمد لله عدة نشاطات في هذا الصدد وسأذكرها على سبيل الإجمال:
أولًا: المشاركة الإعلامية حيث قمنا بنشر المفاهيم الصحيحة وبيان ماهية التطرف والتحذير منه وكيفية علاجه عبر وسائل التواصل الاجتماعي بفيديوهات قصيرة منها “سلسلة صلاح المواطن” نشرت فيها توجيهات كيف تكون مواطنًا نافعًا في مجتمعك، وقمنا بتعميم منشورات و”بوستات” تحت هذا العنوان.
ثانيًا: خطب الجمعة فقد قمنا بإلقاء خطب في عدد من مساجد لبنان تناولت الكلام أيضًا عن موضوع التطرف وأسبابه ومخاطره وعلاجه.

ثالثًا: لم يتوقف الأمر هنا بل كان لنا ممارسات ونشاطات عملية في المدارس والجامعات ونظمنا مسابقات في عدد من المدارس والثانويات. كما أقمنا ندوات في الثانويات والجامعات حضرها طلاب وأساتذة وتناولنا فيها الموضوع عبر شرح لكتابي “رحلة التطرف من التكفير إلى التفجير” وهو كتاب ألفته منذ سنوات وانتشر صيته وترجم إلى عدة لغات وطبعت منه آلاف النسخ ووزعت على المشايخ والدعاة وعامة الناس.
وشاركنا أيضًا في معرض الكتاب في صور وقمنا بتوزيع الكتاب مع شرح لبعض الزائرين عن هذه الحملة.

* ما هي أسباب التطرف وانتشاره؟
-الحقيقة أن السبب ليس شيئًا واحدًا فللتطرف أسباب متعددة، فهناك أسباب ثقافية ونفسية وتاريخية وسياسية وهي متشابكة متداخلة فلا ينبغي إغفال أي سبب.
أما الأسباب الدينية فمنها:
1. عدم الفهم الصحيح للدين الإسلامي الحنيف ومبادئه وأحكامه.
2. الفشل في شرح الأحكام الشرعية ونشرها في المجتمع.
3. غياب الدور العلمي المطلوب عند بعض المشايخ لدحض الفكر المتطرف ومناقشة الجوانب التي تؤدي إلى التطرف في الرأي.
وأما الأسباب الاجتماعية فهي أيضًا عديدة ومنها:
1. شيوع القهر والقمع بدلًا من الطمأنينة والحوار المفيد البنّاء سواء على مستوى الأسرة أو المدرسة أو المجتمع أو الدولة. ويكون رد الفعل أحيانًا صورة تمرد عنيف من جانب الشباب.
2. التفكك الأسري الذي ينشأ نتيجة الطلاق والإهمال وانشغال الأب وغياب الأم عن رعاية الأبناء وتدبير أمورهم.
3. الاضمحلال الثقافي والسطحية بين الكثير من حاملي الشهادات المتوسطة والعليا.
وأما الأسباب السياسية فلها أثر كبير في هذا التطرف ومنها:
1. تمويل بعض الجهات الأجنبية للمتطرفين ودعمهم بهدف المساس بالاستقرار الداخلي للدول العربية والإسلامية.
2. تنفير الناس من الإسلام واستعمال وسائل الإعلام في سبيل هذا الهدف.
* ما هي أبرز المسائل التي يخالف فيها المتطرفون ؟

– المسائل التي يخالف فيها المتطرفون كثيرة لكن من أشهرها وأظهرها أثرًا في التطرف:
أولًا: مسألة الحزب المسمى بحزب الإخوان المسلمين بقولهم بتكفير الحاكم الذي يحكم ولو في حكم واحد بغير حكم الشرع، وقولهم بتكفير الرعية التي لم تقم بثورة على هذا الحاكم رضوا بذلك أم لم يرضوا مستدلين بزعمهم ببعض آيات قرآنية فسروها على غير معناها. فالنتيجة التي يصلون إليها هي تكفير شمولي يستحلون بها دماء المسلمين وأعراضهم فنشهد التفجيرات وإراقة دماء الأبرياء وغيرها من مظاهر التطرف تحت ستار الإسلام.
ثانيًا: مسألة الوهابية القائلين بتكفير المتبركين والمتوسلين بالأنبياء والصالحين والمحتفلين بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وهم بزعمهم مشركون يعبدون غير الله. أي أن الوهابية يستعملون التكفير الشمولي فالمسلمون يتبركون بقبور الأنبياء والصالحين ويتوسلون بهم ويحتفلون بمولد الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم قديمًا وحديثًا.
ثالثًا: مسألة نصب الخلافة على الطريقة التي ينادي بها حزب التحرير وأنه من لم يبايع من هم عيّنوه يكون كافرًا ولو مات تكون ميتته ميتة جاهلية بزعمهم. وهم يتوصلون إلى تكفير المؤمنين وينجم عن هذا الفكر الإرهاب والأذى.
ولا شك أن أمر الخلافة أمر يحبه كل مسلم لكن من يقدر الآن على نصب خليفة؟!
فكما ترى جعلت هذه الفرق الثلاثة قواعد ما أنزل الله بها من سلطان ليصلوا بها إلى تكفير الناس ومن ثمَّ استباحة دمائهم وغير ذلك من أعمال التطرف.
ولا يقف الأمر هنا فمسائل التطرف لا تنحصر هنا لكن وقفت على أشهرها وأظهرها ضررًا.
* ما هو الحل برأيكم؟
– كما قلنا للتطرف أسباب عديدة والحل هو نشر التعاليم السليمة والثقافة المستنيرة. الحل لا يكون ولن يتم إلا بتعلّم علم الدين فبعلم الدين يميز الإنسان بين الحق والباطل والحسن والقبيح، فنشر المفاهيم الإسلامية الصحيحة بين الصغير والكبير الرجال والنساء هو الحل الأنجح، فبه الخلاص من فساد التطرف.

* ما دور المشايخ الدعاة في علاج التطرف؟
– تقع على عاتقهم مسؤولية كبيرة فهم القدوة فينبغي عليهم إيلاء اهتمام كبير في التحذير من التطرف وبيان ديننا الحنيف في خطبهم في دروسهم الخاصة ودروسهم العامة ولا سيما على محطات التلفاز وعلى وسائل التواصل الاجتماعي. بل وأيضًا تقع مسؤولية كبيرة على المعلمين والمعلمات في المدارس والثانويات والجامعات فهم في نظر طلابهم القدوة فلا ينبغي أن يتركوا طلابهم دون تحذير فيكونوا بعد ذلك فريسة سهلة للفرق المتطرفة.

* كلمة اخيرة؟
– ينبغي على كل فرد قادر من أفراد هذا المجتمع أن يكون له يد في هذه التوعية من هذا التطرف ببيان أسبابه ومخاطره وعلاجه. الآباء والأمهات في البيوت، المعلمون والمعلمات في المدارس والثانويات، الدكاترة في الجامعات وغيرهم بإقامة المحاضرات والندوات، والشيوخ في المساجد في دروسهم العامة والخاصة ولا سيما خطب الجمعة، الإعلاميون في وسائل التواصل. فبذلك يعرف الحق وأهله ويفرّق بينه وبين الباطل وأهله.

Leave A Reply